صحيفة المثقف

أنا، حفيدي جمال والذئب

حسين فاعور الساعدي

صديقي الوحيدُ الوفيُّ الذكيُّ الشجاعُ جمالْ*

صديقي يا ابن الثلاثِ الطوالْ

جميلٌ كزهرةِ لوزِ

كطلّةِ صبحٍ

نديٍّ كنسمةِ صيفٍ

وعيناكَ عينا غزالْ

فيهما عالمان: شتاءٌ حزينٌ

وصيفُ أمانْ

أحِبّكَ يا ابنَ الثلاثِ الطوالْ

وأهوى سؤالَكَ حين يليه سؤالٌ

يليهِ سؤالْ

تلوذُ بحضني وتهمسُ:

"احكي عن الذئبِ. جدي!"

فأروي الحكايةَ...

تُصغي بعينينِ جاحظتينِ

وتسألني بانفعالٍ:

أللذئبِ رأسٌ؟

أللذئبِ عينٌ؟

أللذئبِ أنفٌ كأنفكْ؟

أللذئبِ  فمٌّ؟

أللذّئبِ عمٌّ؟

أللذّئب خالْ؟

هل الذئبُ يبكي؟

هل الذئبُ يضحكْ؟ 

أللذئبِ أمٌّ تُعاقبْهُ إن راحَ يلعَبُ،

أو لم يكن كالرجالْ؟

أللذئبِ أبُّ؟

هل الذئبُ ابنُ حلال؟

 وأنهي الحكايةَ

تنهضُ: "أين عصايَ؟"

تسيرُ أماميَ كالشبلِ...

أمشي ورائك كالسلحفاةِ

فتصرخُ: أسرِعْ! 

تعودُ الطفولةُ تَسْري بجسمي كأفعى

وأنت كظبيٍ صغيرٍ أماميَ تسعى

فأحبو وراكَ،

أعدّلُ ظهري

ويشتدُّ بين الضلوعِ الحراكْ

تغيبُ وراءَ الشجيراتِ،

تبعدُ عني،

أخافُ عليكَ الأفاعي

أنادي بصوتٍ أجشٍّ وكلي ارتباكْ:

تعال نعدْ...

كم أنا خائفٌ يا جمالْ!

فتصرخُ بي من بعيدٍ: "وماذا تخاف؟"

تعودُ وعيناك تقدح ناراً

وتُمطرني بالسؤالِ وراء سؤالْ:

هل الذئبُ خلفَ التلالْ؟

أم هنا خلفَ هذي الشجيراتِ،

حدّ الطريقِ هنا؟

هل الذئب يسكن في بيتنا؟

أم الذئبُ بين الجبال؟

وأتعبُ...

أخشى عليكَ

فأطلبُ منكَ:

تعال نعدْ... يا جمالْ

فتصرخُ بي باحتجاج شديدٍ:

لماذا تخافْ؟

سأضرِبُهُ بالعصا

ألستُ أنا من سيحمي الخراف؟؟

 

حسين فاعور الساعدي

...............................

* جمال هو اسم أحد أحفادي ولكنه يرمز لهم جميعاً ولكل هذا الجيل الذي يسأل ويلح في السؤال.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم