صحيفة المثقف

عِشْتارْ

زهرة الحواشيهَبْ أنني قدْ مِتُّ عشقًا

وأنني قدْ قطفَ الهوى

آخر إشْعاعِ وجودي

وانْتصرْ

ألمْ يمتِ العشّاق قبْليَ حبَّا

ألمْ يُفْنوا زهورَ العمْر بحْثا

عنْ خُلّة النفسِ

عَنْ حبيبٍ منْتظرْ

تسْكنُ الرّوحُ لروحِه

تبوحُ به في نزْوةٍ منْ شبقِ الأقمارِ

صلواتٍ لمَا تسامى منَ العُمرْ

هذه الرّوحُ التي

تنْسلُّ منْ قيْد الضُّلوعْ

كلَّما ظمِئتْ

تُراودُها تَغازيلُ الصَّحرْ

وكَمْ حِنْضلاً يا عشتارُ

ألّا تسْتقيَ الرّوحُ

تسابيحَ الوجودِ

وتِحنانَ الْوُتُرْ

منْ أنا يا عشْتارُ

حَتّى أستقيمَ مروجًا فائحاتٍ

وَ ما منْ سلسبيلٍ بيْن أعْطافِ رَبيعي

يَنْهمرْ

هلْ أنا يا عشْتارُ

يا غيْمةَ العشْقِ

ياخيْمةَ العشَّاقِ

إلاَّ ذلك الإنسانُ

دمٌ ولحْمٌ وفؤادٌ وبصرْ

أمْ أنني يا عشْتارُ

تغْريبةُ نيْزكٍ تقاذفَه الظَّلامُ

جُلمودُ صوَّانٍ بِقلْبٍ منْ حجْر

أجْترُّ ذاكِرتي

وأتْلو الشِّعْرَ فُرقانًا وتوْراةً وإنْجيلاً

ولكنْ هل يُخْصبُ الزّرْعُ يا عشْتارُ

منْ غيْرِ مطرْ

هبْ أنّني اليوْمَ

قدْ ذبُلتْ ميانيعُ زُهوري

واكْفهرَّتْ هالةُ نورِ سرايايَ

منْ ثمارٍ واحْمرارٍ

وازْهرارٍ واحْورارٍ

واخْضرارٍ وانْصهارٍ

وانْغمارٍ وانْهمارٍ

تطْفحُ منْه الدُّررْ !!

هبْ أنّني كلُّ ذلك يا عِشْتارُ

يا لُجّة الأزْمانِ والأكْوانِ

يا محْرابَ شبقِ الشَّجْرِ والطيْرْ

والبشرْ

وهَبْ أنّني في منْتهى الرَّمقِ

أسامرُ وِحْدتي هذي

تؤانسني أُغازلُها

فتسْجدُ عرْفانا لإخلاصي لهَا

مُدُدَ العُصُرْ

ثمَّ أخونُ يا عشتارُ

شاهِدةَ اشْتهائي وانْتهائي

وأقْضي ... كما العُشَّاقِ

مَحْمومًا بِحبِّي

أليْس الموْت يا عشْتارُ واحدًا !

والنهْجُ واحدًا !

واللّحدُ واحدًا ...

لا مفرَّ منَ القدرْ !

كلاَّ !!

أنا لَنْ أسكنَ اللَّحْدَ

أنا لا أحْتمل انْغلاقَ الحُفرْ !

أنا يا عشتارُ عشتارٌ

أمْضي فأُبعثُ منْ جديدْ

بينَ الأرْضِ والشَّمسْ والقمرْ !

أُضيءُ قَناديلَ العاشقينْ

أَخُطُّ شُعاعَ طُهْرِي علَى جِباهِ الموْلودينْ

فتُخْصِبُ السّماواتُ

و تزْهر الأرْضونَ مطرًا ...

مطرًا ...

مطرًا ...

مطرْ !

***

من ديوان: حديث الروح

للشاعرة التونسية زهرة الحواشي .

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم