صحيفة المثقف

الزواج ليس كمالاً اجتماعياً للمرأة

مثنى كاظم صادق بعد تصاعد حالات الطلاق في العراق، بدأت تظهر إلى الواجهة حالة أخرى وهي الانتحار! وأخشى ما أخشاه أن تشكل هذه الحالة ظاهرة اجتماعية مؤسفة ومحزنة في الوقت نفسه، ويبدو أننا أمام ظهور جيل جديد من النساء ينظر إلى الزواج على أنه (حفلة كبيرة صاخبة في قاعة فخمة، وبدلات فاخرة، ومصوغات ذهبية فريدة، وميك آب، وتسريحات) والزواج بالنسبة لهذا الجيل من النساء أيضاً هو كمال اجتماعي، وواجهة شخصية تطل بها على المجتمع (وأصير أفضل من صديقاتي)!! حتى يقع المحظور، وأعني به المشاكل المستمرة طيلة الحياة الزوجية أو الطلاق أو الانتحار مع الأسف. إن العائلة العراقية نظراً لتحسن المستوى المعاشي لها بدأت تسارع في تزويج ابنها الصغير عقلاً وعمراً، رغبة لرؤية الأحفاد، حتى لو لم يكن لإبنهم ما يؤهله لقيادة أسرة مادياً ومعنوياً، تحت مسمى (نزوجه من وكت علمود ابنه يكبر وياه) من جانب آخر تقع الفتاة تحت نير التعنيف من أسرتها التي توصيها بالتحمل خوفاً من رؤية ابنتهم (مطلقة) مع أن الطلاق حالة اجتماعية طبيعية أقرتها الأديان والمحاكم، وهي تضارع الحالات الاجتماعية الأخرى للرجل أو المرأة مثل (المتزوج / المتزوجة / الأرمل / الأرملة / الأعزب / العزباء) لكن الطلاق يتحول إلى ظاهرة غير طبيعية عندما يكثر، وهذا يعني وجود خلل منذ البداية، والخلل قد يكون مناصفة بين الزوج وزوجته أو من جانب أحدهما دون الآخر،  ومع الأسف هنالك من العوائل لا تكون ابنتهم عزيزة عليهم كما يبدو، ولاسيما أنهم يرجعونها إلى بيت الزوجية مُكرهة، ويوصون ابنتهم الصغيرة  أن تتحمل ما تلاقي من زوجها من تعنيف وسوء معاملة، وهذا ليس حلاً بالتأكيد، وربما ستصل هذه الفتاة (الزوجة) إلى طريق مسدود، وتنتحر وعندها يعض الكل أصابع الندم ... أزعم أن بقاء المرأة عزيزة في بيت أهلها دون زواج، خيرٌ لها بأن تكون في حياة زوجية فاشلة، فضلاً عن أن عوائل البنات تبدو غير متروية في تزويج ابنتهم الصغيرة سناً وعقلاً ولاسيما إذا كانت العائلة فيها فتيات عدة، وتنظر إلى تزويج الإبنة على أنه نوع من أنواع التخلص من مصاريف ابنتهم، وتقليل من عدد أفراد العائلة، وكذلك نوع من أنواع الأبهة الاجتماعية في أن بناتي الكثيرات متزوجات، تحت مسمى (نزوجهن ونخلص من مسؤوليتهن ونخليهن براس رجال) إن الزواج وعي وارتباط وشراكة وبناء أسرة، وبالنتيجة إنتاج جيل نافع للمجتمع، ومع الأسف أن عملية (المشية) أو (الخطبة) ووجود الوجهاء فيها ليست ضامناً لزواج سعيد مستقر كما في السابق، كما أن وجود مؤخر صداق كبير ليس ضامناً أيضاً ما الضامن إذن؟ الضامن الوحيد هو الوعي والشعور بالمسؤولية من الزوج تجاه زوجته بالدرجة الأولى، والوعي والشعور بالمسؤولية من الزوجة تجاه زوجها بالدرجة الثانية، والوعي والمسؤولية يأتيان من النظرة إلى الزواج على أنه بناء يحتاج إلى تأسيس اجتماعي صحيح من العوائل المتصاهرة، فعندما تتناقل الفضائيات حالة طلاق بسبب لعبة (البوبجي) !! وانتحار زوجة لعدم رؤية أهلها !! فهذا يعني قصوراً في الوعي الذهني للأزواج وعدم إدراك لعوائلهما أن ابنتهم أو ابنهم غير مؤهلين للزواج وقيادة أسرة، ولاسيما أن المتزوجين الجدد ينظرون إلى الزواج على أنه كمال اجتماعي ونوع من (البرستيج) ولاسيما المرأة.          

 

د. مثنى كاظم صادق

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم