صحيفة المثقف

غرائز الأذواق والذوائق بين لغة الجهل وعملية المعرفة

عقيل العبودان أكون من الجاهلين، معناه لا اعرف الإجابة عن السؤال الذي اتعرض اليه في مناقشة ما، وبعكسه ان أكون عارفا للإجابة عن ذات السؤال.

والحال لا يقتصر على سؤال واحد، بإعتبار ان الموضوعات مختلفة، والمسائل متفرعة، والأفكار في تطور دائم.

والمعادلة ان هنالك اسلوبا معرفياً وعملية معرفية cognitive process and cognitive style

فأسلوب البحث العلمي عادة ما يرتبط بالمنهج والتجربة والملاحظة، أما عملية التطور المعرفي فمقترنة بطريقة الإدراك والتفسير وصولا الى البرهان.

حيث لا يوجد سقف واحد، وإجابة واحدة، بل ان هنالك اجابات، وملاحظات، وتفاصيل قابلة للإضافة والحذف اثناء الإستقراء والإجابة.

وبيت القصيد ان الجهل بعكس المعرفة، والجاهل بعكس العارف، فالعالم كما بحسب الوصف متعلم بنظر نفسه، لأن العلم مجال متحرك، ما يقتضي الاستمرارية في التعلم.

وهذه المقارنة مفيدة في تعلم مسائل تدخل في أبواب العلوم والموضوعات المختلفة.

ولكن بقي ان نعرف ما هو مصدر أومصادر المعرفة هل هو هذا الكم من المعلومات التي نقرأها اونستمع اليها من خلال استخدام الحاسوب والتلفاز والكتب والمواقع والناس الذين نتحدث اليهم، أم ان هنالك مصادر اخرى ذاتية، اي لها علاقة بتجربة وتجارب الإنسان مرتبطة مع عقله وحسه.

فالفن المعماري مثلا له ابعاد جمالية وفضاءات وذوائق مختلفة، ومثله مثل فن الموسيقى والرياضيات، وغير ذلك.

وهذا معناه ان هنالك ذائقة حسية ومعرفية يشتركان معا في البحث عن الإجابة الصحيحة، بإعتبار ان الإجابة معناها ارضاء لعطش، يتبعه ارتواء، ما يطيب لي تسميته غريزة الإرتواء المعرفي.

وهذه الحيثية مفيدة في استقراء التفاصيل الدقيقة للجواب الخاص بموضوع معين.

وخير أمثلة لتوضيح ما تقدم هو التأمل الفني والجمالي لحركة الأشياء والمسميات، باعتبارها عملية استقرائية استنطاقية إدراكية.

فالنظريات العلمية في الطب، والرياضيات، والهندسة، والفلك، وجميع العلوم قابلة للبحث والإضافة بفعل "غريزة الإرتواء المعرفي".

وهذه الغريزة تفوق غريزة حب المال للذي يعرف اويدرك قيمتها الحسية.

ما يذكرني بقول الإمام علي ع (منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا).

وطالب الدنيا هنا تراه منشغلا دائما بأذواق الموائد وحب المال والشهوات، لا بذوائق الاحاسيس وجماليات العلوم والمعرفة والضمير والاخلاق.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم