صحيفة المثقف

لمحات من التاريخ

عقيل العبودسمعت صديقي معلم الإبتدائية يردد ذات يوم من أيام السبعينات، وفي العام ١٩٧٦ على وجه التحديد بعض ابيات قالها النواب، ومطلعها: تعب الطين سيرحل هذا الطين قريبا تعب الطين.

والقرينة هنا تشير الى تمرد صاحبي، وتفكيره بمغادرة الوطن.

انذاك الاعتقالات كانت على أوجها، لتنال الشيوعيين والاسلاميين، وجميع من لا ينتمي الى حزب البعث.

الأيام مضت والتصفيات استمرت تباعا في زمن البعثيين منذ ذلك الحين، وتفاقمت بعد تنازل البكر، وحكم الطاغية.

الكثير من الأصدقاء هموا لطلب الهروب والهجرة واللجوء الى دول اوربا وعن طريق الشمال تحديدا، ومن ضمنهم عاشق الابيات ومرددها ذلك الذي بقيت ذكراه محفورة في القلب.

الأيام كانت مليئة بالخوف والمخاطر والأحزان، حتى ان البعض هَمّ بالإنتحار.

لقد بقي كلامه ذلك الرجل يرن في مسامعي حتى العام ١٩٧٩ عندما كنت طالبا في الجامعة المستنصرية، ابان تصاعد حملات الاعتقالات الأمنية التي طالت معظم ابناء المدن، خاصة ابناء الجنوب، حيث كنا نستقبل بعضهم ونأويهم حماية لهم من بطش السلطة في الغرف التي كنا نستأجرها في بغداد.

المهم بقيت أبواب الشمال مفتوحة وبقي شعر النواب حيا ينبض بالحياة.

وتلك بداية لعهد مأساوي جديد سالت فيه دماء الأبرياء سواء على مستوى البطش المخابراتي وملاحقات السلطة الدموية، اوعلى مستوى الحروب المتوالية مذ حرب إيران ١٩٨٠ وانتهاء بانتفاضة الشعب بعد غزو الكويت ابان التسعينيات.

المهم انها حقبة استمرت وعاشها وشهدها الشعب العراقي، حيث تصاعد بعدها بطش السلطة الحاكمة عندما استعادت  عافيتها بعد قمع الانتفاضة ١٩٩١.

وبقي الشعب يبحث عن حل حتى العام ٢٠٠٣ حيث كان سقوط بغداد وبداية عهد ما يسمى (بالديمقراطية).

تلك التي تحت عنوانها وتحت مسميات وعناوين من ضمنها محبة أهل البيت، تم حكم العراق.

حتى انبرى العامة ودون تردد للاشتراك فيما سموه (بالعرس الانتخابي)، وقد شمل ذلك ابناء الجالية العراقية في الخارج.

ولايات متعددة من دول اللجوء تم تضليل الجاليات العراقية فيها عبر اكذوبة تم اختراعها من قبلهم وهي (مباركة فتوى السيد السيستاني).

وراح احدهم يروج بان (اليد التي تنتخب ستكون شاهدا يوم القيامة)، وذلك طبعا ابتداء، شعار تم تسويقه تحت عنوان (المرجعية تدعم القائمة 555).

وهكذا كانت المصيدة، لقد تم اصطياد الشعب العراقي في مقصلة هؤلاء الذين افتوا بإسم ما يسمى بقائمة الائتلاف، مع قوائم اخرى ومسميات اخرى، ليقودوا الشعب الذي تعرض الى بطش النظام الدكتاتوري ذات يوم الى مهلكة اخرى جديدة.

وبذلك تم تقاسم ثروات الشعب وتجويعه وتعطيل مؤسساته بعد تخريبها من قبلهم هؤلاء الذين يحكمون الان بقوة البطش والسلاح.

 

عقيل العبود

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم