صحيفة المثقف

كفرَتْ بوردتِها الفراشةُ

يحيى السماويقـصـيـدتـان (*)

 


 

(1) مـوعـظـة الـفـراشـة

كـفـرَتْ بـوردتِـهـا الـفـراشـةُ

عـنـدمـا

رأتِ الـكـثـيـرَ مـن الـزهـورِ عـلـى الـجـدارْ

*

طـارتْ

الـى حـيـثُ الـزهـورُ / الـلـوحـةُ الـزيـتـيـةُ الألـوانِ ..

شَــجَّ جـنـاحَـهـا خَـشَـبُ الإطـارْ

*

قـالـتْ

سـأرجـعُ لارتـشـافِ رحـيـقِ وردتـيَ الـحـقـيـقـةِ

غـيـرَ أنَّ جـنـاحَـهــا

مـا عـادَ يـمـتـلـكُ الـقـرارْ

*

أهـيَ الـضـحـيَّـةُ؟

أمْ عـدوةُ نـفـسِــهــا؟

مَـرَّ الـضـحـى ومـضـى الـغـروبُ ونـامَ لـيـلٌ

واســتـفـاقَ الـفـجـرُ وانـتـصَـفَ الـنـهـارْ

*

والـلـوحـةُ الـزيـتـيـةُ الألـوانِ تـمـسـكُ بـالـفـراشــةِ  ..

وحـدَهـا بـقـيـتْ تـضـوعُ الـعـطـرَ وردتُـهـا الـحـقـيـقـةُ ..

ربـمـا سَــتـمـوتُ مـن عـطـشٍ ومـن جـوعٍ بـمـعـقـلِـهـا ـ الـفـراشــةُ ـ

وهْـيَ تـنـظـرُ نـحـوَ وردتِـهـا الـحـقـيـقـةِ

تـسـتـغـيـثُ ـ ولاتَ حـيـنَ نـدامـةٍ ـ

فـالـوهـمُ لـيـسَ يُـجـيـدُ حَـلاًّ بـيـن أحـطـابٍ ونـارْ

***

مُـتـوضِّـئـاً بـهـدى الـفـؤادِ

مُـخَـضَّـبـاً بـتـبـتُّـلـي والإقـحـوانِ

مُـيَـمِّـمـاً روحـي الـى ربِّ الـفـراشـةِ والــورودِ

ومـقـلـتـي نـحـو الـيـقـيـنِ ..

سَـجَـدتُ ..

وارتـبَـكـتْ خـيـولُ هـواجـسـي

فـســقـطـتُ مـغـشـيـاً عـلـى وردِ الـحـقـيـقـةِ

أسـتـغـيـثُ مـن الـظـنـونِ

ومـن رَحـى أمـسـي الـمـوزَّعِ

بـيـن أشــواكٍ وزهــرِ الـجُـلَّـنـارْ

*

مـا مُــنــقــذي مـنـي ســوايَ ..

أنـا عـدوّي لـو جـنـحـتُ عـن الـيـقـيـنِ

ولـيـس غـيـري مَـنْ يـقـيـنـي شــرَّ نـفـسـي مِـنْ غـوايــتِـهـا

ولا غـيـري يـقـودُ خـطـايَ نـحـو جـنـانِ فـردوسٍ ..

ونـحـوَ جـحـيـمِ نـارْ  ..

***

السماوة 25/3/2020

.................

(2) رحـلـة فـي زورق الـقـيـلـولـة

ظـهـيـرةَ الـيـومِ اشــتـكـانـي تَـعَـبـي مـنـي

فـقـالَ سـاخِـطَ الـلـوْمِ  :

أمـا تَـعِـبـتَ مـن نـديـمِـكَ الـتـعَـبْ؟

*

أشَـحْـتُ عـنـهُ يـقـظـتـي  ..

رَمَـيْـتُـنـي فـوق سـريـري جُـثَّـةً نـابـضـةً  ..

تـحَـوّلَ الـسـريـرُ نـهــراً  ..

فـعَـبَـرتُ الـشـطَّ نـحـو الـضِّـفَـةِ الأخـرى سـريـعـاً خـائِـفـاً

بـزورقٍ كـأنـهُ مـن شَـجَـرِ الـصـفـصـافِ

أو مـن حِـزَمِ الـقَـصَـبْ

*

ربـطـتُ زورقـي الـى شُـجَـيـرةٍ مـن جِـهـةِ الـقِـشـلـةِ عـنـد الـجُـرفِ (**)

رتَّـبـتُ قـمـيـصـي

ومَـشـيـتُ فـي زقـاقٍ لـم أكـنْ مَـشَـيْـتُـهُ

وجـدتـنـي أعـبـرُ ســورَ بـابـكِ الـخـشـبْ

*

مُـحـاذراً  نـاطـورَ بـسـتـانِـكَ أنْ يـعـرفَ أنـنـي الـذي

يـسـرقُ كـلَّ لـيـلـةٍ صـحـنـاً مـن الـتـوتِ

وعـنـقوداً مـن الـعِـنـبْ

*

دخـلـتُ كـالـلـصِّ الـى بـيـتـكِ أمـشـي حـافـيـاً

رأيـتُ ما رأيـتُ فـي خِـدرِكِ:

عـشـتـارَ  بِـمِـشـطٍ   تَــنـسِــلُ الـذهَــبْ

*

جـديـلـةً  تـمـتـدُّ مـن قِـمَّـةِ رأسِــكِ الـطـفـولـيِّ

فَـوادي الـتـيـنِ والـتـفـاحِ فـي صـدركِ

حـتـى  روضَـةِ الـفِـضَّـةِ فـي الـرُّكَـبْ

*

وجـدتُـنـي مُـحـتـرِقـاً

ولـيـسَ مـن لـهـبْ

*

غـيـرَ  نـدىً  أشــعَـلـنـي   ..

أردتُ أنْ ......؟

لـكـنَّ صـوتَ سـاعـةِ الـتـنـبـيـهِ قـد أيـقـظـنـي

وكـان وقـتُ الـعـصـرِ مـن صَـومـعـتـي  اقـتـربْ

*

فـعـدتُ أعـدو وأنـا فـوق ســريـري

هـاربـاً مـن تَـعَــبـي ..

وعـنـدمـا  تـعـبـتُ مـن ركـضـي ولا وســيـلــةٌ  تـفـضـي

الـى الـهَـرَبْ

*

ألـقـى عـلـيَّ الـقـبـضَ بـعـد رحـلـةٍ قـصـيـرةٍ  سـجّـانـيَ:

الــتَـعَــبْ

***

يحيى السماوي

السماوة 3/4/2020

(*) من مجموعتي الجديدة المعدة للطباعة والنشر (التحليق بأجنحة من خشب )

(**) القشلة: منطقة من مناطق السماوة ـ يطلق عليها أحيانا اسم " الصوب الصغير " .

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم