صحيفة المثقف

مستوطِنة

نزار سرطاويمن وحي تجربة مرت بها الشاعرة في زمن الكورونا

بقلم: فيرونيكا غولس

ترجمة: نزار سرطاوي

هنا، على الطريق المطل على سان كريستوبال، ذيل العقعق الأسود بلون البحر، وصدره الأبيض،

وزعيقه مييغ مييغ الذي يملأ صدري وخاصرتي

بالأصوات، كأنما يهزني

بينما تلفح الشمس وجهي بوهجها الجديد.

 

هذه هي السعادة، تسلك هذا الطريق سيارة واحدة

أو اثنتان كل ساعة، بينما أسير وأنعطفُ نحو الجبل الذي أراه في

البعيد، المسافة نفسها التي تمتلأ ببركةِ

المريمية الخضراء الجديدة والصنوبر الداكن.

 

نعم، هذه البوصلة في أعماقي تحبه، تحبّ

تنهد البصر، الأعشاب الرعناء، حدّةَ السكونِ وجِرْسَه،

فأضعف أمامها وأنسى القوائم – قوائم الأشياء التي عليّ أن أفعلها،

وأنسى المكان الذي إليه أنتمى.

 

تملكني إحساس عميق بالانتماء إلى هذا المكان، السماءُ فتحتْ أْضلعي،

وضغطتْ على جسدي، وبدا لي أنني عبرتُ،

كما لو كنت أغذ الخطى إلى مكان جديد، مع أنني

جئت إلى هنا مرات ومرات. وخطر ببالي أن المكان لي.

 

لكنّ عين التاريخ مفتوحةٌ دائمًا. والجاذبية

القوية للأرض، والآن هذا الوباء – حين

يأتي غريبٌ بصوته أشبه بالصقر

ويقف بشاحنته المهترئة بجانبي، ويميل إلى نافذته،

 

"أجنبية!" يصرخ. "اخرجي! أنا

أعيش هنا! أنت

تجلبين الوباء. اخرجي،

أنتِ، أنتِ"

***

 

...................

Settler

Veronica Golos

Here, on the road above San Cristobal, the sea-black tail of the magpie, its white chest,

and its cry of Maayg! Maayg! filling the breast and waist

of me, with sound, a kind of rocking,

as my face also feels the sun's new burnish.

 

This is happiness, striding down this road, a single car every once

or twice an hour, as I walk and lean toward the mountain I see into

the distance, the distance itself filling with grace

of new green sage, the darker pine.

 

Yes, this compass of me, who loves it, it being my

sight-sigh, the brash grasses, pitch and timber of quiet,

where I am fragile, forgetting the lists, the to do's and,

where I belong.

 

I felt so Here, how the sky opened my ribs,

pressed against me, and it seemed I walked through,

as if I were treading to somewhere new, though I'd

walked here so many times.  Mine, I would think.

 

But the eye of history is always open. And its dense

gravity of land, and now this sickness --  when

a stranger, his own voice hawk-like, drives

his beaten truck alongside me, leans out his window,

 

"Foreigner!" he shouts. "Get out!  I

live here! You

bring disease. Get out,

You, You!"

 

.............................

فيرونيكا غولس: شاعرة أمريكية معاصرة كرست الكثير من اشعارها لمناهضة الحروب والدعوة إلى السلام والدفاع عن حقوق الإنسان. وتُعبّر غولس من خلال قصائدها عن تجاربها الفكرية والوجدانية. ويتميز شعرها بالبساطة والوضوح والحرارة والحيوية.

ولدت غولس في مدينة نيويورك، وفيها تلقت تعليمها المدرسي والجامعي. صدرت لها أربعة مجموعات شعرية، كان أولها ديوان جرس مدفون عميقاً(2003)، وقد فاز بجائزة نيكولاس روريتش السنوية للشعر، ويتحدث عن القصة التوراتية لسارة وهاجر، ويخوض في موضوع العِرق والتاريخ والاسترقاق والعبودية والحرية من خلال سلسلة من القصائد الغنائية.  أما الثاني،  مفردات الصمت (2011) فقد فاز بجائزة نيو مكسيكو للكتاب لعام 2011. وتتناول فيه الشاعرة الحرب على العراق وغزة وأفغانستان، حيث تسهب في وصف مأسي الحروب وبشاعتها وما تخلفه من المعاناة والموت والدمار. وقد ترجمت العديد من قصائدها إلى اللغتين العربية والإيطالية. الديوان الثالث للشاعرة فيرونيكا، أعمال السحر: الكتابات الفقودة لجون براون وماري دياي براون (2015)، فيتعمق في مرحلة من مراحل التاريخ الأميركي، من خلال الحديث عن الحياة اليومية لزوجين من القرن التاسع عشر، جون وماري، اللذين كرّسا حياتهما للنضال من أجل تحرير العبيد، حيث دفع حياته من أجل تلك القضية. أما الديوان الرابع للشاعرة فيرونيكا بعنوان بنت (2019)، فإن الشاعرة على ما يبدو كرسته في أيام طفولتها. وقد قالت الشاعرة الأميركية كاسندرا كلِغهورن في تقريظها للديوان إن فيرونيكا "تقود القارىء إلى تقاطع طرقٍ من الذكريات والنبوءات وحكايا الجنيات والأساطير يتميز بالغرابة الشديدة". أما الشاعر نزار سرطاوي فقد وصف الديوان بأنه "عمل فنيّ يجمع بين الحنين والأسى والرمزية وجمال اللغة والتجريب والموسيقى والإيقاع الداخلي".

تتفاعل غولس مع الشعر العربي والثقافة العربية، ولها صداقات مع عدد من الشعراء والأدباء العرب. وقد أبدت اهتماماً خاصاً بالشعر الأردني المعاصر، حيث كتبت مقدمة لكتاب شعراء أردنيون معاصرون (2013) الذي ترجم فيه نزار سرطاوي قصائد مختارة لستة عشر شاعراً أردنياً اثنت فيه على الشعراء  كما كتبت مقدمة لقصيدة الشاعر صلاح أبو لاوي المطولة "تُبِلو" التي ترجمها نزار سرطاوي وصدرت في العدد الأول من سلسلة شعراء عرب معاصرون التي يصدرها نزار سرطاوي.

عملت غولس شاعرةً مقيمة في عدد من المؤسسات الأكاديمية وقدمت محاضرات ودورات في تدريس الشعر والكتابة الإبداعية للأطفال والشباب. وتعمل حالياً في حقل التدريس، وتشارك في تحرير مجلة تاوس للشعر والفن العالمي، كما تعمل محررة لـ مجلة الدراسات النسوية في الدين.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم