صحيفة المثقف

كلمات وشذرات فلسفية (7)

علي محمد اليوسف- في توّقف العلم ليلتقط أنفاسه يبدأ أفق الفلسفة..فالعلم فضاء نسبي محدود والفلسفة مطلق بلا حدود.

- لغة الرياضيات منطق لا يمكننا فهمه ولا شرحه بغير مرموزات المعادلات الرياضية.على العكس من لغة الفلسفة فهي افق مفتوح النهايات يتسم بالمنطقية لكنه يحيد عنها في العديد من مباحث فلسفة اللغة.

- فهمنا حقائق الحياة والميتافيزيقا يتطلب أكثر من قدراتنا العقلية المحدودة .

- من السذاجة تصور امكانية بناء الواقع بالكلمات المجردة في حين يطلب منا تغييره على الارض بالعمل.. حقيقة معرفية جعلت ماركس في القرن التاسع عشر يتحول في تفكيره الفلسفي 180 درجة، وأتجه نحو الاقتصاد السياسي تاركا التفلسف خاصيته الشبابية قبل نضجه الفلسفي -  السياسي.

وكانت لهذه المقولة أثرا بالغا جدا على الفلسفة البراجماتية الامريكية.

- أن نكون أمة الفصاحة اللغوية والكلام ليس سببا كافيا أن نكون آخر قائمة الامم بالتخلف.

- لم أكن الشجرة الوحيدة المثمرة ولن أكون الاخيرة التي تناوشتها حجارة حثالة من الفاشلين بالحياة.

-    مفارقة مؤسية أن يجد المثقف العربي غير الازدواجي حريته ومكانته خارج مجتمع ومثقفين نكرات يحكمهم النفاق والخبث حتى نخاع العظم لذا أصبحت هجرة الاوطان غاية نبيلة يسعى لها كل عربي.

- لا يمكننا ترويج ثقافة عربية حقيقية في وسط ثقافي موبوء بكل تافه وضحل معادي لها.

- أبشع الاخطاء التي لا ينفع معها تداركها هي منح ثقتك لشخص غير جدير بها ولا مؤتمن عليها..والثقة بالآخر هبة قلبية تمنحها ولا تاخذها من أحد ولا يمكنك أسترجاعها من لئيم.

- ثبت لي أن شتائم الشاعر العراقي المغترب سعدي يوسف بحق المثقفين العراقيين الرسميين وغير الرسميين ليست شطحة فكر ولا نقص في ضميرأخلاقي وشاعرية بلا أدب..بل كانت كلمات مطابقة الضمير مع واقع الحال المنحرف الميئوس من أصلاحه.

- اذا اكلت مرحلة الانحطاط في القرون الوسطى الاوربية عصورا طويلة فنحن أمة العرب سنعيش الانحطاط الحضاري حتى قيام نهاية الانسان على الارض.

- سكرات الموت الحقيقية يتجرعها الانسان الغني ساعة الاحتضارفقط في حين يتجرع الفقير كؤوس سكرات الموت ومرارتها كل يوم  مدى الحياة.

- لا تعرف حقيقة الحياة وأنت تعيشها بل تعرفها حين يداهمك الخطرأو المرض.

- لم تكن أرادة السماء خاطئة أو الطبيعة غير العاقلة ساذجة حين منحت اوربا ومعظم دول العالم طبيعة هي جنّة الله على الارض وحرمت منها شعوب عقولها التخلف والخرافات وتصديرمنتجاتها الى العالم عنفا ودماء وقتل وارهاب.

 

- لا بأس أن تكون جنة السماء الموعودة من حصة بؤساء الارض الذين لم يشتروا الضلالة بالهدى في الحياة حين باعوا سعادة الارض في وهم قيمة الخلود في السماء .

 

- العقل تفكير بموجود انطولوجي أو موضوعا من الخيال وليس تفكيرا بفكر تجريدي فقط، والعقل لا يوّلد الافكار المجردة من تجريد فكري سابق عليه بعيدا عن موضوع يتحدث عنه لغويا، لذا تكون هنا اللغة تعبيرا عن معنى قصدي ملزم لها، وبخلافه تكون لغة التفكيك التي لا تعنى بفائض المعنى، تلتقي بالصوفية في أعدامها المقصود المباشر لمعاني اللغة في دلالاتها الاشارية التواصلية المعهودة.

 

- أخطر التعابير اللغوية هي زلات اللسان في اللاشعور حينما يجعل التفسير الاعمى منها حقائق دوغمائية يقينية تقود الى تدمير بالحياة لا يمكن تصوره.

 

- الانحطاط والتخلف والفساد في حياة الشعوب لا يمكن تصديره للغير كما لا يمكن استيراده من الغير، فأجد من السخافة ملامة غيرنا في سبب تخلفنا خارج مسؤولية عقولنا القاصرة التي لا يروق لها العلم والتقدم في الحياة.

 

- أحترام الرأي الآخر ليس في التماهي معه أو التوازي والتغاضي عن عيوبه، بل أحترام الرأي الاخر في الدخول معه بنقاش مثمر يقود الى تصحيح القناعات الخاطئة في الناقد والمنقود.

 

- لا يمكن للفكرة أن تكون صادقة وكاذبة في وقت واحد. وحسب تعبير امبرتو ايكو الشيء الصحيح هو الذي لا يمكننا شرحه، وفي تقديري أن السبب في ذلك هو أن التاويل اللغوي يحمل فائض معنى غير مفصح عنه على الدوام فلا يوجد ما هو صحيح مقفل على نفسه.

 

-  بداية كل شيء صحيح بالحياة هو أذا رغبت معرفة حقيقة قيمتك عليك معرفة قيمة غيرك أولا.

 

- التفكير الخيالي هو اللامتناهي في محدودية القدرة الانسانية على معرفة وفهم العالم ليس كل العالم . فالتفكير بموضوع في مكان وزمان معينين يجعلان من التفكير الخيالي موجودا كونه يستنفد نفسه استهلاكيا كتفكير تجريدي متموضع في أدراكه لمواضيعه المستمدة من الذاكرة.

 

- العدم لا يسبقه وجود ولا يعقبه وجود لكنه مزامن لكل موجود، ولا يكون العدم بلا موجود يفنيه ويعدمه في ملازمته له. فالعدم بالمعنى التصوري العقلي هو أفتراض لوجود غير موجود بمعزل عن موجودات أفنائه لها. والعدم لا يفني نفسه فهو لا شيء يمتلك صفات ولا ماهية بذاته.(حين قال هيدجر العدم لا يعدم نفسه أصبح في موضع تندّر من قبل فلاسفة غيره فالعدم لا شيء ).

 

- من الاخطاء الشائعة فلسفيا ان العدم يفني الموجودات و الاشياء الحيّة، والحقيقة أن كل الاشياء بالحياة محكومة بالفناء والعدم الذاتي في نهاية دورة حياة دائرية ولا وجود لعدم خارجي من غير طبيعتها يستهدفها بالفناء..

 

- الموجودات في حقيقتها الجوهرية وجود فيزيائي بمعنى هي عدم مؤجل، وكينونات مادية في طريقها الى حتمية الزوال والفناء. والعدم أفتراض لا نستطيع معرفة ماهيته ألا في نتائج أفنائه الموجودات الحيّة.

 

- التزامن هو وقوع أكثر من حدث واحد بالتعالق المكاني والزماني الجدلي بينهما في حقبة زمنية واحدة، وهذا يؤكد أن التزامن قطع تزامني تحقيبي بمقياس الزمن الذي هو مطلق سرمدي لا نهائي وغير محدود والا أصبح الزمن في محدوديته تزامنا حدثيا مؤقتا بين الاشياء وليس زمانا سرمديا لا محدودا يحكمنا كوجود وموجودات. وهذه الخاصية يحتكرها الزمن ولا يستطيعها التزامن كتحقيب زمني لوقائع.

 

- ما جاء به انشتاين في نسبية الزمان باعتباره قانون فيزيائي محكوم بالكتلة والسرعة والمسافة بالقياس الكوني، وبذلك وضع حدّا لما جاء به نيوتن في الزمان المطلق ايضا بالقياس العلمي الفيزيائي، لكننا عندما نقول الزمان مطلق في المنهج الفلسفي أنما نقصد هذه الاطلاقية خارج منطق الرياضيات الفيزيائية، فالزمن بالمعنى الفلسفي هو وسيلة العقل الانساني في ادراك الموجودات والعالم الخارجي من حولنا ليس بمنطق المعادلات الرياضية والفيزيائية.وأنما بمطلق الوجود الانساني على الارض والا أصبحت الفلسفة منطق رياضي.

 

- لا يتساوى العلم والفلسفة في معرفتهما الانسان ولا في خدمة مستقبله ، فلكل منهما طريقه الخاص به، واذا ما حدثت صدف التكامل والتكافل بينهما فهذا لا ينفي الاستقلالية لكل منهما.

 

- عمل فيلسوف الهورمنطيقا بول ريكور على تحرير البنيوية من بعدها الاطلاقي الذي هو تعال لغوي بلا ذات وعمل بذات الوقت على تحرير الظاهراتية (الفينومينولوجيا) من بعدها النفساني حيث جعل منها ذاتا مجردة بلا تعال على موضوعها.

 

- يوضّح فريجة التمييز بين المغزى والاحالة، بما نفهمه نحن على أن   المغزى هو الدلالة المستحصلة من المضمون الفعلي الذي ينقله الخطاب، أما الاحالة فهي المدلول الخارجي الذي يحال عليه الخطاب كمرجعية معرفية أو مرجعية تأويلية.

 

- البديهيات هي كلمات شيئية حصيلة أجماع كلي على مصطلح ينطبق الملفوظ عنه بالكلمات مع شيئيته الموجودية في عالم الاشياء، والبديهية هي سبب ونتيجة معا ولم تعد بحاجة برهان يدعم موثوقيتها ويصوّب حقيقتها الناجزة. فأنت مثلا لست بحاجة البرهنة على أن الانسان موجود في الطبيعة جزءا منها متمايزا عنها.

 

- بحسب ريتشارد رورتي ما هو صادق ليس بالضرورة يكون مطابقا للحقيقة

The truth is not the fact . الصادق ليس هو الحقيقي في كل الاحوال فالصدق قد لا يمكنه الالمام الكامل بالحقيقة، فما نحسبه صادقا ربما يفتقد برهان حقيقته. والصدق حالة متغيّرة متجددة من حالات النفس والوجود، بينما تكون الحقيقة حالة مستقرة متواضع عليها رغم نسبيتها، ولا تتساوى الحقيقة مع الصدق الا في تعبيراتنا أن ماهو صادق يكون حقيقيا.

- مثلما لا يمكننا القول أن ما يعقب مابعد الحداثة هو ليس حداثة كذلك الحال لا يمكننا القول أن مابعد الفلسفة لن يكون فلسفة بالمعنى الشيئي الدقيق للكلمة.

- كل موضوع يكون ملزما اللغة التعبير عنه، والا فقدت اللغة ميزتها الاساسية على أنها جوهر ماهيته التعبير عن الاشياء الواقعية والخيالية معا وأنها وعاء الفكر، ولا يمكننا تصور موضوعا بلا دلالة لغوية تعبيرية عنه، وكذلك لا يمكننا تصور تعبيرات لغوية لا معنى لها وألا فقدت ميزتها اللغوية التواصلية وتصبح هذاءات صوتية فوضوية لا تدل على معنى كما هي هذاءات الجنون.

- اذا كان العقل جوهرا ماهيته التفكير واللغة ، فأن العلم الاصطناعي (الكومبيتر) والريبوت الصناعي هو عقل آلي يتسم بتلقينه المفردات اللغوية الشيئية لكنه يعجز تماما عن أمكانية توليده الاشتقاقات اللغوية التعبيرية الذكية كما يفتقد قدرة الذكاء التوليدي التي هي فطرة عقلية لا تمتلكها الآلة وهو ما أشار له الفيلسوف وعالم اللغات نعوم جومسكي أن الآلة لا تفكر لغويا توليديا ذكيا.

- العقل والجسم جوهران متلازمان ،فما الفرق بينهما؟ العقل جوهر بيولوجي فيزيائي وجوهر تجريدي معا خاصيته اللغة والافكار والوصاية على الجسم والنفس، بينما الجسم جوهر بيولوجي فيزيائي خاصيته الحفاظ على كينونة الانسان وتطوير قدراته التكيّفية بالحياة ولا وصاية له على العقل.

- العقل جوهر غير فيزيائي خالد كخلود النفس ولا مادي ماهيته التفكير حسب ديكارت لكنه علميا ليس خالدا في كل الاحوال، وعنما ربط ديكارت خلود العقل بخلود النفس بعد فناء الجسم فلا برهان علمي يؤكد ماذهب له الا فقط ما تذهب له بعض الاديان والتيارات الفلسفية المنقادة لها في التبعية.

- الافكار التصورية للعقل أنما هي مرتبة ثانية في تراتيبية الادراك العقلي وهي (التمّثلات). فالعقل يدرك الاشياء المادية كموجودات حسيّة قبل الاهتمام بالتعبير عنها تصوريا لغويا تجريديا. ومخرجات العقل ليست تعبيرات تجريدية لا تؤثر بالموجودات فأدراك العقل لأي موجود في الطبيعة في الواقع أو الخيال أنما يكون من أجل التاثير به تغييريا وليس التعبير عنه لغويا فقط.

- الظاهراتية هي ما يظهر ذاته بنفسه، والمظهر هو صفات الشيء الخارجية التي تدرك بمعزل عن ماهيته، عليه تكون الصفات البائنة لا تفصح عن ماهية الشيء الا في القليل جدا عندما تكون بعض الصفات الخارجية لبعض الاشياء هي بعضا من الماهية لذلك الشيء.

- دفعت ضريبة أفكاري بصمت وصبر، وحزن الذين يولدون في غير أزمانهم.

- يقول سارتر ينبغي على الانسان أن يموت كي يحيا الانسان ، فالانسان عذاب بغير جدوى.معنى ذلك أو بعضه لو لم يكن الموت لم تكن الحياة وليس العكس كما أن الانسان محكوم بالموت والفناء لحظة ولادته وصرخته الاولى في الحياة فهو يأتي الحياة لا يتصور فناؤه الحتمي.

- الانسان ضمير أخلاقي وليس سلوكا لا أخلاقيا بلا ضمير.

- كنت أشرت في أكثر من موضع في مقالاتي أن جاك دريدا فيلسوف اللاشيء، ولازمني القلق أن اكون مخطئا  في فهم فلسفة التفكيك الى أن تنفست الصعداء حين قرأت للمفكر الكبير فؤاد زكريا قوله في أحدى لقاءاته أن دريدا لم يأت بشيء يدعى فلسفة.

- الفلسفتان المادية والمثالية كلتاهما يعتبران العقل مرجعية لهما.

- الفكر والوعي جوهران ماديان في العقل قبل تحولهما الى مدرك واقعي في الموجودات والاشياء. ويستطيع الوعي اللغوي التعبير عن المادي والروحي والنفسي والقيمي في تجريد معبّر عنه منطقيا معجزا.

- الوجود مفهوم مطلق تجريدي غير محدود الصفات ولا معروف الماهية، والوجود يفهم بدلالة الموجودات، ولا تفهم الموجودات بدلالة الوجود، ..

- الوجود كمفهوم تجريدي هو افتراض مطلق، اما الموجودات فهي اشياء ومواضيع ادراكية مستقلة بذاتها وتتداخل مع غيرها بعلاقات بينية يحتويها الوجود.

 

علي محمد اليوسف /الموصل

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم