صحيفة المثقف

تلويحةٌ لحرائقَ البَّحر

عبد الجبار الجبورييسكُننُي البحرُ، كما تسكن القطرة غيمةَ المَطر، وهي تسكنُ في عينِ عاصِفتي ، يتلَبسُّني ظِلّها أنى كنتُ، يَمشيَ مَعي كأنهُ ظِلِّي، بل هو ظِلّي، أجلسُ معهُ وأُنادمُهُ، ويَبوحُ لِي ما لمْ أبحْ لَها بهِ، يأخذُني من يدي، وندخلُ بَهو مواجعِها، فأرى صُورتي معلقةً على حَائطَ مبْكاها، وأرى سماءً تزّينُها قصائدي، وهي تحاولُ أنْ تَفكَّ طلاسمَها وسرَّ ماءِ الكلامِ فيها، تحرسُها نجومٌ من حريرَ الشوّق، وقمرٌ يجلسُ على نافذة البّحر، يقرأ قصائدي للبحر، تهمس في أذني وتقولُ، حين يجنُّ الليل، ننزوّي هنا لتقرأ آخر أشعارك لي، إقرأ لي قصيدة الآن (العطشُ لشفتيكِ لايعني البحثُ عن الماء)، أحبُّها جداً، أتذّكرُ حينَ كتبتَها ، وأرسلَتَها لِي، وقلتُ لكَ (أنتَ إسطورةٌ)، ناحلٌ جِسْمي، وقَلبي سَقيمٌ يَخذلُني، عيناي ترقبان طلة الفارعة من خلف الغيوم، ينام نهرهاعلى سرير قصائدي، وتنام قصائدي رموش عينيها الواسعتين ، يسحرُني كُحلُ عَينيّها، وتؤسرُني ضحكتُها الذهبيّةُ ، وبُحةُ صوتِها المِغنّاج، التي تُشبِهُ طلّعةَ شمسٍ/ لاوقتَ للماء كي يَرْوي عَطشَ الكَلام، ولاوقتَ لشفتيّها كي يرويانِ ظمأ شفاهي، (عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم)، أنتِ ياترابَ قصائدي، ويا رائحةَ رُوحي، ودمعةَ أشعاري، وجنونَ حَرْفي، وسماواتِ أيّامي، قَلْبي هذا، لا هذا ليسَ قلَبي، هذا كَومةُ رَمادٍ بعَدكِ، تذرّوهُ الرِّيحُ أنّى شاءتْ، أنا ِنقطةٌ حزينةٌ في حروف إسمها البِلا نِقاط، أنا تلويحةٌ خجولةٌ لحرائقَ البّحر، البحرُ الذي كنتِ تقفين على حافته، وتلوّحينَ لي بِشالكِ الأحمر، تَعالَ ولاتأتِ، هُنا سيأفلُ القمَرُ، هنا ستغيبُ النجومُ خلف الأفقِ البعَيد، وهناك سينامُ الليّلُ على سريرِ الغريبة، وسادتُهُ قُبْلةٌ، ولِحافهُ شوقٌ قديمٌ، أحلمُ بغمّازتيكِ، المختبئتينِ وراء الغيُوم، أحلمُ بحُلمتيّنِ تقَطرانِ عَسلَ الله، على شفاهٍ عَطْشى، أحلمُ فقط، أنْ أقولَ لكِ أُحبُّكِ وأموتْ...

***

عبد الجبار الجبوري - الموصل

الثالثة صباحاً- الثالث من أيام عيد الفطر ..

27/5/2/2020

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم