صحيفة المثقف

رسالة مفتوحة: تشكيل هيأة الخبراء للفنون التشكيلية

علي حيدر الحساني ساهمت الثقافه والفنون في رفد الدول والشعوب بمقولات وجودها واستمرارها وتطورها والعراق الآن في أمس الحاجة لتعزيزهذا الرافد الحيوي المهم وحسب ماورد في الدستور العراقي بأن الثقافه والفنون تلعب دور مهم في بناء الإنسان العراقي الجديد وثمة إبداعات إنسانية في الفن والأدب وفي مجالات الثقافة العالمية والمعاصرة بشكل عام وفي فنون التشكيل بشكل خاص، قد تمرحلت بالخطاب الفني عبر الحضارات وتمظهرت بأشكال وتكوينات وتقنيات متعددة بتعدد الاتجاهات والأساليب، بفعل تراكمات الفكر الجمالي والفلسفي والمعرفي والعلمي، بحثاً عن المثال (الجوهر)، والتي وجدناها تُخاطب ذاكرة الأجيال بذاكرة البكر فتسيح بذهن التلقي الى منبع الحضارات الإنسانية منذ سومر وبابل وآشور ومروراً بحضارة مصر القديمة وحضارتي الرومان واليونان فالحضارة الإسلامية العريقة ومابعدها الى العصر الحديث والمعاصرية وبمرور الأزمنة والأمكنة تتطور الحياة البشرية بتطور أدوات الانسان وخاماته ومفاهيمه القيمية وتقنياته الفكرية والبصرية والمهارية والمعرفية والفنية، فينتج أعمالاً فنية تحاكي البصر والبصيرة وتمنح البيئة الثقافية والمحيطية قيم جمالية ذات أبعاد معرفية إنسانية وماللفنون التشكيلية من جداريات بانورامية وتماثيل ونصب تذكارية في الساحات العامة إلا مثالاً على إنتاج الجمال وتذوقه بصرياً من الجميع ومؤثر كبير في المتلقي، فإن تم تنصيب احد تلك الأعمال المعاصرة في فضاءات المتاحف العالمية والمحلية وكانت بمستوى رديء جدا ولاتمت بصلة بالفن واصالته ستكون النتيجة سلبية، بل وربما تنتج ذائقة جمالية مزيفة ومشوهة لتاريخ أي بلد، فكيف إذا تم تنصيبها في الفضاءات المفتوحة العامة؟ ربما تكون النتيجة كارثية ! فما نراه اليوم تمظهر بعض التماثيل والنصب التذكارية في الساحات العامة لمحافظات البلاد من قبل بعض المؤسسات الحكومية وغيرها غيرالمتخصصة بالفنون لا من قريب ولا من بعيد فنجدها تزيح وتنصب وتختار دون الرجوع الى المتخصصين وقد سبق أن تصدى لهم الفنانين التشكيليين في أكثر من محفل عندما أرادوا إزالة بعض الاعمال الفنية الكبيرة في بغداد وبقية المحافظات وفي عصرناالحديث برزت بعضها لتفرض وجودها سراً وعدم موافقة من المؤسسات الاكاديمية والثقافية ونقابات الفنانين والجمعيات العراقية الفنية في المحافظات العراقية لتجعلنا امام الامر والواقع وعلى وجه الخصوص ماحصل أخيراً في النجف الاشرف من إنشاء نموذج نحتي في ساحة (ثورة العشرين) يمثل مفردة السيف ! تعبيراً عن شخصية الامام على بن ابي طالب (عليه السلام)، الشخصية الفذة الابية التي استطاعت ان تصوغ للانسانية وللاسلام على وجه الخصوص ابهى اشكال التطلع والتسامح والعدالة والعلم فلايمكن تجسيدشخصيته بمفردة السيف الفقيرة،وكمايعرف العالم بان السيف ومهما ازدان بالزخرف ومهما اشتد بريقه وحجمه لايمثل سوى أداة مكورسة للحرب والقتل بينما نجد أن شخصية الإمام علي أبي طالب (عليه أفضل السلام) تتسم بالمواقف الإنسانية وبالحكمة والموعظة الحسنة والفضيلة والأخلاق الإسلامية وغيرها والتي لاتعدولاتحصى ولاتحد ولاتستقصى،حتى يعدهُ الكثيرمن المفكرين في العالم بانه رجل الحق الذي يمتلك الرؤية الثاقبة والبصيرةالعميقة، فهذاالنصب أساء لنا ولتاريخنا ولتراثنا المعرفي والبصري الذي يحتفي بمسيرة زاخرة بالابداع والمبدعين، من هنا يجب اعادة النظربه وبكل مايأتي بعده من خلال رفعه اولاً وثانياً تكليف المتخصصين في المؤسسات الفنية لبناء حضارة عريقة، لانه لا يرتقي الى شخصية الامام علي (عليه السلام) ولابمدينة النجف الاشرف ولا ببلدنا وابناءه ومامدينة النجف الاشرف إلا إحدى المدن التاريخية العريقة لاسيما بعدولاية الامام علي عليه السلام وجعله للكوفة مقر اللخلافة الاسلامية ومنبعاً للمعارف الاسلامية والتي أخذت حيزا كبيراً من بين جميع مدن العالم ليس لانهامدينة العلم والعلماء فحسب بل ولان فيها كل مؤهلات الحياة الانسانية والحضارية والثقافية ومن الطرازالاول ولذاينبغي مراعاة اهميتهاالحضارية والتاريخية والمجتمعية والاقتصادية والثقافية على محمل الجد، بوصف ان مدينة النجف الاشرف تعدمن كبريات المدن العالمية كمايمكن عدهاقبلة للمسلمين حيث يزورها سنويا الملايين ومن جميع ارجاءالعالم ولذايجب التروي والتأمل قبل انجازاي عمل فني يمكن وضعه في فضاءات المدينة.

اليوم نحن بحاجة لنماذج فنية أصيلة وليس تقليدية او حرفية، تتداخل فيها فنون العمارة والنحت والرسم وجماليات الخط العربي والزخرفة والتصميم وكل ذلك من اجل أن تكون بمثابة رموز معبرة عن الأحداث والشخصيات وبصيغ فنية مبتكرة تتسم بالمواكبة والتطلع نحوالعالم وإستشراف الغد برؤى علمية وموضوعية مستقبلية لتكون علامات ذات خصوصيةعالية لاي مدينة في عراقناالحبيب وعليه يتوجب على المؤسسات الخدمية والبلدية في الدولة الرجوع الى ذوي الاختصاص والكفايات الفنية والعلمية ولتفادي هذا الموضوع في المستقبل نقترح لان يتم تشكيل (هياة خبراء الفنون التشكيلية) على المستوى الوطني وبالتنسيق والتعاون مع الامانة العامة لرئاسة الوزارء والجهات الحكومية ذات العلاقة لرفدهم بالاراء السديدة والمقترحات العلمية والثقافية والفنية.

ونأمل بعد تشكيل (هياة الخبراء للفنون التشكيلية) وتفعيل دورها رسميا تحت غطاء الحكومة المركزية ان تتبنى المقترحات الاتية وتفعلها على ارض الواقع

المقترحات:

1- تخصيص قاعة تشكيلية بمثابة متحف فني دائم مع صالة عرض فنية في كل محافظة.

2- رعاية توثيق النتاجات الفنية والفكرية والدراسات النقدية وطباعتها .

3- توفيرالدعم المادي لـ(نقابة الفنانين، جمعية التشكيلين العراقيين، جمعية الخطاطين العراقيين، مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني المتخصصة في الفنون التشكيلية).

5- توفيرالدعم لمشاريع طلبة كليات الفنون ومعاهدالفنون الجميلة من خلال رعاية المعارض التشكيلية وتوفيرمستلزماتها .

6- استحداث منهج موحد لمادة التربية الفنية في الصفوف الاولية (الابتدائية والثانوية) وجعل هذه المادة درسا اساسيا لتنشئةجيل فني يساهم في بناءعراق معافى وجميل .

7- فتح المجال في الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) في تخصصات الفنون التشكيلية والخط العربي والزخرفة وفنون التصميم ورعاية طباعة الرسائل والاطاريح وجعلها في متناول المكتبات العامة وايدي القراء والمثقفين .

8- استحداث كليات فنون جميلة في الجامعات العراقية التي تفتقر لها.

9- الاستفادة من الكفايات الفنية للفنانين العراقيين المغتربين .

10- عمل جداريات في مطارات العراق والفضاءات العامة في مدن عراقنا الحبيب لتعريف الشعوب الأخرى التي تأتي إلى العراق للاطلاع على فنون وثقافة العراق.

 

علي حيدر الحساني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم