صحيفة المثقف

غيمة المحارب

ياسين الخراسانيتُعيدُ تَرانِيمُ أَمْسِي مُلامسَةَ الجُرْحِ

أَحْمِلُ عَرْشَ الكَلامِ إلى مَلِكٍ قبل رَمْشِ الجُفونِ

أنا حَبّةٌ قِيلَ لي أنَّ زَرْعي يَضُرُّ بِبَعْض النّباتِ

رَأيتُ ظَلامًا فقُلتُ سَآوي إلى مَهْجَعي

لا أُريدُ من الضّوءِ غير الظّلالِ

وآخيتُ في رَحِمِ الأم ماضيَ عُقْرٍ

فكنتُ كما تَوْأمُ القِرْشِ آكلُ قبلَ الظّهورِ

وخيباتُ طِفلٍ تُعَدُّ بِمَرّاتِ رَشْفِ الحليبِ

شَهِقْتُ بِقِلَّةِ ماءٍ وكانَ المذَاقُ مُسَاغًا

فقلتُ لنَفسي القَنُوعِ

أُعيدُ الحليبَ إلى الثّدْيِ

قيلَ قديمًا

سَتَعْبرُ نَاقَةُ عُمْري مَسَامَّ الخَيَاط

 

أُلَقِّنُ بُعْدَ المدى لِطريقِ الغِياب

أنا نُطْفَةٌ من ضِعَافِ النِّطَافِ

وهَمْسِي خَفِيفٌ على السَّمْعِ

قُلْتُ لِتَكتبْ إذنْ مِثْلَ أَحدب ظَهْرٍ

هَوَى غَجَرِيَّتَهُ حُلْمُها بِعُلُوِّ الكَنيسةِ

كانَ كثيرُ كلامِي عَنِ الوَحْشِ في الغَابِ

أو خَوف طِفلٍ منَ الذِئْبِ يَحْمِلُ صورة إخوَتِهِ

كانَ ظهْري نَديمَ السِّياطِ

ولكنّ بعضَ الحروفِ يَقِي مِن عِناقِ اللّقاءِ

فقلتُ لضَوءٍ خَفيفٍ على القلبِ:

إنْهَضْ لتصبحَ كالشّمسِ في عُنْفُوانِ النّهارِ

تَبَلَّلَ حِبرٌ بطولِ المُكوثِ على ضِفَّةِ النّهرِ

إني أَرى هَشَّ قَطْرِ النَدى للظّلالِ

أَرى مَن يُدافعُ عن حَقِّ صَفْصافَةٍ في العُلُوِّ:

تَعاليمُ أمٍّ تُريدُ رُجوعَ ابنها في المساء،

سماءُ الجَنوبِ على ضِفَّةِ البَحرِ، أولُ حُبٍّ

يُخَرْبشُ كلَّ القَصائِد، حَيْرَةُ لَوْنٍ

دخيلٍ على المُعجَمِ الرّثّ،

وَردَتُها في كِتابِ العُلومِ،

سُؤالُ الغَريبةِ عن وِجْهةِ الذّكرياتِ، اخْتِلاسُ

المرايا لضَوءِ النّهارِ،

مُبالغةُ الطّفلِ في سَردِهِ للحكايةِ،

سَاعتنا قبلَ درسٍ أخيرٍ قُبَيلَ الخروجِ إلى الصَّيفِ

زَهْوُ القصائد عند النّهايةِ ...

مِثل المُحاربِ طيلةَ عُمْرٍ لطاحونَةِ الرّيحِ

كنتُ أطوفُ الجِهات

أَعُبّ الحنينَ وذِكرى الحنينِ

فقُلتُ لغيمٍ عقيمٍ تَرَجَّل لأَحْقُنَ بعضَ الرّذاذ

سَئِمتُ سَحابًا يُبلِلُ غَيري ويَعْصِرُني

نحنُ في وَهمِنا، في صلاةِ اليقينِ

الخفيفِ على القلبِ

ليسَ لنا ما يُعيدُ النّشيدَ إلى نايهِ

قد تَمَلّكني حُبُّ سطرِ الحياةِ الأخير

سيُفتحُ بابُ الخلودِ لنَسرٍ بطبعِ الحمامْ

فلا تَسْعَ للطَّفوِ فوقَ الغمامْ

تعلّم سِباحةَ غَرْقَى

لكي تَنجُوَ الكلماتُ

وتَعلو إلى ساحةِ النّصر

***

ياسين الخراساني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم