صحيفة المثقف

متى يَستردُّ العراقُ هويتَهُ..؟!

عبد الجبار الجبوريأثارت زيارة الوفد العراقي برئاسة وزير المالية، الى المملكة العربية السعودية والكويت، الكثير من الأسئلة، والنقاشات، في الشارع العراقي، بين مؤيد ورافض، لاسيما وإن الزيارة، تأتي في احرج الظروف الاقتصادية، التي تعيشها الحكومة، بسبب إنهيار أسعار النفط، وإفلاس خزينة العراق، في ظلِّ فساد حكومي لامثيل له، وبروز خطر داعش ثانية في المدن المحررة، وتصاعد خطر جائحة كورونا، التي تشكل اليوم الخطر اأاكبر على العراق، بسبب تزايد أعداد المصابين بشكل غير مسبوق، ربما يخرج بغداد عن السيطرة، وتصاعد صوت المتظاهرين في المحافظات، وصراع الاحزاب والكتل على المناصب في تشكيل حكومة الكاظمي، فماهي دلالات هذه الزيارة، وإنعكاساتها ونتائجها السياسية والاقتصادية على العراق، وماهو دور الادارة الامريكية في هذا الحراك العراقي، وإنفتاحه على دول الخليج العربي، والمتمثلة بالمملكة العربية السعودية، في وقت تتصاعد حدة الصراع الامريكي- الايراني نحو المواجهة الحتميّة، في العراق والخليج العربي ومضيق هرمز، إبتداء نقول أن الخطوة العراقية نحو الدول العربية، هي بدعم وتوجيه أمريكي واضح، لفكّ إرتباط العراق عن إيران، إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وإعادته الى محيطه العربي، وتخليصه من الإحتلال والهيمنة الإيرانية، ومن يراجع خطوات وقرارات مصطفى الكاظمي وتشكيلة وزارته، التي تخلو من صقور الأحزاب الموالية لإيران، وخاصة وزارة الدفاع والداخلية، يرى مدى جديّة، وإصرار الادارة الامريكية على إنهاء النفوذ الايراني نهائياً في العراق، وهذا هو السبب الذي جعل من تهديدات وتصريحات الفصائل المسلحة، والميليشيات والاحزاب الموالية، للولّي الفقيه المرشد الايراني، تتصاعد ضد مصطفى الكاظمي، خاصة بعد أن رأى العالم، ألإهتمام والدعم الاستثنائين من قبل الرئيس ترمب ووزير خارجيته بعد ساعة من إعلان تشكيل حكومة الكاظمي، تبعته بريطانيا وفرنسا والمانيا، بإعلانها التهنئة، والدعم اللامحدود للكاظمي، وكذلك السعودية التي إتصل ولي العهد فوراً بالكاظمي مهنئاً وداعماً له، إتصل الرئيس التركي والملك الاردني والامير الكويتي، عارضين إستعدادهم، ودعمهم الكامل لحكومة الكاظمي، وهذا الدعم لم يحصل عليه، أي رئيس وزراء عراقي منذ الاحتلال، إذن هناك توجه دولي، على دعم حكومة الكاظمي، وإنجاح مهمته، في إنهاء نفوذ ايران ليس في العراق فحسب وانما في المنطقة، والذي يهدد، المصالح الاستراتيجية لامريكا والدول الاوروبية، ونعتقد ان الدور البريطاني، هو وراء حرف بوصلة الحكومة العراقية، من إيران الى الدول الخليجية، فهي راعية وحاملة ملف التغيير القادم في العراق، وتصحيّح المسار الخاطيء للسياسة الامريكية، التي غزا بها المجرم بوش الابن العراق، تحت ذرائع واهية وكاذبة، والتي إعترف بخطئها الرئيس ترمب، ووصفها بأنها –أكبر خطأ في تأريخ أمريكا- وهكذا تدخل زيارة الوفد العراقي الى السعودية، لتعلن بداية عصر جديد للعراق، وعودة الى حضن الامة العربية، تاركة خلفها إيران وميليشياتها، ترعد وتتوّعد وتزبد وتهّدد .إن قرار الادارة الامريكية، للحكومة العراقية بتمديد تزويد العراق بالغاز والكهرباء الايراني، سينتهي بعد المهلة الامريكية (120) يوما، لتنتهي العلاقة الإقتصادية مع إيران وتطبيق القرار الدولي للعقوبات، والتوجه الى دول الخليج العربي، فالزيارة حققت اهدافها الإستراتيجية، ومن نتائجها الاقتصادية الاولية، إستثمار حقول عكاز في الانبار، وتزويد العراق بالكهرباء والغاز السعودي، ودخول الشركات السعودية، لإعمار المدن المحررة، ومنها شركة أرامكو أكبر شركات النفط السعوية، وفتح المعابرالتجارية الحدودية السعودية الثلاث مع العراق، وعودة السفير السعودي لبغداد، وتقديم قرض مالي بثلاث مليارات لسد العجز المالي، في رواتب الموظفين وغيرها، إذن الإنفتاح الخليجي على العراق وإحتضانه، له مايبرره، وهو إبعاد العراق بأية صورة، وتحت أي ظرف، عن النفوذ الايراني، مستغلين الدعم الدولي له، إذن ليس أمام حكومة الكاظمي، سوى خيارين فقط، إما الانهيار الاقتصادي الكامل، وإما الاعتماد على دعم الدول الخليجية مالياً وسياسياً، لإخراجه وإنقاذه من الإنهيار المريع الذي ينتظهره، وسط أزمات وتحديات كبرى، لايمكن له الافلات والخلاص منها، لاسيما وإن الدعم الايراني للعراق، معدوماً تماماً، بسبب الخنق الاقتصادي، والحصار التاريخي، الذي خنق ايران وجعلها على حافة الإنهيار، وهذا مايبّرر للكاظمي، التوجه الى إيجاد بدائل لإنقاذ الاوضاع الاقتصادية من اإانهيار، وبعدها إنهيار الحكومة، إذن الاستراتيجية الامريكية تجاه العراق، وإنقاذ حكومته من الانهيار والافلاس، قد أضحت حقيقة، ونجحت في اقناع الدول الخليجية، بضرورة دعم العراق وحكومته، لكي تحافظ على توازنها من إنهيار، وتعود الى محيطها العربي، وتتخلص من النفوذ الايراني ثانياً، وتتهيأ الادارة الامريكية لتعزيز هذه الإستراتيجية، بتفعيل الجهد الجوي والاستخباري، لمواجهة خطر تنظيم داعش، والمشاركة في ملاحقة فلوله في العراق وسورية، إذن أصبح واضحاً للجميع، أن العراق ذاهب الى محيطه العربي بقوة، وبدعم بريطاني وامريكي والماني، وإن تعهد السعودية لملف العراق، والدخول بقوة الى العراق، يتطلب تعهدحكومة الكاظمي بتقديم ضمات عراقية، بحماية الشركات والسفارة السعودية، من تهديد الميليشيات والفصائل الطائفية الولائية، فهل تسكت إيران وميليشياتها وأحزابها، على ما تفعله بريطانيا وأمريكا من دعم الكاظمي وحكومته، وإدخال النفوذ الاقتصادي الخليجي والسعودية للعراق، دون ردّ عسكري تخريبي للعلاقة بين العراق ومحيطه العراق، الذي سيكسر ظهر النفوذ والهيمنة الايرانية، وسينهيّها الى الأبد في المنطقة والعراق، لاسيما وإنها في سوريا قد إنحسر نفوذها الى النصف واقل، أنا أجزم أن عجلة النفوذ والحضور الأمريكي والسعودي، ستدوس النفوذ الإيراني وتسحقه في العراق إقتضادياً وعسكرياً، ولن يبقى لإيران أي نفوذ في العراق، في خلال شهرين على أكثر تقدير، ستعود الدول الخليجية بقوة الى العراق، سفاراتها وشركاتها ونفوذها، لتحاصر النفوذ الايراني، وتطرده من العراق، بدعم أمريكي وبريطاني، أنا أرى أن أفول النفوذ الايراني في العراق، وأراه ولا أحلم، زوال نفوذ وخطر الميليشيات الايرانية، وحصر السلاح بيد الدولة، وقلت في مقالي السابق، ان زيارة الكاظمي لمقر هيئة الحشد ااشعبي ليس إعتباطاً، وإنما لكي يحصر نفوذه وقراراته وأوامره، بيد القائد العام للقوات المسلحة، ومن لم ينفذ سيكون خارج القانون، وسيلاحقه عسكريا وبالقوة لنزع سلاحه، أعتقد أن ألكاظمي فيه من الذكاء الكثير، فهو كما يقول المثل العراقي (لايطلق طيره في ضباب)، ويعرف من أين تؤكل الكتف، مستنداً على دعم لامحدود من الادارة الامريكية وبريطانيا، وما تحقيق نصر على داعش بمقايضة عبد الناصر القرداش من قسد، وهو بنك معلومات مهم جداً، له ولأمريكا، إلاّ علامة على تجريد داعش من أي أمل لتهديد العراق، وما عملياته في المدن المحررة الاّ رفسة بغل لا أكثر، أعتقد الأنتخابات الامريكية لها فعلها في هذا الظرف العصيب ولابد من نصر تأريخي يعيد الرئيس ترمب، لسدة رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، والكاظمي، مرشح لهذا الدور، إذ أنه سيقود المباحثات التأريخية بين العراق وأمريكا، التي ستجري يوم 10 حزيران المقبل، والتي ستحدّد مستقبل العلاقة بين أمريكا والعراق لعقود قادمة، أو ترك العراق لقمة سائغة للإنهيار الاقتصادي ولخطر داعش، وووباء كورنا ونفوذ ايران، نعتقد أن نتائج الحوار الامريكي- العراقي في حزيران، هو الموعد التأريخي لعودة العراق الى محيطه العربي، وإنهاء النفوذ الايراني الى ألأبد في العراق، وتاريخ إستعادته لهويته القومية....

 

عبد الجبار الجبوري

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم