صحيفة المثقف

زيز الحصاد

نزار سرطاويالشاعر الإغريقي أناكريون

ترجمة: نزار سرطاوي


زيزَ الحصـــادِ إِنّنا           نُشـــــــيرُ بالبَــنانِ

إلـيـكَ فــي حـــفاوةٍ         أنـت السعيدُ الهاني

فوق أعالي الـــدوحٍ كالــــمـلـيـكٍ فــــــي أمـانٍ

مرتشفاً قـطرَ الندى         تصـدحُ بالألـــحانٍ

يا مـالـكاً كـلَّ الـذي        تـراهُ فـي الأطــيانٍ

وكلَّ ما تحملــــه الأشــــــــجـارُ في الأغصانٍ

أنت لـفـــلاحٍ الـحقـــــــولٍ أصـــدقُ الـخـــلانٍ

لا تعرفُ الأذى ولا         تسـعى إلى الطغيانٍ

أنت الذي تحظى بإكـــــــــــبارٍ بـني الإنـســانٍ

أيا نبيَّ الصيـفٍ في         رونـقـــك الـفــتّـانٍ

لقد هوتــــــك مُلْهٍمـــــاتُ الفـــــــنّ والـبـيـــانٍ

حتّى أبولّـو نفسُـــه     حَــفَـّك بالـحــــــــــــنانٍ

قد انجـلى عــــطــاؤُه  في لــــــحــنٍـكَ الرَّنّــانٍ

يا مـن تـعيش آمـــناً        مـن سطــوةٍ الزمانٍ

يا بارعاً ياابن الثـــرى      يا عـاشـقَ الأغاني

يامَنْ منَ الهمــومٍ لا         تشــقـى ولا تـعاني

كلاّ ولا تجري الدمــــاءُ فـيــك كالإنـســــــــانٍ

توشكُ أن تكونَ من           آلــــهـةِ الـيـونــانٍ

***

 

.........................

Cicada

Anacreon

(570 – 488 B.C.)

We pronounce thee happy, Cicada,

For on the tops of the trees,

Drinking a little dew,

Like any king thou singest,

For thine are they all,

Whatever thou seest in the fields,

And whatever the woods bear.

Thou art the friend of the husbandmen,

In no respect injuring any one;

And thou art honored among men,

Sweet prophet of summer.

The Muses love thee,

And Phoebus himself loves thee,

And has given thee a shrill song;

Age does not wrack thee,

Thou skilful, earthborn, song-loving,

Unsuffering, bloodless one;

Almost thou art like the gods.

 

..........................

عن الشاعر:

أنا كريون (570-488 ق.م.) هو شاعر غنائي إغريقي اشتهر بخمرياته وقصائده الإيروتيكية. وُلد في بلدة تِيوس في إقليم  آيونيا الواقع في منطقة الأناضول (تركيا اليوم). لكن الغزو الإغريقي لليونان دفعه إلى الهجرة منها إلى بلدة أبديرا الواقعة في إقليم تراقيا، وذلك في عام 545 ق.م. ومن هناك انتقل إلى جزيرة ساموس، حيث عاش في كنف حاكمها المستبد بوليكراتيس، الذي كان لحسن الحظ راعيًا الآداب والفنون. وبعد مقتل هذا الحاكم  رحل أناكريون إلى أثينا، وأقام فيها ردحًا من الزمن قبل أن يرحل إلى ثيساليا. وربما يكون قد عاد في نهاية المطاف إلى بلدته الأصلية  تِيوس وتوفي فيها، حيث يقال أنه عُثر على قبره هناك.

مزج أناكريون في شعره بين الكتابات الجادة والخفيفة. ومن الشعر الجاد قصائد سياسية، لكن ما نقلته المصادر لاحقًا يدور حول الحب والخمر والغلمان والمجون. وقد عده الدارسون الإغريق واحًدا من الشعراء الغنائيين الكبار. بل إنه اعتُبِر أستاذًا لمدرسة شعرية سميت باسمه – الأناكرونية. فقد قلده الكثير من الشعراء اليونايين الذين جاءوا بعده. ورغم أن ما بقي من آثاره الشعرية كان بجمله مجموعة من الشذرات، فقد كان له أثره في أوروبا في عصر النهضة وما بعدها. فقد تأثر به العديد من الشعراء الفرنسيين والإنجليز والألمان.

هذه القصيدة:

في مطلع عام 1990 وبينما كنت اطالع كتاباً للكاتب الأمريكي هنري ديفد ثورو  (1817 – 1862)،  لفتت انتباهي قصيدة جميلة بعنوان Cicada كتبها أناكريون، وترجمها ثورو إلى الإنجليزية شعراً. استهتوتني القصيدة فترجمتها إلى العربية. وسيكادا هو الجدجد، أو زيز الحصاد، وهو حشرة طائرة أكبر من النحلة بقليل، ينشط ليلاً ويتغذى على أوراق النباتات. وهو مألوف لدى سكان القرى، حيث يسمعون أزيزه طوال الليل.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم