صحيفة المثقف

لنْ أفتحَ للرِّيحِ نافذةَ البَّحر

عبد الجبار الجبوريتخذلني القصيدة، لكنّني أستظل بفيئِها، تَحنُو إليَّ كُلمّا دَاهمَني الليلُ، وأرهقَني التِرَّحالُ، فأجلسُ أمامَها كطفلٍ أضاعَ لعبتَه، وجاءَ يَسأل البحرَ عنها، للبَّحرِ أسرارٌ وعرسُ غيمةٍ، وللرِّيحِ حزنٌ، لايدركُهُ إلاّ اللّيل، إنّي لأفتحُ للبحرعَينيّ ولا أجدْها، ماللبّحرِ يخْفي عَنّي أسرارَهُ، وأنا المُتيّمُ فيهِ وفيها، مالي لا أرى في الأفقِ نَجْمَتي، ولا في الحُلْمِ طيفاً لها، لمْ يتُمَّ عليّ نعمَتهُ البحر، ودائماً يخذُلنُي مَوجُه، كمْ أنتَ جاحدٌ وبليدٌ أيُّها البَحرُ، وكمْ أناساذج حين سلمتُكَ أسراَرَ عواصفي، شاختْ على بابكِ قصائدي، ولم يشخْ قمرُها، الطالعُ من بين نِهدَي قصيدتِها، يا قمراً تتبّاهى بطلْعتهِ الأقمارُ، مرةً، همستُ بأُذنِ البرقِ، لنْ أفتحَ للرِّيحِ نافذةَ البّحر، كي لا يسرق زرقته الليل، ها أنا أُلملّم شُتاتِ بعَضي، بَعضِي الذي مزقّتهُ رِياحُ السُّهدِ، ورياحُ البُعدِ، أنت ياشهقة قلبي، ودمعة حرفي، هذا وجهي آتٍ من جلجلة الله، وأنا ظل الله بأرض الملكوت، شُوفي وجعي إتكأ على غصنِ صباحكِ، شُوفي قصائدي بعدكِ ترمّلّتْ، وصارتْ رماداً للفصول، لم تعد العصافير تزقزق على نافذتي، المطرُ لم يَهطلْ على شفاهكِ مُنذ ألفِ عام، الليّلُ نامَ ولمْ ينمْ، مذ غادرَه النوّمُ، وإشتكتْ وردةُ الشِّفاهِ مِن الظّمأ، لهذا لنْ أفتحَ بعدكِ للرِّيحِ نافذةَ البحَّر، لنْ أقبّلَ غيرَ شفاهِ البذَحر، وأركضُ خلف سرابٍ إسمهُ المَدى...

***

عبد الجبار الجبوري - الموصل

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم