صحيفة المثقف

ذُريَّة سَمك البلطي

عامر كامل السامرائيللشاعرة المجريَّة: زيتا إتزو

ترجمها عن المجريَّة:

عامر كامل السامرَّائي

الثلج أكثر ما أتذكر من كل ما حدث.

انحنينا على حافة الشرفة، ونظرنا إلى البياض اللامتناهي،

عندما كسر الجنود علينا الباب.

كان لديَّ من الوقت ما يكفي لسحب أختي إلى القبو.

حينما كنا مختبئين هناك،

كان نَفَسي يؤذيني

كما لو أني أُطعنُ بحراب البنادق،

وكنت خائفة،

مِنْ أنْ ينفذ مكان الطعنة إلى أضلعي

ثُمَ انتهى كلَّ شيء.

 

وجدونا، أختي تبدأ بالصراخ،

أغمض عيني حتى لا أرى ما يفعلونه بها،

يقولون إننا نسمع كلام الله عندما نكون بأشد الحاجة إليه.

ولكن رُبَما لا يمكنكَ التحدثَ إلينا

لأنكَ لا تحملنا بين يديكَ، بل في فمكَ يا ربي،

مِثلما يفعل السمك البلطي بذُريَّته.

سَحبوني إلى الحديقة، وفرجوا ساقيَّ.

ألقموا فمي بالثلج، فقد كان يزعجهم

ذلك الصراخ العالي، الغريب، الممطوط

الذي لم أكن أعرف حتى أنا أنه يَخرجُ منّي،

ظننتُ أن إحدى القوارض التي تلتمس الحماية عالقة مرة أخرى

بين العازل والسقف، وهي تضرب رأسها بالألواح الخشبية

مرة تلو الأخرى حتى يُدمى، كي لا تبقى هناك.

ولكنْ عندما كانوا يحشون فمي بالثلج، أدركت

أن ذلك الصوت كان يَخرجُ مني.

يذوب الثلج في فمي ببطء شديد،

ويسيل في حلقي فاتراً.

مذاقه يشبه ما كان يتساقط

كنا أنا وشقيقتي نمد ألستنا.

ولكن منذ أن بدأت الحرب،

لم يعد للأشياء مذاقها الأول

لا لحساء أمي،

ولا لتفاحة والدتها المشوية،

ولا لكعكة جدتي،

لكن مذاق ذلك الثلج لم يتغيَّر.

قالت أمي إن الله لا يحملنا في فمه،

وإنما بين يدي رحمته.

***

 

......................

ولدت الشاعرة زيتا إتزو (Izsó Zita)في عام 1986.

  هي شاعرة ومترجمة وكاتبة مسرحية وأحد محرري سلسلة الأدب العالمي FISZ-Kalligram Horizons  وصفحة غلاس هيل لأدب الأطفال.

تترجم الشعر عن الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية. وقد تَرجَمتْ إلى اللغة المجرية أعمال للشاعر الأرجنتيني أليخاندرا بيزارنيك وللشاعر المكسيكي روزاريو كاستيلانوس.

كتبت بالاشتراك مع شقيقتها أول دراما مسرحية، التي فازت في مسابقة التمثيل للإذاعة المجرية. كما تم تمثيل مسرحيتها "الإدمان" في عام 2010 من قبل فرقة المسرح في مدينة ديبرتسن الواقعة شمال المجر.

"ساكن البحر" أول ديوان صدر لها عام 2012. وفي نفس العام فازت بجائزة  Attila Gérecz وحصلت في عام 2013 على منحة الروائي المجري Zsigmond Móricz الأدبية، وفي عام 2015 حصلت على منحة الشاعر المجري  Babit Mihály للترجمة الأدبية. كما حصلت في عام  2016 و 2018 على منحة NKA الإبداعية.

تم إصدار ديوانها الثاني "من لون إلى لون" في خريف عام 2014 تحت رعاية إحدى المؤسسات الأدبية. تُرجِمتْ قصائدها حتى الآن إلى الإنجليزية والألمانية والبولندية والتشيكية والصربية والرومانية والبلغارية والسلوفاكية والتركية والآن إلى العربية.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم