صحيفة المثقف

الشيعة: قرار مسلوب ورئاسة مكذوبة

طارق الكنانيالمتابع للعملية السياسية يرى في المنظار العام هيمنة الاطراف الشيعية على العملية السياسية برمتها فهم يرون ان كل القرارات تصدر عن الكتل الشيعية وتمرر من خلال مجلس النواب، كما تنسب حالات الفشل الحكومي والتردي للشيعة دون سواهم دون ذكر ادوار الكتل السياسية الاخرى من السنّة والاكراد، وربما يكون هذا الرأي فيه قليل من الصحة او شيء قليل من الحقيقة، والحقيقة ان دور الكتل الشيعية والقرار السياسي لديها مسلوب تماما فهي لم تلعب أي دور حكومي حقيقي فهي قد تنازلت عن دورها الى اطراف خارجية وتحديدا الى ايران فالأطراف السياسية الاخرى فهمت اللعبة فالأكراد عرفوها مبكرا وذهبوا للتفاوض مع ايران مباشرة  اما السنة فعرفوها مؤخرا وايضا ذهبوا الى هناك يفرضون شروطهم .

سيقول البعض ان هذا الرأي عار عن الصحة والمصداقية وينقصه الدليل،  مراجعة بسيطة للحكومات المتعاقبة  ترى الدور الكردي المائز في تشكيل الحكومات فهم قد افشلوا ترشيح الجعفري وسجلوا اعتراضهم عليه وهم من منح المالكي فرصة ثانية بعد ان وقع لهم تنازلات كبيرة وحين اراد نقضها حدث ما حدث  في حزيران عام 2014 وتم افشال الحكومة الثالثة للمالكي .

لقد كان لحكومة العبادي الدور الكبير في تحجيم الدور الكردي المشبوه في عملية تقسيم العراق من خلال اجراءات وقائية بسيطة تمكن من اسقاط هذه المؤامرة الكبرى التي قادها البرزاني بعد ان قضى على مؤامرة دخول داعش واحتلالها نصف الاراضي العراقية مع تخطي الأزمة الاقتصادية، وكان هذا دافعا كبيرا للأكراد للحيلولة دون فوز العبادي في دورة اخرى من خلال وضع العصى بالدولاب وتقديم عادل عبد المهدي كبديل عن حكومة العبادي ولم تستطع الاحزاب الشيعية من تمرير أي مرشح عدا الشخصية التي اتفق عليها الاكراد وهم بالتالي حققوا منجزات كبيرة وحسب اعترافهم في ظل حكومته الهزيلة،  مما الهب الشارع العراقي وكانت انتفاضة تشرين الاول، لم يكن رد الفعل الوطني مستغربا في الشارع العراقي وكان اول من تصدى لهذه الانتفاضة هو ضابط كردي مستخدما القناصات في قمع الانتفاضة . لقد حاول الشيعة وبأوامر ايرانية واضحة ان يقلصوا التواجد الأمريكي في العراقي وهكذا اجتمعوا في البرلمان الذي خلا من الاكراد ولم يحضر من السنة  سوى اثنين فقط وهم رئيس البرلمان والشيخ الجربا واستصدروا قرار بالأغلبية ولكنه بقي حبرا على ورق بل تعمدت الاطراف الاخرى في ان تقدم التسهيلات اللازمة للأمريكان في التواجد في قواعد عراقية في الشمال والمنطقة الغربية تحديا للقرار الشيعي (كما وصفه رئيس البرلمان)، ولا اخفي سرا ان القرار كان ردة فعل بائسة من قبل الكتل الشيعية وبتوجيه ايراني مباشر.

لم يتمكن البيت الشيعي من لملمة اوراقه والقيام بواجباته تجاه شارعه الشعبي بل كما هي العادة اسلم الامور للجانب الايراني الذي بدأ بمعالجة المتظاهرين الثوار بالغاز المحرم دوليا و القناصات والسكاكين والاغتيالات وكل وسائل القمع التي استخدمتها ايران لقمع الانتفاضة الشعبية فيها .ومن جانبها الكتل السنية والكردية تنفست الصعداء وبدأت تتغير خطاباتها السياسية حيث قالت ان هذا الصراع هو شيعي،  شيعي ولا يعنينا وعلى الشيعة اقناع شارعهم ولكنهم في نفس الوقت حين اختار الشيعة مكلفا لرئاسة الوزراء اعترض الجانب الكردي والسني على هذا التكليف لأنه لم يقدم لهم ما اطلقوا عليه مكتسباتهم في ظل حكومة القناصين .

لقد تشظى البيت الشيعي الذي اسس له الجلبي ولم يستطع احد من لم الشمل بالرغم من زيارة شامخاني وقااني وتوصيات روحاني وخامنئي  وغيرهم من قادة ايران فغياب سليماني ترك هذه القيادات الشيعية بلا راع ولا قرار مما اتاح لرئيس الجمهورية وبقية الكتل السياسية من فرض ارادتهم على المكون الشيعي واختيار مكلف اخر بعد ان افشلوا المكلف الأول، ولم يستطع الشيعة بكل قوتهم ان يفرضوا ارادتهم في اختيار رئيس مجلس الوزراء، بل اخذت بعض الكتل السنية والكردية المطالبة باقتسام الصلاحيات بين رئاسة الوزراء ورئيس الدولة خلافا للدستور الذي كتبوه بأنفسهم .

لقد فشلت القيادات الشيعية ان تكون ممثلا عن الشارع الشيعي فمدنهم غارقة بالفوضى والتخلف وانهيار تام للبنى التحتية، وهم من دفع فاتورة  الدماء الكبرى في طرد داعش عشرات الالاف من الشهداء والجرحى والمعاقين وهم من دفع الفاتورة نفسها في الانتفاضة الشعبية مئات الشهداء والاف الجرحى والمعاقين وهم من يدفع الان فاتورة جائحة كورونا . فأكذوبة حكم الشيعة باتت حكاية مضحكة ومسلية للأطفال يتندرون بها على مدى اجيال قادمة وستصلح بديلا عن حكاية (ليلى والذئب) وستحكها الجدات حينذاك للأحفاد شأنها شأن خرافة (الطنطل والسعلوة) عن قوم كان يدعون بالشيعة سكنوا العراق في سالف العصر والزمان واتاح لهم القدر حكم بلاد الرافدين إلا انهم اضاعوها بغباء ساستهم .

 

طارق الكناني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم