صحيفة المثقف

منظرو الاقتصاد (5): دَيڤِـد ريكاردو

(1772 – 1823)  David Ricardo

يعتبر دَيڤِد ريكاردو من ألمع الاقتصاديين الكلاسيكيين، ويُعد الرجل الثاني بعد آدم سمث في تاريخ الفكر الاقتصادي.  وهو من أهم الشخصيات الفكرية وأكثرها تأثيرا على الاقتصاد في زمانه.  كما انه عُرِف كمؤسس للمدرسة الريكاردية التي  هيمنت برؤآها على الفكر الاقتصادي طوال القسم الاكبر من القرن التاسع عشر،  ولحين بزوغ المدرسة الحدية في الربع الاخير من ذلك القرن.  ويُحسَبُ  ريكاردو من أبرز دعاة مذهب ألـ "ليزَيه فـَيْ: Laissez-faire" حيث كان مدافعا صلبا عن حرية التجارة وتقليل تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية، ووقف بجرأة داعيا لالغاء الاسترقاق.  وقد صرح مرة أمام الملأ بأن العبودية ستبقى وصمة عار في جبين الأمة، الامر الذي لم يكن سهلا التصريح به في العلن آنذاك.  كان مؤثرا بافكاره في نظرية قيمة العمل، والاجور والارباح، ونظرية الريع، والامتيازات النسبية المقارنة وقانون تناقص العوائد الحدية، ومبدأ التكافؤالاقتصادي الذي عُرِف بإسمه.   كما كان ريكاردو الرجل الذي حيّاه كارل ماركس واعتبره أحد معلميه الأوائل.  يقول مارك بلوگ في كتابه الموسوم " أعظم الاقتصاديين قبل كنز" المنشور عام 1986: كان ريكاردو أحد الآباء المؤسسين للنظرية الاقتصادية، وقد يجوز أن نعتبره "ماركسيا" رغم انه برجوازي البرجوازيين.

ولد ريكاردو في لندن عام 1772 لأبوين يهوديين من أصل برتغالي. وكان الطفل الثالث من بين 17 طفلا انجبهم والداه.  كانت عائلة والده قد فرت الى هولندا في بداية القرن الثامن عشر هربا من الاضطهاد الديني في البرتغال، ومن ثم هاجرت الى انگلترا عام 1760.  اشتغل والده المولود في هولندا في سوق السندات المالية الهولندية ثم الانگليزية وحقق نجاحا باهرا فيها،  واصبح من اهم الشخصيات في مجتمع اليهود الشرقيين (السفاردم )  Sephardic community.

فضّل الوالد ارسال ولده دَيڤِد الى مدرسة يهودية خاصة في أمستردام تقوم على عقيدة وتعاليم التلمود التوراتي.  وبعد أن عاد الابن الى لندن في سن الرابعة عشرة عَمِد الوالد على تشغيله ابنه معه في السوق المالية، الامر الذي جعل الصبي الفطين يكتسب معرفة وخبرة رصينة في سوق العملات وشؤون المال بعمر مبكر.  وعندما بلغ دَيڤِد العشرين من عمره، أحب فتاة مسيحية من جماعة الأصحاب Quakers وأقدم على الزواج منها، مما أغضب والداه غضبا شديدا بحكم تعصبهما الديني القاضي بعدم السماح بتزاوج الذرية الا لمن انتمى لنفس الديانة اليهودية.  وحين فشلت محاولتهما في اقناع ولدهما للعدول عن رأيه، قاما بالتبرء منه رسميا كإبن متمرد عاق وقطعا علاقتهما به ولم يكلماه حتى وفاتهما.   يقول دَيڤِد ريكاردو ان والده كان قد ضاق ذرعًا به قبل ان  يفكر بالزواج وحتى قبل ان يتعرف على الفتاة المسيحية وذلك حين عَلِم الوالد من مصادره الخاصة ان ابنه بدأ يستميل الى طائفة التوحيديين المسيحيين Unitarianism المنشقة عن المذهب البروتستانتي التقليدي المتمسك بعقيدته الثلاثية Trinity، التي تقدس "الأب والابن والروح القدس".  يضيف دَيڤِد بانه كان يلتقي مع بعض اقطاب الطائفة التوحيدية التي تضم اغلب المثقفين والمفكرين الانگليز. ولذا كان مشروع الزواج بالنسبة لوالده بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير وأودت بطرد دَيڤِد من البيت وفصم علاقته بعائلته ومنعه من الاتصال بإمه واخوته.  ومن الجدير بالذكر ان زوجته ايضا واجهت مقاطعة مماثلة من عائلتها، مما دفع الاثنين ان يوطدا علاقتهما بالتوحيديين اكثر فاصبحوا اعضاء بارزين في جمعيتهم.

لكن دَيڤِد استمر بالعمل في بورصة الاموال بشكل مستقل عن والده واستطاع في فترة قصيرة ان يوثق من اتصالاته المهنية ويبني علاقاته التجارية فنجح نجاحا باهرا في هذا المجال حتى انه جمع ثروة طائلة تقدر بـ 220 مليون دولار باسعار اليوم،  فتقاعد عن العمل وهو بسن 41 عاما ليتفرغ لدراسة الاقتصاد وكذلك للعمل السياسي، حيث اصبح عضوا في البرلمان الانگليزي ممثلا عن منطقة من مناطق ايرلندا.  كان ذلك في آخر أربع سنوات من حياته القصيرة التي انتهت بسن 51 سنة.  وخلال عمله في البرلمان كان ريكاردو مهتما بسياسة البنوك وشؤون العملة البريطانية والضرائب والدين العام.  وعمل على اصلاح القانون الجنائي والسياسة البرلمانية ودعا الى حرية التجارة الخارجية والغاء قوانين الحماية خاصة تلك المتعلقة بمحصول الذِرة.

ابتدأ ولع ريكاردو في الاقتصاد وهو في اواسط العشرينات من عمره.  كان محفزه الاكبر في ذلك كتاب ثروة الامم لآدم سمث الذي قرأه بشغف كبير في عام 1799 واعجب به ايما اعجاب فتفجرت فيه الرغبة لمعرفة المزيد عن الاقتصاد ودراسته ذاتيا وبشكل تأملي عميق . وبعد 11 سنة من الدراسة المستفيضة نشر بحثه الاقتصادي الأول عام 1810 بعنوان "أسعار السبائك العالية: دليل على تقادم قيم الكمبيالات المصرفية" والذي أوضح فيه ان التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد الانگليزي كان بسبب فرط البنوگ في اصدار الاوراق النقدية ومنح القروض اثر احداث الحرب مع فرنسا وامتناع البنگ الانگليزي عن اسناد الاوراق النقدية بالذهب.  وقد بيّن ريكاردو بان انخفاض قيمة الپاوند الانگليزي وسعر الصرف أثرّ على مدخلات ومخرجات الذهب، الامر الذي رآه يدعو لتعديل السياسة المصرفية.  ونتيجة لاصراره على ضرورة اعادة النظر في القوانين المنظمة للسياسة المصرفية،  ادركت اللجنة المالية في البرلمان صحة مايقول فاوصت الحكومة اخيرا باعادة النظر في سياستها النقدية.  يعتقد بعض مؤرخي الفكر الاقتصادي بأن توضيحات ريكاردو في هذا الشأن زرعت البذرة الاولى للنظرية الكمية للنقود التي تطورت فيما بعد.

في عام 1815 أصدر ريكاردو دراسته حول تأثير أسعار محصول الذِرة المنخفضة على عوائد الاسهم المالية في السوق وتأثير فرض التعريفة على الحبوب المستوردة مما ترتب عليه ارتفاع ريع الاراضي وانخفاض ربح المنتجين. وفي هذه الدراسة ناقش ريكاردو مفهوم ريع الاراضي وما سيصبح بعدئذ قانون تناقص العوائد الحدية Diminishing Marginal Return وهو ربما من أهم الادوات التحليلية في أرث الاقتصاد الكلاسيكي، والتي لا نزال نستخدمها الى اليوم.

ينص هذا القانون على ان الاضافة المتكررة لاحد عوامل الانتاج مع ابقاء العوامل الاخرى ثابتة سيؤدي في المدى القصير الى هبوط الانتاجية.  ففي القطاع الزراعي مثلا، اذا عملنا على زيادة عنصر العمل اما بزيادة عدد المزارعين المشتغلين في انتاج محصول معين او زيادة ساعات عملهم في نفس قطعة الارض ومع استخدام نفس الادوات ونفس الطرق ونفس الادارة،   فان زيادة العمل بصيغتيها سوف لن تنفع بل انها ستصبح ضارة حيث انها ستتسبب في تخفيض انتاجية  المزارع!  أو بمعنى ادق تؤول الى تناقص الزيادة في المحصول المنتج كلما استخدمنا وحدة عمل اضافية. 

ربما كان ريكاردو أول من أولى انتباهه الى مفهوم الريع أو الايجار كواحد من مدفوعات الانتاج الذي لايتطلب اي نشاط انتاجي كما تتطلبه المدفوعات الاخرى (الاجور والفائدة والربح)، بل يتطلب فقط ملكية الاراضي. ومن هنا استنتج ريكاردو بان الفلاحين سيميلون الى استئجار الاراضي الاكثر انتاجية طالما ان سعر محصول ما لفي السوق الاستهلاكية لايختلف اذا كان ذلك المحصول منتجا من ارض اقل او اكثر انتاجية! لكن ذلك سيعني ان من سيستفيد من هذه الميزة في نهاية الامر هم ملاك الاراضي، اكثر مما يستفيد منها المزارعين.  أثبتت هذه النظرية اليوم صحتها حيث يوصي الاقتصاديون المعاصرون ضد سياسة دعم اسعار المحاصيل الزراعية الهادفة لمساعدة الفلاح الذي يستأجر ارضه لان من يقطف الثمرة سيكون في نهاية المطاف من يملك الارض. على ان العامل الطبيعي لزيادة الريع يبقى ارتفاع حجم السكان الذي سيزيد من استخدام الاراضي للزراعة من اجل تأمين الحاجة للغذاء. وواضح ان هذا الامر يحتاج الى تأمل جدي خاصة في ظل محدودية الارض كمورد للانتاج.

وخلال معارضته لقانون حماية محصول الذِرة في انگلترا، صاغ ريكاردو نظرية الامتيازات المقارنة      Comparative Advantages  التي تفيد بأنه خلال التبادل التجاري الدولي سيكون من الحكمة ان تستورد كل دولة ما يكلفها اكثر حين تنتجه بنفسها محليا، ولا يقتصر الامر على التعويل فقط على الامتيازات المطلقة التي قد تحظى بها دولة ما، بل يصح الامر ايضا اذا تمتعت الدول التي تتبادل السلع بامتيازات نسبية مقارنة.

في عام 1816 نشر ريكاردو مقالة عن كيفية ضمان أمان العملة واقتصادية تداولها، وفي عام 1817 نشر كتابه الاساسي المهم المعنون "مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب"، وهو الذي دفع فيه بواكير النظرية الاقتصادية  المنهجية الى ابعاد اوسع واعمق، فكان الكتاب المنهجي الأول من نوعه في ذلك الزمن.  في عام 1820 نشر نقاشاته المطولة مع مالثس ومراجعة لكتابه بعنوان "ملاحظات حول مبادئ الاقتصاد السياسي لمالثس".   في عام 1822 نشرا بحثا تفصيليا عن حماية القطاع الزراعي، وفي عام 1824 وبعد وفاته، نُشرت الخطة التي وضعها  لتأسيس البنك المركزي الوطني.

في كتابه مبادئ الاقتصاد السياسي،  ناقش ريكاردو نظريتي الانتاج والتوزيع وقضايا عديدة منها العلاقة بين مدفوعات الانتاج حيث اشار الى ان الارباح ترتبط بعلاقة عكسية مع الاجور، فكلما تزداد الارباح تنخفض الاجور التي ترتبط بكلفة الضروريات صعودا ونزولا، أي انها تبقى مع حد الكفاف.  يتفق ريكاردو في هذا المجال الى حد بعيد مع سمث ومالثس لكنه يتحدث بنطاق أدق ولغة اكثر وضوحا ومع حس اجتماعي اكثر حساسية وشمولا.   فهو يدافع مثلا عن نظرية قيمة العمل مؤكدا بان قيمة السلعة تتقرر بكمية العمل المبذول في انتاجها ولكن بغض النظر عما اذا كانت مكافأة العمل (الاجور) مجزية لجهود العامل أم لا!  كما اكد على انه لكي تتساوى الكلفة مع قيمة المنتوج، على الكلفة ان تعني الكلفة الكلية للانتاج بما في ذلك ربح المنتج. فاذا احتاج النجار ساعتين من العمل لصنع سرير خشبي واربع ساعات لصنع كرسي فان قيمة كرسي واحد ستساوي قيمة سريرين لكن ذلك لايعني ان كلف الانتاج في الحالتين ستكون مساوية لما يتقاضاه النجار من اجور،  ذلك ان الكلفة ستكون كلفة الانتاج الكلية اي مجموع مدفوعات الانتاج للعوامل الاخرى.  هذه هي القضية التي انتقدها ماركس وبنى بموجبها ما سيكون بعدئذ الاقتصاد الماركسي.   ان ايمان ريكاردو بنظرية قيمة العمل كان يعني ان الاسعار النسبية المقارنة للمنتجات تتمحور  حول ساعات العمل الانتاجية، وكذلك اجور العمال ستكون معتمدة على مدى مايبذلون من جهود في الانتاج، أي ان نظرية قيمة العمل اصبحت جزءً من حالة توزيع الدخول لدى ريكاردو. لكنه يؤكد ايضا ان القيمة عبارة عن متغير مستقل عن حيثيات التوزيع.  وعند ادخال رأس المال كأحد مدخلات الانتاج جنبا الى جنب مع العمل سيتوجب ان نعتبر مدى كثافة هذا المدخل Capital intensity كعامل ثابت عبر القطاعات الانتاجية.

أما عن الطبقات الاجتماعية الفاعلة في الاقتصاد، فان ريكاردو يصنفها الى ثلاثة طبقات رئيسية:

- طبقة ملّاك الاراضي الذين تكون مكافآتهم في الانتاج على شكل ريع أو ايجار لاراضيهم لقاء استغلالها لاغراض الزراعة او الصناعة او التجارة. وهم غالبا ماينفقون الجزء الاعظم من دخولهم هذه على السلع الترفيهية والكماليات.

- طبقة العمال الذين تتكون دخولهم من الاجور التي يتقاضونها لقاء جهودهم الانتاجية والتي ينفقونها في الغالب على السلع الضرورية ومستلزمات العيش والبقاء.

- طبقة الرأسماليين الذين تتكون دخولهم من الفوائد والارباح لقاء تشغيل رؤوس اموالهم في الانتاج والاستثمار والذين يدخرون جزءً من هذه الدخول ويستثمرونها في اعادة الانتاج وفي انشطة الاسواق المالية من اجل الحصول على المزيد منها.

على انه من الجدير باعادة الذكر هنا بان ما اشار اليه ريكاردو من زيادة السكان في المدى البعيد ستؤول الى استغلال الاراضي الاقل صلاحية للانتاج الزراعي مما سيزيد اسعار المحاصيل المنتجة التي تنجم عن زيادة الريع والاجور فقط ، وهذا ما سينفع الطبقتين الاجتماعيتين الاولى والثانية. هذه الزيادة في الريع والاجور ستضغط على الفوائد والارباح للطبقة الثالثة. وستستمر بالضغط على طبقة الرأسماليين للحد الذي قد تحد فيه من تراكم رأس المال.  يقترح ريكاردو منفذين للخروج من هذا المأزق:

- المنفذ الاول هو حصول التقدم التكنولوجي الذي سيزيد لا محالة من الانتاجية. لكنه في نفس الوقت سيقلل الحاجة الى العمل كما سيؤدي الى انخفاض اجور العمال وزيادة معدلات البطالة مما سيعصف بالطبقة الثانية ويسبب بؤسها اذا طال زمن هذا الحال.

- المنفذ الثاني هو اللجوء الى استغلال التجارة الخارجية. وهنا كانت المناسبة التي يقدم فيها ريكاردو نظريته في الامتيازات النسبية المقارنة.

نظرية الامتيازات النسبية المقارنة Theory of Comparative Advantages

تشير نظرية الامتيازات النسبية المقارنة الى امكانية الاقتصاد على انتاج سلعة أو خدمة معينة بأكثر كفاءة انتاجية وبأقل كلفة، وخاصة كلفة الفرصة   Opportunity cost، مقارنة باقتصاد آخر من الممكن ان ينتجها ولكن ليس بنفس الامتيازات.  على ان هذا الاقتصاد الثاني تتوفر له امتيازات لانتاج سلع اخرى لاتتوفر مثلها لدى الاقتصاد الأول.  وهنا فإن من المنطقي اعتبار هذه الفرصة كفرصة ثمينة لتبادل المنافع بين الاقتصادين. ويصح مثل هذا الحال بين شركتين أو بلدين.  واعظم ما تكون الفائدة المتبادلة بين الطرفين عند تطبيق هذه الحالة في التجارة الخارجية بين البلدان.

والامتيازات النسبية تختلف عن الامتيازات المطلقة Absolute Advantages التي تتمثل بتوفر امتياز فريد لدى بلد ما في انتاج سلعة او خدمة تجعله مختصا بشكل حصري في انتاج تلك السلعة او الخدمة بشكل كفوء يتفوق فيه على البلدان الاخرى.    وكمثال على الامتيازات النسبية المقارنة نأخذ بلدين مثل ايطاليا وانگلترا. لنفترض ان ايطاليا يتوفر لها امتياز في انتاج النبيذ لما موجود فيها من اعناب وخبرة وكفاءة في الانتاج مما يجعل الكلفة لانتاج النبيذ أقل بكثير مما لو تنتجه انگلترا.  وفي نفس الوقت تمتاز انگلترا بانتاج النسيج بشكل اكثر كفاءة واقل كلفة مما لو تنتجه ايطاليا.  وطبيعي ان يكون هذا الحال مثاليا للتبادل التجاري الذي ينتفع فيه الطرفان بأقصى ما يمكن!   فتعمل ايطاليا على تصدير النبيذ الى انگلترا واستيراد النسيج منها،  فيما تعمل انگلتراعلى تصدير النسيج لايطاليا واستيراد النبيذ منها.   ذلك ان كلاهما توفرت لديه الامتيازات النسبية المقارنة مع بعضهما.  واذا ضربنا مثلا على الامتيازات المطلقة سنقول يحدث هذا مثلا بين العراق واليابان حيث يتخصص العراق بتصدير النفط لما لديه من امتياز مطلق في توفر حقول النفط وخبرة طويلة وتكلفة قليلة لانتاجه،  ولايتوفر كل ذلك في اليابان.  لكن اليابان تمتلك امتيازا مطلقا في انتاج السيارات والمكائن التي لو انتجها العراق لكانت كلفتها باهضة ولاستلزمت خبرة تكنولوجية يفتقر اليها العراق لعدم توفر الامتياز المطلق لديه في هذه الصناعة.  ولذلك سيكون من الاجدى للطرفين ان يصدر العراق النفط  الى اليابان ويستورد منها السيارات والمكائن،  فيما يبادله اليابان بتصدير السيارات الى العراق واستيراد النفط منه.

من الافكار الاخرى التي استنبطها ريكاردو موضوعة التكافؤ التي سميت باسمه "التكافؤ الريكارديRicardian Equivalence  والتي تنص على ان ليس هناك فرق بين تمويل الحكومة للمشروعات عن طريق مايتراكم لديها من ضرائب او عن طريق الاستدانة واحداث العجز في الميزانية ذلك لان تأثير الوسيلتين على الاقتصاد سيكون متساويا.  ولذا فان من الحكمة ان يعي ذلك دافعو الضرائب بل يراقبوا ويشترطوا ان تكون هناك كمية ادخار مساوية للعجز من اجل ان يكون صافي التأثير على الانفاق صفرا.

في عام 1923 تعرض ريكاردو لالتهاب الاذن الوسطى الذي سرى في جسمه بسرعة فتحول الى التهاب الدماغ الذي أودى بحياته وهو بعمر الواحد والخمسين، تاركا ثروة طائلة لزوجته وأطفاله الثمانية، ودُفن في مقبرة كنيسة سانت نكلس في لندن.

***

ا. د. مصدق الحبيب

........................

مصادر مختارة

Blaug, Mark (1986). Great Economists Before Keynes, Cambridge University Press

https://en.wikipedia.org/wiki/David_Ricardo

https://iep.utm.edu/Ricardo/

https://www.biography.com/scholars-educators/Ricardo-David

https://www.britannica.com/biography/Ricardo

https://www.econlib.org/library/Enc/bios/Ricardo

https://www.investopedia.com/updates/david-ricardo

Ricardo, D. (1810). The High Price of Bullion, A Proof of the Depreciation of Bank Notes.

Ricardo, D. (1815). An Essay on the Influence of a Low Price of Corn on the Profits of Stock.

Ricardo, D. (1816). Proposals for an Economical and Secure Currency, with Observations on the profits of the Bank of England, as they regard the Public and the Proprietors of Bank.

Ricardo, D. (1817). On the Principles of Political Economy and Taxation.

Ricardo, D. (1820). Notes on Malthus' Principles of Political Economy.

Ricardo, D. (1822).  On Protection of Agriculture.

Ricardo, D. (1824). Plan for the Establishment of a National Bank..

Schumpeter, Joseph (1954).  History of Economic Analysis. Oxford University Press.

Skousen, Mark (2009). The Making of Modern Economics: The Lives and Ideas of the Great Thinkers. M.E. Sharpe Publications

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم