صحيفة المثقف

تيوزاير Tiwzayer

علجية عيشوامتزج دم العربي بدم الأمازيغي وأصبح الدّم جزائري

عندما أقرأ عن الأقاليم ذات الحكم الذاتي مثل باكستان وكردستان، والباسك، وجزر الكناري والتشيك وإرتيريا التي استقلت عن إثيوبيا وتيمور الشرقية وانفصالها عن إندونيسيا وجنوب السودان واستقلالها عن الخرطوم وغيرها من الأقاليم، أتخيل الصورة التي تكون عليها الجزائر لو انفصلت منطقة القبائل الكبرى عن الجزائر وأصبح لها حكم ذاتي وماهو الإسم الذي سوف يطلق عليها؟، حتى لو قلنا مثلا اسم "تيوزاير" Tiwzayer ؟ المشكلة طبعا ليست في اختيار الإسم، ولكن في المناطق التي تتبعها، في حالة ما تم تقسيمها فعلا، لا شك أن كثير من المناطق أو بالأحرى الولايات ستتبعها (الجزائر العاصمة، بومرداس، البويرة، بجاية، البليدة، ومناطق أخرى مثل باتنة، خنشلة، أم البواقي وجزء من سطيف دون الحديث عن مناطق الجنوب)، لأن سكانها جلهم أمازيغ ويتكلمون بلسان أمازيغي إلى جانب اللغة العربية، فطالما أكد المؤرخون أن الشعب الجزائري ذو أصول أمازيغية، وهنا يطرح السؤال التالي: ماذا يتبقى من الجزائر، خاصة عندما تتحول ولاية تيزي وزو إلى عاصمة أي عاصمة "تيوزاير" .

 مهما اختلف الإسم فما هو معلوم أن الحكم الذاتي نقيض المركزية، أي نظام لا مركزي، له سلطة القرار اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وفي حالة ما إن أصبحت منقطة القبائل تتمتع بالحكم الذاتي هذا يعني انه يكون لها رئيس وحكومة وبرلمان وجيش مؤسس أو ميليشيات ودستور ينظمها، والسؤال يفرض نفسه، في حالة الإنقسام هل ستعرف الجزائر الإستقرار؟ بالطبع لا، لأنه ستعم الفوضى أكثر وقد تدخل الجزائر في متاهات قد تقودها إلى حرب أهلية، الملاحظ أن الكثير من يربط بين التقسيم الإداري والحكم الذاتي، واستحداث مقاطعات جديدة أو ولايات منتدبة مثلا لا يعني أن يكون لها حكم ذاتي، فالدولة يحق لها أن تنشئ مناطق إدارية خاصة عند الضرورة، في حالة ارتفاع عدد السكان وتوسع المناطق كما نراه الآن في مدينة علي منجلي التي تحولت إلى ولاية منتدبة، الجزائر طبعا ليست دولة كالصين ولن تكون، لأن شعبها محافظ على وحدة صفوفه مهما كانت المشاكل والأزمات.

إن فكرة الإنقسام قديمة، ابتكرها الإحتلال الفرنسي، من أجل أن تظل الجزائر دولة غير موحدة، وتغرق في الفوضى واللاإستقرار ومن ثم يحقق مشروعه الإستعماري في أن تبقى الجزائر مستعمرة فرنسية ليس عسكريا، بل فكرا وثقافة واقتصادا، وهي التي خلقت الصراع العروبي الفرنكفوني لتقسيم الجزائريين، وما تزال الفرانكفونية هي المسيطرة على كل الأصعدة في الجزائر، والمتتبع للأحداث يقف على أن الولايات المتحدة الأمريكية وراء هذه التقسيمات، وأن الأقاليم المستقلة في العالم حظيت بدعم منها، ففي كل تقسيم تكون أمريكا "العرّاب" الذي يبارك مشاريع التفرقة بين الدولة والشعب، حتى تتمكن من السيطرة على العالم وتحقق مشروع "العولمة "، أراد فرحات مهني أن تحصل منطقة القبائل على الحكم الذاتي، وتكون لها استقلالية، وباسم الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة القبائل "الماك" أعلن مهني من باريس عن تشكيل الحكومة المؤقتة وهذا بحجة رفع الظلم والإحتقار لمنطقة القبائل التي طالما تجاهلتها السلطات الجزائرية، وأرادت أن تطمس هويتها ولغتها الأمازيغية، وتعرضت للتمييز على كل المستويات، إلا أن الأمازيغ الأحرار تبرأوا منه وحافظوا على وحدة البلاد وثرواتها الطبيعية.

 لم يعد لفرحات مهني شيئا يطالب به بعدما فقد مصداقيته، وأصبح نكرة لا يمثل الأمازيغ الأحرار في الجزائر ولا يشرفهم خاصة بعد زيارته إسرائيل، أرادت أحزاب أخرى أيضا تنتمي إلى التيار المعارض والتي تناضل باسم الحركة البربرية أن تسير على نهجه، بخلق فدراليات مبنية على شروط وقواسم مشتركة سواء تاريخيّة أو قواسم عرقيّة دينيّة أو لغوية، ممّا يساهم وبشكل كبير في تشكيل نظام حكم فيدرالي، ما يميز الدولة الفدرالية عن الجمهورية هو أن قوانين الأولى هي ثابتة لا تتغير، ولا يمكن تعديلها بأيّ شكل من الأشكال إلّا عن طريق هيئة تشريعيّة أو سلطة عليا تتولّى هذا الأمر، ما يمكن قوله هو أن الشعب الجزائري الذي وقف في وجه الإستعمار من أجل استقلال الجزائر واستعادة سيادتها، لا يمكنه أن يقسم الجزائر ويحقق المشوع الإستعماري، فقد حافظ هذا الشعب الأبيّ على وحدة صفوفه ولم تزعزعه الأزمات التي مرت عليه وكان في كل معركة يخرج من عنق الزجاجة، لا يمكنه أن تقَسَّمَ الجزائر إلى "دويلات" وهو الذي وقف في وجه المشروع التغريبي، وتبنىّ العروبة كمشروع ثقافي حضاري وطبق مقولة إمامه الأمازيغي عبد الحميد بن باديس الصنهاجي الذي قال: "شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب"، بعدما امتزج دم العربي بدم الأمازيغي وأصبح الدّم "جزائري ".

 فلو أجرينا إحصاءً دقيقا نجد أن الجيل الحالي والذي سبقه لا يجيد الأمازيغية نطقا وكتابة، ولسانه عربي، وهذا بفضل التحولات والتنقلات للمسؤولين الذين يتنقلون من ولاية لآخرى، في إطار ما يسمى بحركة التغيير الإدارية، خلقت جيلا لايتكلم بالأمازيغية، كما الإحتكاك بين العرب والأمازيغ في إطار التزاوج العربي الأمازيغي وحّد الصفوف من جديد بين الجزائريين وجعلهم أمة متكاملة، وهاهم اليوم يقفون أمام الجيش الشعبي الوطني المرابط في الحدود لحاية البلاد، ويقفون في وجه أصحاب النوايا الخبيثة والدعوات الهدامة من أجل بناء جزائر لا تزول بزوال الرجال، وحتى تبقى منطقة القبائل جزء لا يتجزأ من خريطة الجزائر وهي التي قدمت أروع الأمثلة في التضحيات أيام الإستعمار الفرنسي وقدمت خيرة أبنائها فداءً للوطن والتاريخ يشهد ويسجل ما قدمته الولاية التاريخية الثالثة من بطولات.(بدون خلفيات)

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم