صحيفة المثقف

لا تصوموا وأنتم في كورونا

معراج احمد الندويإن شهر رمضان الذي حلّ هذا العام في ظروف استثنائية، طل علينا شهر رمضان في أجواء غير عادية حيث أن وباء فيروس كورونا أثر على جميع النواحي الحياتية، علما بأن العالم لم يشهد مثل هذا الوباء من قبل.

إن شهر رمضان هذا العام يختلف عن الأعوام الماضية، وللمرّة الأولى في التاريخ الحديث، يجب أن نعدل من سلوكنا لتتناسب مع الأوضاع الراهنة ومن ذلك البقاء في المنازل وعدم مخالطة الناس واتباع الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار الفيروس والتقليل من الإصابات.

ومن الطبيعي أن تثير تساؤلات كثيرة في زمن الوباء خشية المرض أو الرغبة في تقوية الجسم لمواجهة الفيروس كما قيل في بداية الأمر بأن شرب الماء الدافئ وعدم ترك الحلق جافًا يساعدان على مقاومة الفيروس كورونا.

اذا حلّ شهر رمضان على مسلم وخاف من أن يصاب بالكورونا إن صام، ولو اتخذ كافة الاجراءات الاحتياطية، سقط عنه وجوبه بالنسبة الى كل يوم يخشى إن صامه أن يصاب بالمرض. وإن ما يهمنا في الحديث عن هذا العام هو وجود هذا "الفيروس" المنتشر في العالم كله فهل نصوم أو لا نصوم خوفا من الانتشار المزيد.

ولقد أثار الجدل حينما قال الدكتور يوسف زيدان الكاتب والمفكر، إن كبار العلماء الذى خدموا الحضارة الإنسانية من العرب والأطباء المسلمون أجمعوا  بتجنب "الصوم والجماع" خلال زمن الوباء ، استنادًا لعلماء الحضارة الإنسانية فإنه لا صوم في زمن الوباء ونحن الآن في وباء عالمي وللناس رخصة في عدم صوم رمضان في هذا العام.

ثم طرح السؤال المهم بأن الله سبحانه وتعالى عندما ينزل حكما من الأحكام، فهذا لا يعني أن حكمه لا يتغير ولا يتماشي مع طبيعة الإنسان. وتجدر الإشارة أنه لا يوجد علاج لفيروس كورونا حتى اليوم، والعلاج الوحيد اليوم يكمن في عزل المصابين أو خلق هذا التباعد بين المصابين بالعدوى وغير المصابين، لذلك فإن توصيات وتعليمات وزارة الصحة إنما تهدف إلى منع انتشار المرض على نطاق واسع.

ولقد أباحت الشريعة الإسلامية للمصابين والأطقم الطبية الذين يواجهون فيروس كورونا الإفطار "إذا وقع عليهم ضرر جراء الصيام" وإن ارتباط بين الصوم والإصابة بفيروس كورونا المستجد، وعلى ذلك تبقى أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالصوم على ما هي عليه من وجوب الصوم على كافة المسلمين، إلا من رخص لهم في الإفطار شرعًا من أصحاب الأعذا".

لا يزيد الصوم من مشكلات العدوى أو المضاعفات بالكورونا، بل إنه بحسب الأدلة العلمية يُحسن حالة الجسم الصحية العامة والمناعة على وجه التحديد، وهي خط الدفاع الأول للفيروس كورونا. الصوم عبادة عظيمة لله تعالى، تزكو بها النفس، ويصح بها البدن، والصوم وقاية للإنسان من المرض، ولقد أكد الخبراء بأن الصوم لا يشكل سبباً لزيادة مخاطر انتشار كورونا، وأن الصوم لا يضعف المناعة، بل على العكس يساهم في تعزيزها وتقويتها.

إن المصاببين بوباء فيروس كورونا يجوز لهم الفطر في رمضان، إذا ثبت علميًا أن الصيام سيجعله عرضة للإصابة والهلاك بفيروس كورونا، فالأمر يعود إلى تقدير الأطباء، فإذا رأوا أن الفطر ضروري لأخذ العلاج أو تقوية الجسم، فيجوز الفطر في هذه الحالة ويجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها بعد انتهاء رمضان. وفي هذه الحالة ممكن أن نقول "لا تصوموا وأنتم مصابين بكورونا".

 

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

جامعة عالية ،كولكاتا - الهند

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم