صحيفة المثقف

تفكيرٌ في الدِّين (6)

مجدي ابراهيملم يكن مستند العقل في تحصيل العقيدة الصالحة بالذي يخرج عن مضمون القرآن الكريم، بل وينبغي أن يكون مستنده على الدوام بعد هذا كله هو مضمون القرآن، ذلك المضمون الذي يمثِّل عندنا وَحْدَةً لا خلافَ عليها إذا هى  أصابت هذا المضمون في ذاته، ووقفت عليه في جوهره وتمثلته حتى الرمق الأخير.

ولستُ أشك لحظة واحدة في أن المرجوع الفكري الفلسفي لالتماس الوَحْدَة يتحقق عندي في مضمون القرآن الكريم، فيما لو كنَّا على التحقيق تمثلناه وتذوقناه وتعاملنا معه على أنه الأصل الأصيل والمنبع النقي الصافي الوضيء، وفيما لو كُنّا من أهله حقيقة لا مجازاً، وعلى قدره فعلاً وعملاً، لا أن نطوِّعه نحن؛ ليكون هو على أقدارنا، وأقدارنا كلها في الغالب نفوس ملوثة ومآرب وضيعة ومقاصد ساقطة.

فكل ما يُقَام على المضمون من شروح وتأويلات وتفسيرات وتخريجات تُدَعِّم حركة الفكر في المذهب وتنسى المضمون، فهى عُرْضَة للخلاف والاختلاف وإثارة القضايا البالية والمناقشات الزائفة، عرضة للتفرقة والتَّمزُّق والاحتكام إلى الشهوات العقلية، عرضة لجعل القرآن مادة مُوظَّفة لخدمة الأغراض السياسية .. ليس إلاِّ.

هذه الفُرْقةُ المذهبية كانت ولا زالت السبب الأول في اختلاف المسلمين وتمزقهم وتفتت شملهم في ماضيهم وحاضرهم؛ لأنهم ورثوا عن أسلافهم وجهات نظرية من الاختلاف والتباين تشكَّلت في (مواقف Attitudes) أوْدَت بهم إلى انقسام العقيدة إلى أصول مذهبية وطائفية، هذا فضلاً عن قلة تشكلها وتكوينها في البدء قبل الانقسام. وأعني بقلة تشكُّلها أو تكوينها ضعف الإيمان أساساً؛ فقد كان الخلاف السياسي حول مسألة الإمامة قديماً أكبر طعنة وجِّهت إلى إيمان كثير من المسلمين في ذلك الوقت، فأورثت الأجيال تلو الأجيال انقساماً وتمزقاً وَوَهَناً في العقيدة لا يزال أثره باقياً إلى اليوم، يشاهده الناس في الفُرْقة المذهبية والتعصب الطائفي.

وقد أشار ابن خلدون في "مقدمته" إلى ضعف وازع الدّين الذي كان سبباً في خلاف المسلمين قديماً حول مسألة الإمامة في الرواية التالية:

"سألَ رجلُ علياً رضى الله عنه (وهو سؤال خبيث!): ما بالُ المسلمين اختلفوا عليك، ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر؟! فقال: لأن أبا بكر وعمر كانا واليين على مثلي، وأنا اليوم والٍ على مثلك". ويعقّب ابن خلدون على تلك الرواية قائلاً: ويشير عليُّ بن أبي طالب رضى الله عنه إلى ضعف وازع الدين.

وضعف وازع الدين، كما ترى، مرهون بقلة تمثل مضمون القرآن الكريم، والعمل على تحقيق الوَحْدَة خلاله.

ولما كانت "الفكرة" الإسلامية تنصب في المقام الأول على المجتمع بحيث تظهر تلبية لحاجات الجماعة الإسلامية، سياسية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية، وأضف ما شئت إلى هذه المطالب التي يحتاجها المجتمع الإسلامي، صارت بالضرورة غير مفصولة جوانبها النظرية عن العملية، فلا يوجد "نظر" خالص في الإسلام؛ فالنظر الخالص يخالف روح الدين الإسلامي، كما تقدَّم فسبقت إليه الإشارة، ولكن النظر مقرون بالعمل لهو الأساس المعتمد، حتى إذا ما تغيِّر هذا الأساس الثابت لتغير الظروف والأوضاع أو لتغير القناعات والأحوال، وجدَّت في الأمور أمور فرضتها تقلبات السياسة وأمواج التلاعب بالعقول والأفئدة والضمائر، وأحياناً كثيرة التلاعب بمقدرات الأمم الحياتية وقيمها الباقية؛ كَثُرت من أجل ذلك كله التفرقة، وكثر التمزُّق، وكثر الخلاف.

فإنّ التناحر اليوم كما كان بالأمس بين الشيعة والسُّنة مَرَدَّه إلى خلاف فكرى في وجهة النظر سرعان ما تطوَّر فأصبح عقيدة، فانقسمت العقيدة إلى مذاهب وتحوَّل التنازع بصددها إلى تنازع طائفي يُحيي العصبية القبَليَّة التي كان الإسلام قد أطفأ وَقْدَتها من قبل.

ثم إنه في النهاية خلافٌ فكري هو من جملة ما يُقَامُ على القرآن من شروح وتأويلات؛ ناهيك عن الخلاف الذي كان قائماً في القديم، والذي يمثل مواقف حاسمة بين المعتزلة والجبرية من جهة، وبين الأشاعرة والمعتزلة من جهة ثانية، أو بين الفلاسفة والصوفية من جانب، أو بين الصوفية والفقهاء من جانب آخر: خلافات مذهبية في تفاصيل أصوليّة وفرُوعِيَّة ممّا لا حصر له ولا عدَّ هى كلها من جملة ما يُقاَم على القرآن شكلاً ينقصه المضمون.

لم تكن تلك الخلافات يومها تستشعر نبض القرآن في تشكيل مجتمع حييِّ وفعَّال، وفي خلق أناس قادرين؛ بحكم تعاملهم مع القرآن، على اكتشاف الحق الجديد؛ لأنها ببساطة كانت خلافات مذهبية يهمها في المقام الأول الانتصار على الخصم، وترقية الميول السياسية وتدعيمها وتعزيز حركاتها وتطلعاتها؛ لتلعب اللعبة الدّنِسَة، فترتقي فوق ترقية النفوس والقلوب والضمائر والأذهان.

لم يكن يعنيها القرآن في شيء، لا بل كانت قريبة منه، غير أنها في نفس الوقت كانت بعيدة عنه، وبمقدار قربها من القرآن كان بعدها عنه. لم يثيروا خلافاً حول نصوصه الدينية من فراغ، ولكنهم أثاروها للمجد الزائل والملك العضوض.

وعليه؛ فإنّ المرجوع الفكري إلى المضمون لا يمثل خلافاً بل يمثل وحدة. والجمع بين التفرقة مَرَدَّه إلى "العودة للنبع الصافي": النبع الصافي بكل ما في الكلمة من بساطة وعمق، وبكل ما فيها من تربية وتهذيب، وبكل ما فيها من ترقية وتوجُّه وتسليك. النبعُ الصَّافي بعيداً عن عبث التوجُّهات الفكرية المرهونة بزمانها ومكانها. النبع الصافي الذي لا يغيض ولا يُخْلق على كثرة الرَّد. النبعُ الصافي تلك الحلاوة وتلك الطلاوة في أطيب معنى وأكرم جوار: القرآن من حيث كونه مضموناً لا شكلاً، ومن حيث ذاتيته الخاصَّة لا من حيث ذاتية غيره وخصوصَّية سواه.

لم يَعُدْ حَاضر المسلمين اليوم بحاجة إلى مثل هذا النزاع العقلي أو ذاك الصراع الفكري. هم بحاجة إلى التضامن والتآلف والوحدة والاتحاد، هم بحاجة إلى إحياء الروح الإلهي الخالد من لوثة الخلافات المذهبية، هم بحاجة إلى الوقوف على أيديولوجية صلبة ومتينة تستقي روافدها من "القرآن"؛ وبغير خلاف ولا عوج في التأويلات والتفسيرات والتخريجات؛ فكل تفسير أو تأويل أو تخريج على غرار الماضي إنما يَعَدُ اليوم ترفاً فكرياً لسنا نستطيع تحمل عواقبه وأمامنا تحديات مرهبة وعنيفة، ناهيك عن مثل هذه التدخلات الأجنبية في الشئون الداخلية لمعظم بلداننا العربية والإسلامية، وضرب الإسلام عمداً في عقر داره.

لكن مرجوعنا إلى النبع الصافي لهو هو الوَحْدَة التي يجتمع حولها المختلفون ويتآزر عليها المتناحرون المتصارعون، أولئك الذين يتناحرون من أجل لا شيء، لا بل من أجل وهم كبير تعشعش في الأعماق وطمع مريض تسلط على النفوس والقلوب فضلاً عن العقول والبصائر حتى أعماها عن نور الحقيقة، فلم تعد تدرك مدارك الذين يؤمنون فيعقلون.

فالفروع التي كانت مدعاة للتفرقة أصبحت اليوم من أصول الخلاف، والأصول التي كانت عقائد تأسيسية للعقيدة الإسلامية، فكراً وفلسفة وعملاً وشعوراً وعاطفة، تناسيناها وهجرناها، فإذا عدنا إليها اليوم حمَّلناها ما لم تحتمل: مسؤولية الأهواء البشرية والخلافات الفكرية، وأغراض السياسة ونظم الأطماع المرسومة المقننة، حتى ليقال لنا: عليكم لكي تتقدّموا وتلحقوا بالمتقدِّمين في دنيا التقدَّم أن تهجروا عقائدكم التأسيسية؛ فإنّ المضمون الديني (القرآن) لهو السبب في تخلفكم عن ركب الحضارة! وتلك هى أخطر لمحة فكرية، بل أخطر وسوسة شيطانية دوَّنها أولئك الذين قلَّدوا الغرب تقليد القرود جرياً وراء مزاعم التحديث.

آفة هذا الزمن اللعين، زمن الغفلة الواصبة والدعوى العريضة بغير دليل، هى العبث الفكري بمضامين القرآن وقراءته قراءة تاريخية أو علمية، مع أنه ليس كتاب علم ولا كتاب تاريخ، ولكنه كتاب "عقيدة"، يخاطب الضمير ويتوجَّه بالإنسان إلى تقدير "الإيمان". وخيرُ ما يُطلبُ من كتاب "العقيدة" في مجال العلم - كما قال المرحوم الأستاذ العقاد:" أن يحثَّ على التفكير ولا يتضمَّن حكماً من الأحكام يشل حركة العقل في تفكيره، أو يحول بينه وبين الاستزادة من العلوم، ما أستطاع حيثما أستطاع ...".

ولكن! ماذا نعني بالمضمون؟

نعني بالمضمون أن نفهم القرآن، وأن نتخلّق بأخلاقه، وأن نعمل بموحياته دون مغالطات فكرية تتوهَّمها العقول أو ترَّهات عَقديَّة لا تُجَليِّها القلوب. ولستُ أعني بالفهم هنا مجرَّد كلمة الفهم عابرة وكفى؛ ولكني عنيتُ بها كل ما يَدُلُ على البصيرة النافذة والفؤاد الذكي، ثم الموهبة الخلاقة يرتقي فيها الفرد الفذَّ بطول المجاهدة ومشقة المعاناة، فإن لم يكن؛ فبمرتقى آخر يَحسَّه ويستشعره بعد بذل الطاقة كلها فيما هو أمامه: أعني بهزَّة لدٌنيِّة وتمكين من الله. إنّ إحساسنا بالقرآن لهو سبيل وحدتنا الشعورية وروابطنا الوجدانية التي تقوم عليها تباعاً تلك الوحدة الفكرية، وإنْ اختلفت هذه الوحدة الأخيرة (أعني الفكريّة) باختلاف المشارب والأذواق وتباينت بتباين المعارف والاتجاهات لكن وحدتنا الشعورية الواصلة إلينا من ذلك الإحساس بالقرآن لهى التي تتحرَّر بمقتضاها عقولنا من أهواء الخلافات المذهبية مادامت مستمدة من القرآن ومنطلقة منه وعائدة على الدوام عليه.

فليس صحيحاً ما كان يتردَّدُ في الساحات الثقافية قديماً أو حديثاً من أن العقل مفصول عن الشعور والوجدان، وأن العاطفة شيء بغيض للعقل، ضده وينبغي أن تكون ضده، فإنّ العقل ضابط يَعقل العاطفة عن التَّوتِّر والانطلاق!

ليس صحيحاً مثل هذا الذي يُقَال صراحة أو ضمناً، بل كان انتصاراً للخلافات المذهبية على "المضمون الديني" متمثلاً في الوعي بالقرآن والإحساس به ونفوذه من السطح البَرَّانيِّ والقشرة الخارجية إلى العمق الجٌوَّانيِّ والحقيقة الداخلية.

إنما الإنسان وَحْدَةً كاملة - لا انفصام فيها ولا استقلال - من عقل وعاطفة وشعور ووجدان؛ فهو ليس عقلاً كله وليس عاطفة كله، ولكنه يجمع بين هذا وتلك في انسجام وتناسق، لا يستطيع هو أن يُطْغي جانباً على جانب أو يرفع جانباً ويهبط بالآخر ليعيش الحياة كلها بجانب واحد فقط، وإلا أختل لديه التناسق وفارقه الانسجام. فإذا شئنا غلبة المضمون القرآني ونُصْرَته على الخلافات المذهبية، كائنة ما كانت مذاهب واتجاهات، قدَّمنا "الإحساس بالقرآن" على الاحتكام إلى العقل المفصول عن الشعور والإحساس؛ لأن جذر العقل نفسه هنا لا يخلو من مستند العاطفة والشعور، وإنما الذي يعمل في مضامين الآيات القرآنية، والذي يتصوَّر مُوحِيات تلك الآيات؛ ليس العقل المُجَرَّد عن العاطفة والوجدان لا بل العامل الأوحد هو: "وحدة الشعور في وحدة القصد ".

وهذه مكانها الوعي لا العقل: الوعي بملكات الإنسان مجتمعة: ملكاته في التذوق والتصوِّر، وملكاته في الإحساس والشعور، وملكاته في الإدراك والتَّعقل، وكل ما يجمعه على قلبه، ويجمع قلبه عليه وعلى كل ما هو فيه، هى هى الدفعة الوجدانية الباطنة التي تتقرَّر معها حياة الإنسان ككائن حي وفعَّال.

تلك هى "التجربة الدينية" في أبسط وأعمق معطياتها: تأخذ الإنسان كله عقله وشعوره، قلبه وضميره ومداركه، باطنه وظاهره، ما يعيه وما لا يعيه؛ كُلُّهُ مَجْمٌوعٌ في كٌلِّهِ. أما العقل، مُفْرداً ومُنْفرداً، فلا يزيد دوره المعقول على الشرح والتفكير والتحليل والاستنباط ووضوح الرؤية الشاملة المُوحَّدة، وإبراز ما هو كامن في الداخل بوسائل التعبير إلى خارج، وليس هذا الدور بالقليل.

فعلى وحدة الشعور يتكئ العقل ويعتمد، ولا يمكن أن تُقام وحدة الشعور مطلقاً على العقل بحال من الأحوال؛ إذْ لو شئنا إقامتها لظهر لنا الخلاف المذهبي لا الاتحاد الفكري المقصود، ولعُدْنا إلى الوراء قروناً طويلة كما كنَّا أيام المعتزلة وصراع الفرق الكلامية، ومن جرى مجراهم في التحويل والتبديل، أو أيام ابن باجه وابن طفيل وابن رشد ومن نحي نحوهم في الانفراد بالعقل وحده والاستقلال به دوناً عن سواه. لكنْ لو فتحنا الرؤية للإنسان بحيث يكون عقله تابعاً لشعوره، وشعوره ممزوج بمضمونه، ومضمونه قرآنيّ في المقام الأول، لكانت نقطته الانطلاقية في التـّوجُّه إذْ ذَاَكَ تكاملاً لا انفصام فيه بين العقل والشعور.

أقول؛ كان تكاملاً، لأنه "التكامل" الذي يرتكن إلى "الإحساس" بوحدة القصد المُوَجِّه لحركة الفعل والعمل في موحيات القرآن. هذه الحركة الفعلية العملية هى أساس التقدُّم الحقيقي للإنسان فيما لو أنه فطن إليها واستغلَّها استغلالاً يخدم مآربه الوجودية والمصيرية؛ هى هى أساس التقدم "الحركي" و"الفعلي" و"الخُلقي" و"الروحي": التقدّم بإطلاق، بمقدار ما هى أساس التقدم "الفكري" و"النظري" و"الإدراكي"؛ فيما لو شرطنا نشاط التفكير والعمل كله بتلك الدفعة الشعورية الباطنة، أعني ارتهان الوعي في الإنسان دوماً على اختلاف ضروبه بالإحساس: الإحساس الباطني الشعوري والإدراك الجوَّانيِّ الخفي، يستشعرُ فيه الفردُ الفَذُّ بخفقات قلبه بين جنبيه مَرَاجِلَ تَسْري فيها إيحاءات القرآن.

ولعَلَّ هذا أو نحوه هو ما كان الدكتور "محمد إقبال" قد أكَّدَه قبلاً من حيث قال:"إنّ الهدف الرئيسي للقرآن هو أن يوقظ في نفس الإنسان شعوراً أسمى بما بينه وبين الخالق، وبينه وبين الكون من علاقات متعدّدة.

ولقد كان هذا المنزع التعليمي للقرآن هو الذي جعل "جيته" وهو يستعرض الدين الإسلامي بوصفه قوة مهذبة مؤدِّبَة، يقول لصديقه "أكرمان":"أنت ترى أن هذا التعليم لا يخفق أبداً. ونحن بكل ما لنا من نظم لا نستطيع بل أقول بوجه عام إنّ واحداً من البشر لا يستطيع أن يذهب أبعد من هذا..".

تلك هى القوة الخُلقية التي يتريَّض بها المؤمن وهو على هدى القرآن، وأن يكتشفها الباحث فيه ولو كان غير مؤمن به، لا مناص له إذْ ذَاَكَ من إدراك قوته الباعثة: إيقاظ النفس الإنسانية لطاقاتها العلويّة، وشعورها الواصب الدائم بالصّلة مع خالقها، وانفرادها باستقلالها وتَفَرُّدَها، وطلاقة الحيوية الدائمة في ترقيها عروجاً نحو الملأ الأعلى ..

وذلك هو هو العمل بالمضمون القرآني كما أراه ويراه غيري ممَّن يريدون لأمتهم أن تتجاوز الخلافات المذهبية والتّفْرِقة التي سنتها جهود العقل النظري البارد، تتجاوزها إلى حيث الحياة فعلاً وحركة داخل الأجواء القرآنية وتمثُّل موحياتها النابضة بأسرار النفس، وأسرار الكون بعد هذا.

ففي تلك المُوحيات روابط عراها لا تنفصم تعصم من التمزُّق والخلاف وتصل المتنازعين إلى قرار الهداية بالعمل بمقتضى القرآن، وتَقِفَهُم - إنْ آمنوا واهتدوا وعملوا - على عقيدة واحدة، وأصول واحدة، ومقصد واحد، ووحدة قصديَّة واحدة، وشعور واحد، ووجود واحد، ومصير واحد، ومواجهة واحدة، وعبادة واحدة، ودينونة واحدة، وتلقِّي واحد، وتوجُّه واحد، وَوَحْدَة أخلاقية واحدة، لا يشذُّ منها إلا من لا يرى في القرآن قبلته ومُبتغاه.

(وللحديث بقيّة)

 

بقلم : د. مجدي إبراهيم

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم