صحيفة المثقف

نصير شمة ورحلة المعاناة الإبداع

عقيل العبودالإهداء: الى اورفيوس* العراق، والى مقدمة البرنامج الشاذلي منى، التي أضفت مسحة جمالية جديدة من خلال قدراتها المتميزة على كشف وحل الغاز العزف المؤثر لمنبر الموسيقى العراقية الأستاذ نصير شمة.

هو أيقونة بحسب تعبير البعض، بها تستضاف حضارة الإرث الموسيقي العراقي.

فقد استطاع ان يجند عواطف روحه المتوهجة للعزف بيد واحدة تضامنا ليس فقط مع صديقه الذي بترت يده فحسب، بل لأجل استغاثات جميع من قطعت أذرعهم ابان حرب العراق مع ايران.

صور لو أتيح لها ان تصطف على شاكلة قافلة من الأحداث، لأستيقط النيام من نومتهم فزعا، ولأدركوا ان للإبداع قوة تكاد ان تفوق قوة الخوف والطواغيت.

رقصة الفرس، حدث في العامرية، رحلة الأرواح، صباحك بغداد، إشراق، وغيرها معزوفات على الطريق منها معزوفة سيتم الاشتراك بها مع (سيلين ديون) صاحبة الصوت، الفنانة الكندية الشهيرة.

نصير شمة مجموعة من الاحاسيس يرتبط الحزن فيها بالتحدي، رحلة عبرها يحلق الفن، لينحت أسطورة الوجع الإنساني بسطور امتزجت الوان الحزن فيها مع الدموع حتى امتلأت بالمحبة والنقاء.

آلة العود التي يحملها صاحب المعزوفات الشهيرة، حضرت بتلك الملامح التي تحمل بين طيات تجاعيدها فضاء الأمل والحرية والإبداع، ذلك تحديا لكوابيس الطغاة وظلمة الليل، حضرت لتنحت جدارية تحملها آهات الذين جمعت قلوبهم لتتوحد في مهرجان رحلة الأرواح.

مقامات تجتمع فيها لغة العزف الصوفي لتصوغ معادلات جديدة في زمن نحن جميعا احوج ما فيه الى ان نتعلم لغة التحدي.

العازف بآلة العود يصف المشهد، يستقرئ مشاعر الصورة، يرسم الأبعاد، يتخيل اللون، يمزج هذه الموضوعات بمعادلة رياضية، من خلالها يستطيع ان يقدم معزوفة فيها حدث له أهمية بارزة في ابعاده

الزمنية والإنسانية عبر مشاعره التي بها يمتزج التفاعل باقصى درجات الحزن.

نصير شمة عراقي عاش تجربة الترويع، والهلع، والسجن والاغتراب في وطن لم يأت الطغاة به الا بأسواط التعذيب وكوابيس التخويف والبطش، كأنما جزاء لما يتقدم به الفنانون والمبدعون والعلماء.

شقيقته تم تصفيتها أسوة بالأخريات بحادث سيارة على أيدي طغاة حزب البعث العراقي ابان حقبة من التاريخ مضت، يومها كاد ان يكون هو الاخر مع ضحايا طوابير الذين تم شمولهم بالإعدام في السجن رقم واحد أسوة مع الذين اختطفتهم تفاصيل السجون السرية وزنزانات القتل والإبادة.

نصير شمة العراقي الذي بقي بقلبه ينبض مثلما منارة من منارات اولئك الذين كادت لغة الجهل ان تبيد معالمهم تبتلعهم، لولا ان التاريخ خجلا أبقى صورهم واسماءهم خالدة رغم انوف الطغاة.

لذلك بأنامل روحه استطاع ان يعزف للوطن المنكوب حتى بيد واحدة تضامنا، ليجسد قدرته الفذة في ابتكار طرائق للعزف جديدة.

 

عقيل العبود

...........................

https://m.youtube.com/watch?v=RhvwjtqsoMc

اورفيوس بطل الميثولوجيا الإغريقية في العزف

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم