صحيفة المثقف

المجداف والفنار

صحيفة المثقف

ملحمة المنفى (4)

يعاندني الليل ويمضي،

تائها في اليم، 

لا  يرضى  يغادرْ،

عتمة الصمت تعالت

تشتكي الموجَ

من القلب المسافرْ ..

**

حلمنا، حلمٌ شرود

ماج في الكون صداه ..

حُلمُ طفلٍ، سحرتنا مقلتاه ..

يذرع الساحل في المنفى

ذهاباً وايابا ..

اسمع المجداف في صمتي

نحيباً ودموعاً واحترابا ..                      

وفنارُ الساحل الصخري يعشو

في ضباب الليل لا يقوى عبابا..

إنه اليم عميقٌ ومهابا..

**

لا يريد الليل ان يمضي

ولا المجداف،

ان يرتاح  من الامواج ردحاً

كي يجاريها، هموماً وسرابا ..

**

عصف البرق،

ولاح الضوء خجولاً

 في متاه الغيم حتى

كاد أن يفتحَ في الافاق بابا ..

واستفاق الحلم عن زخةِ ماءٍ

وصرير مجداف عجوز

بات يشقيني غلابا ..

**

أيها المبحرُ نحو الفجر

لا تنظر خلفكْ ..

انه الساحل الصخري

لا يعبأ في كل النواميس

ومنها حد حتفكْ ..

**

أطبق الغيم

وراح البرق يغتال

شموسي ونذوري ..

مذ ركبنا البحر،

ما عادت تلاحين حبوري،

تركب الامواج في دنيا سطوري ..

انها الدنيا على أشلائها نمضي

كأشباح قبورِ ..

**

عالم  يبدو عقيما وسقيما ومكابر ..

هل ترون البؤس والحزن

من الاحداق مازال يحاذر..؟

هل ترون الحب مرعوباً ومطعوناً

بانياب الكواسر ..؟

**

تعب المجداف،

لا ضوء هناك يلوح

ولا حتى صريره،،

وفنار الساحل الصخري

يخلو من خفيره ..

وتماهت في عيون الليل

اشباح الفنار ..

وأرى الكل في منفاي ينتظر النهار..

**

أنا، وارتطام الموج 

والغبش المعفر بالضباب..

لم يكن في الساحل ضوء

ولا برق يزمجر كالشهاب ..

لينير ساريتي ودربي

بين أحجية السراب ..

**

الموج  يعزف وحده

والكل في صمت مريب

اسمعه وحدي

يسري كوهج النار في صدري، 

ولا ادري

وما عدت، اراني فوق سفحي

هوذا المعنى عُمق جرحي ..

تشتكيني الريح

تجري بين سوحي  ..

ونهارات تلاشت

لست  أدري،

لم اعد افتح عيني

ومجدافي يجافيني خلاصي

وثقوب القارب المأزوم تصرخ

روحك يا هذا

أما زلتَ تراها،

في مخاضات الثواني   

تسبق الريح لا تلوي

جراحاتي تعاني ..

انها تفتح فاها للخلاص،

ضائع انت، هلامي الهوى، 

حيث النهايات العظام 

تمضي مع اليم،

وفي الليل سجال وظلام ..

فمتى يبزغ فجر الليل والدنيا سخام..؟

***

د. جودت صالح

05/05/2020

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم