صحيفة المثقف

فكرة الإجتهاد قسّمتهم إلى أجنحة متصارعة

علجية عيشبعض ما مَرَّ به الشيعة من صراعات بعد غيبة إمام زمانهم

هذا ما جاء في كتاب الأستاذ حسين علي الطفيلي خادم أهل البيت بعنوان: "بين وصيتين" وصلتني نسخة منه بصيغة الـ: pdf، وهو عبارة عن دراسة استدلالية لمسار أهل البيت وما مرّ به الشيعة من صراعات بعد غيبة إمام زمانهم وتشتت كلمتهم وابتعادهم عن منهج المعصومين، مقدما فيه وصاياهم أي وصايا المعصومين، معتمدا على أحاديث كبار فقهاء الشيعة، وبيّن صاحب الدراسة أسباب انقسام الشيعة إلى جناحين، جناح محافظ إلى درجة التعصّب وجناح موالي للمخالفين، وقال أن الأسباب تعود إلى اختلاط فقهاء الشيعة بمدارس المخالفين وتداول طريقتهم، ومن هنا ظهرت مدرسة الرأي والإجتهاد تظهر على الساحة الشيعية ، يقول صاحب الكتاب أن فقهاء الإمامية انحرفوا بعد انفتاحهم على فقهاء المخالفين، فساروا خلفهم وتأثروا بمناهجهم، ويقصد بالمخالفين أهل السنة كالغزالي ، محمد عبده، سيد قطب، القرطبي وابن عربي وغيرهم.

 ويوضح الكاتب مدى اختلاف علماء الشيعة في تفسير معاني القرآن كما هو مذكور في سورة النبأ، فمنهم من قال أن النبأ يعني يوم القيامة، وقال البعض أنه القرآن، وآخرون اعتبروها إشارة إلى أصول الدين من التوحيد حتى المعاد، في حين رأى بعض الشيعة أن المراد بالنبأ هو الولاية والإمامية، واستدلوا ببعض الأحاديث عن أبي الحسن بن موسى الرضى، أن النبي قال لعلي: يا علي أنت جنة الله وأنت الطريق إلى الله وأنت "النبأ العظيم" وأنت الصراط المستقيم، وأنت إمام المسلمين وأمير المؤمنين..إلى أن قال: يا علي أنت خليفتي على أمّتي، فمن نتائج هذا الإنفتاح على المدرسة السنية هو فتح باب "الإجتهاد" من قبل فقهاء الشيعة وهو المرادف للرأي أو القياس، إلا أن بعض أئمة الشيعة كانوا يعارضون فكرة الإجتهاد ليبطلون القياس والإستحسان بعدما وصفوا القياس بأنه مِكْرُوب خفي، ومنهم عبد الله بن عبد الرحمن الزبيري.

 استمرت المعارضة من عصر الأئمة حتى القرن السابع الهجري، حيث تغير مفهوم الإجتهاد إلى مفهوم أوسع حتى يكون الإجماع، لكن هذه النقاشات أحدثت جدلا حول إذا ما كان الإجماع يتحقق في زمن الغيبة الكبرى، وقيل أنه متعذر لتعذر ظهور الإمام الثاني عشر، فيما ذهب البعض ببطلان الإجتهاد كما ذهب في ذلك السيد المرتضى، فقد كانت وجهة نظره أن الإمامية لا يجوز عندهم العمل بالظن ولا الرأي ولا الإجتهاد، كما يلفت الكتاب إلى تأثر بعض الشيعة بالصوفية تحت مسمى العرفان والسلوك، حيث صارت هذه الفرق الشيعية تعقد حلقات للدرس في اروقة الحوزات الشيعية لدراسة كتب التصوف مثل كتاب الفتوحات المكية لإبن عربي الناصبي، وقد لقي كتابه تهافت فقهاء الشيعة، الذين انتقدوا بالمقابل الإمام الخميني الذي سارعلى نهج الحلاّج وصرح بالقول: أنا الحق وهذا يعني انه الله، فتعرض لمواجهات عنيفة إلى حد تكفيره واتهامه بالكفر والزندقة .

و المعروف عن ابن عربي كمثال أنه مالكي المذهب، هاجر من الأندلس إلى الشام وسكن فيها، وكان من أبرز المخالفين لأهل البيت، ويقول بضلالة الشيعة عموما والإمامية بالخصوص، الغريب ان فقهاء الشيعة وعلمائها أغرموا بالكتاب رغم ما ورد فيه من انتقادات تكاد أن تتحول إلى شتم، فعلي سبيل المثال يصف الروافض من الشيعة بالخنازير، وينسب فضائل أهل البيت إلى غيرهم، كما أنه ادّعى انه رأى الله في المنام وأن دعاه إلى نصح العباد، وكأنه يعلن "النبوة" أو أنه خليفة موسى في الأرض، وأعلن أنه لا يؤمن بأهل البيت، بالمقابل كان موقف أهل البيت تحريم الفلسفة والتصوّف من خلال أحاديث "العترة"، فقد كان أهل البيت يصفون الفرق الصوفية بمخربي قواعد الدين، ولذا وقعت خلافات بين المدارس الشيعية لاسيما مدرسة المحدثين أو كما يسمونهم الإخباريين، ومدرسة الأصوليين التي عدّوها أجنبية عن منهج أهل البيت وأصحابهم، وتأزمت العلاقة أكثر بعد الحرب الكلامية بين أهل الشيعة و"الوهابية" التي هددت الأماكن المقدسة للشيعة في النجف وكربلاء، خاصة بعد ظهور الميرزا محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع الإخباري الذي مثل المدرسة الإخبارية في تلك الفترة، ووصول جعفر كاشف الغطاء إلى منصب الجعفرية الأصولية حيث وصلت الأمور إلى غاية الإغتيال والتصفية الجسدية.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم