صحيفة المثقف

يا عطر نعناع

ذكرى لعيبينصوص خارج السرب (11)

اشتياقي لك أخطر من كورونا

بعدكَ لا شيء يستحق الحياة، كنتُ أقولها دون أن أصدق هناك " بعدكَ"!

لا أعلم أين روحي الآن

لا أعلم كيف حال العالم الآن

هل الصباحات كما هي غارقة بصوت فيروز "أنا لحبيبي"؟

هل المساءات تنبض بالسهر والأضواء وقُبلات العشاق؟

وأنتَ.. هل مازلت تقود عمركَ وتجوب شوارع المدينة ومعك " چا وين اهلنا" ، ويتبع ظلك سلمان المنكوب بـ" اذكر تعبنا"

هل مازالت " حبوبتك" تناديك يا " جاسي" ؟ وأنا أيضاً أتساءل: لماذا أنتَ قاسٍ؟

ذات شباب .. بحثتُ عن وطني في عينيك، قلتَ لي: هما مسكنكِ، لكنكَ غبتَ، فغابَ الوطن

هذه الليلة ضاق بي العمر، تعثرتُ بسواقي الزمن، فتعلقتُ بشريطٍ من الذاكرة، الشريط الذي لمْ يصادق صور الراحلين، كان شريط ضفيرتي.

" جيت لاهل الهوى" وأنتَ أتيت، ولم تأتِ!

تسلّـقتُ النهر، وجدتـكَ تحرث مجراه.

" كورونا" تجتاحُ العالم ، لم تمسكها الحدود، ولن تعرف الألوان، تتحدّى الإنسانية المهزومة، وتتهشّم أمام بياض الله!

أنتَ تجتاح حنيني، أيضاً لم تمسك ظلك الحدود، لكن حين أذكر خذلانك، أراك تتهشم أمام بياض روحي.

" كورونا" اسقطَ أقنعة الهيبة الزائفة، والشعارات الجوفاء، وجعل العالم يتقلص إلى جثّة منبوذة!

أنتَ مساحتك بقلبي بدأت تضيق، كلما اتّسع العمر

طالما اعتقدتُ أن أعوامي عقيمة، لأنها لم تنجب ما يشبهك، طالما بحثتُ عن مدنٍ تنسيني إياك، فأجدك كلّ العواصم .. الآن لن أبحث، فالمطارات تعطـّلت، الحدود أغلقت، الحياة تنزف وجع الندم..

هل أكذب لأقول: الآن أنا أقوى من أن أبحث عن رجلٍ يجهل كم أحبّهُ.

هل أكذب لأقول:الآن لن أنتظر رضاك، لن أنتظر رسالة تخبرني بها أنـّك ستأتي ، ثم تعتذر بـ " فاتت سنين"

لن نلتقي أبداً.. لن نفترق أبداً..

شيء ما بيننا انكسر، شيء بداخلنا ذبل ومات، شيء كنّا نسمّيه أمل..

جرح لن يندمل..

" يدمعة عين طاحت وشيردها اردود"

وأنا أتابع خارطة انتشار " الوباء" تخيّـلتُ نفسي مريضة، حائرة النفس، كاسفةُ الروح، ميتةُ الهوى، خامدة الصوت، لا ينبعث من داخلي سوى أنين، لا أشتهي القهوة، ولا أتذوّق الوقت، ولا أنظر إلى الدنيا إلا بعينين زاهدتين، لكنهما ترقبان حضورك..

ألم تتابع الأخبار مثلي؟ ألم تتعوّذ من هذا الغياب لتعود؟ ألم تستغفر من الرحيل فتفرغُ حقائبك؟

شوقي ثائر، لم تكسر حدّته " جائحة"

ورغبتي في أن أفرح مجنونة، لن تمسكها " حمّى"

خطوتي لأن ألقاك تتقدّم ، لن تتعثّـر وتسقط بخيبة "فايروس".

 انزعْ عنك أخيلتك الوهمية، وانظر بعينيكَ لون الحياة..

كل ما بيك يحبَيّب أحبنّه

وأگولن يا تمر گنطار

يا سنبلة امن الجنه

شگلّك يا عطر نعناع

وين تريد اروح وياك

عليَّ شتريد تتمنه

يصفصافه ويماي الهور

يا انفاس بيّه اتدور

يل عطرك مسچ وبخور

أشمّنك واشمنّه

قلبي الذي جَرحته الأيام والأحوال، ولم يتبقّ من مسراته إلا القليل الثمل بالذكرى والتذكر، يسمو إلى الوجد..

يسمو إليك.

***

ذكرى لعيبي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم