صحيفة المثقف

العيد الحزين والهدية

خلود الحسناويتبادل الهدايا في المناسبات او في غيرها يعتبر احد اساليب التعبير عن المودة والاحترام ودوام العلاقات وتمتين اواصرها ودليل على الاهتمام.. فانت بهذا تُخبر الشخص الاخر بأنك مهم عندي ولك مكانة في نفسي لذا انا اعبر عن ذلك بأن اقدم لك هدية  يرافقها عبارات جميلة بعض الاحيان.. والهدية: هي الهِبة او العَطية بين الناس.. والتهادي بين الناس أمرٌ مرغوبٌ فيه بكل الاشكال ومقبول، وهو دليل محبة بين الافراد .

واما نوع الهدية فهذا امر فيه عدة وجهات للنظر تبعا للشخص وعمله وشأنه في المجتمع ومكانته وما الى اخر ذلك من هذه الاعتبارات .

وبالنتيجة فإن الهدية مهما كانت قيمتها المادية لاتوثر بالعلاقة هذا من جانب المنطق طبعا انما قيمتها تكمن في معناها التعبيري وقيمتها المعنوية، فالبعض يقدر الهدية ويعتبرها اغلى ماحصل عليه ولو كانت وردة بسيطة وهذه الوردة من الحبيب، الله مااكبر قيمتها !!..

 واحيانا نقدم هدايا ذات قيمة مادية كبيرة جدا ولكن الغرض منها هو الظهور والمرآت للأخرين بأننا قدمنا هدية غالية لفلان من الاصدقاء كي يعرفوا كم نحن نبذخ ولدينا تلك الإمكانية.. لكنها خالية من محتوى التوادد والمحبة، وبكل الاحوال تبقى الهدية بمعناها ومايرافقها من جميل المشاعر واسماها سواء للوالدين او بين الحبيبين او الأخوة او الأصدقاء، واما انواع الهدايا فهي كثيرة واذا تحدثنا عن الهدايا للنساء نجد اغلبهنَّ يملنَّ الى الاكسسوارات وكل مايضيف لجمالهنَّ بلمسة، ومنها الأساور .

وعلاقة المرأة بالسوار وطيدة وحميمة جدا وخصوصا في ايام الاعياد فيما سبق وهذا ماعرفناه من خلال احاديث جداتنا عن احداث تلك الازمان الغابرة وطقوس تلك المجتمعات في المناسبات.. 

وقد سبق وتحجج شاعرنا إيليا أبو ماضي.. بعدم إحضاره هدية لحبيبته باعتباره لها انها أغلى مِن أن يُهديها أي شيء مادي في قصيدته "هدية العيد" الشهيرة جدا

وماذا سيهديها؟ اي شيء ستكون هي الاغلى والاثمن وانه ليس من قيمتها..

وفي معرض استعراضه هدايا تلك الأيام حيث قال:

"أي شيء في العيد أهدي إليكِ

يا ملاكي وكلّ شيءٍ لديك؟

أسواراً؟ أم دملجاً من نضار

لا أحب القيود في معصميك...."

ليختمها: "ليس عندي أعزّ من الروح

وروحي مرهونة في يديك"...

ومفارقة بهذا البيت الذي يقول : لا أحب القيود في معصميك...." لا يحب القيود في معصميها وقد قيدها بحبه !!

وفي حينها ما لبث أن أطرب فيها فناننا الكبير ناظم الغزالي العالم العربي اجمع بها وغالباً ما رددها الرجال في القرن الماضي وأذابت قلوب بعض النساء، وأغضبت نساءً أخريات ممن يفضلنَّ الأساور،ودملج النضار (سوار مكتنز من ذهب)، وكل ما ذكره الشاعر من الياقوت والعقيق والورود..

ويبقى العيد اجمل بهدايا الرب سبحانه وتعالى بان رزقنا احبتنا واننا بخير بهذا الزمن الذي تعذر علينا فيه لقاء الاحبة والاخوة لتبادل التهاني وعبارات الود واقتصر ذلك عبر الهواتف والاتصالات.. بزمن الأوبئة والامراض، واهمها امراض النفس اعاذنا الله واياكم منها..

وبالنهاية بما انه تأخرت الرواتب هذا العيد الحزين لهذا العالم.. لاتوجد عيدية ولاهدية.. والافضل لنا ان نستمع لناظم الغزالي ونقنع أنفسنا بأننا أغلى هدية.. عيد فطر مبارك وكل عام وانتم بالف خير  حفظ الله الجميع من كل سوء وبلاء .

 

بقلم / خلود الحسناوي  بغداد

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم