صحيفة المثقف

"مليشيات ايران" تتجاوز الخطوط الحمراء

مؤسف ان تستغل ايران جهل قادة مليشيا ينقصهم الانتماء الوطني لتنقل معركتها الخاسرة مع المجتمع الدولي الى العراق، وتكون بمأمن من عقوبات اعتداءات الملشيا على قوات التحالف، لا شك انها عملية معقدة وخاسرة بظل الاوضاع الاقتصادية والصحية التي تمر بها ايران، منذ ان اخد الحصار الاقتصادي بخناق نشاطاتها الصناعية والتجارية مع دول العالم .

والتصعيد الاخير يثبت ان ايران ومليشياتها غير قادرة كذلك عن الدفاع عن نفسها ومقراتها، فقد ضربت قوات التحالف ما لا يقل عن خمسة اهداف ومواقع لتخزين سلاح المليشيا في العراق دون ان تتمكن من الرد سوى اصدار بيانات جوفاء لا تقدم ولا تؤخر ازاء المأزق التي وضعت نفسها فيه، بتحديها للحكومة والبرلمان وقوات التحالف الملتزمة بمكافحة الارهاب وفق اتفاقيات دولية مع الحكومة العراقية،وهي اتفاقيات رسمية تمت بموافقة البرلمان غرضها الدفاع المشترك ومكافحة الارهاب وتدريب وتطويرعمل القوات العراقية .

ووفقا لذلك تعتبر ملشيات ايران خارجة عن القانون او تعمل من خارج اطار القوات الرسمية للدولة ومؤسساتها الدستورية . بتشجيع ودعم مباشر من ايران . 

ورغم تكرار اعتداءات المليشيا على قوات التحالف، تنتقد ببياناتها الموقف الرسمي والشعبي ازاء رد التحالف على هذه الاعتداءات غير المبررة، االتي تهدف الى تقويض الجهود المشتركة للعراق وقوات التحالف في محاربة الارهاب . وممارسة الضغوط على قوات التحالف لتخفيف الحصار الاقتصادي عن ايران .

 تلعب ايران لعبة خطيرة، ظننا منها ان العراق سيتخلى عن خدمات قوات التحالف رسميا وهو ما لا يمكن ان يحدث، لان التنظيمات الارهابية لا يقتصر تهديدها على العراق ودول المنطقة بل يتعداها الى دول العالم، وقوات التحالف موجودة في العراق باتفاقات وطنية ودولية محمية بواسطة مجلس والامن وهيئة الامم المتحدة . 

تلعب ايران لعبة خطيرة وغير مجدية بتحريك مليشياتها في العراق باتجاه قصف قوات التحالف، لا نعدام التكافؤ بين هذه القوات والملشيا، وعدم قدرتها على رد القصف العنيف على مقرات ومخازن اسلحة مليشياتها يوم 12.3.2020 الذي طال اكثر من خمسة مواقع في مناطق متفرقة من العراق . وبعد ان اثبتت المليشا فشلها بالرد، قامت ايران بالتبرؤ من عدوان المليشات ونفت ان تكون وراء قصف قوات التحالف بمعسكر التاجي في يغداد .

من يقف اذن وراء هذا القصف المتكرر وغير المبرر، ومن سلح هذه الملشيات ومولها؟

ما يعني ان ايران فقدت موقفها الاخلاقي كذلك امام الشعب العراقي الذي ليس له مصلحة بمحاربة التحالف الدولي الذي ساعد العراق بفعالية على مكافحة الارهاب وتدريب قواته العسكرية وتبرؤها من الاعمال العدوانية لمليشياتها في العراق التي تعمل من خارج المنظومة الامنية والعسكرية الرسمية وتأخذ اوامرها مباشرة من ايران . وفي النهاية لابد من توجيه السؤال لايران ونظامها المتداعي، لماذا يطلب النظام الايراني من الشعب العراقي تأييد عدوانه على قوات ساعدت وما زالت تساعد العراق لاعادة بناء قدراته العسكرية؟ 

هناك اسئلة كثيرة في هذا الصدد حول مستقبل مليشيات تعمل خارج اطار القانون والمؤسسات العسكرية والامنية للدولة؟ وتقوم بتخريب العلاقات الدولية واتفاقيات التعاون المشترك بين العراق ودول مهمة ومؤثرة عالميا كامريكا ودول الاتحاد الاوربي وبعض الدول الاسيوية التي يرتبط العراق معها بعلاقات اقتصادية قوية . كما لا تعي ايران ومليشياتها قدراتها العسكرية والمالية مقارنة بقدرات دول قوات التحالف الدولي التي تعمل من خلال اتفاقيات رسمية على تقديم المساعدات للعراق في حربه ضد الارهاب وتنظيماته المتطرفة .

تعيد ايران بسلوكها العدواني اتجاه خيارات العراق السلمية ومبدأ عدم تدخله بالشؤون الدخلية لدول المنطقة بانها تقف ضد ارادة الشعب العراقي لبناء مستقبله وتحقيق خياراته الوطنية وعلاقاته الدولية والسلمية، وزادت على ذلك بتحريك مليشياتها لعرقلة اي تقدم يحرزه العراق سواء على الصعيد الاقتصادي او التنموي او اعادة بناء واعمار ما دمرته الحروب واخرها الدمار الذي لحق بمدن عراقية مهمة كالموصل ابان تحريرها من الارهاب ومناطق شاسعة من شمال وغرب العراق .

لا يمكن للعراق ان يحارب نيابة عن ايران، وما اعتداءات مليشياتها على قوات التحالف سوى لعبة خطيرة تضاعف المأزق الاقتصادي والحصار التجاري وعزلة النظام وتؤكد على فشله وعجزه بالخروج من ازماته واولها ازمته المالية المتفاقمة التي وضعت الاقتصاد الايراني على حافة الهاوية، وتسببت بخسائر فادحة للاقتصاد الايراني، جعلها في حالة عجر دائم وتخبط واكثر عدوانية اتجاه القوات التي ساعدت العراق ودعمت موقفه بمحاربة الارهاب وابعاد شبح الارهاب وخطره الذي تسبب بخراب هائل في المدن التي احتلها العام 2014  .

 لماذا يريد النظام الايراني ان يحارب العراق نيابة عنه لدول ساعدته في القضاء على الارهاب؟ 

وهل تعتقد ايران ان الشعب العراقي يؤيد سلوكها العدواني اتجاه العراق ومصالحه او ان هناك من يؤيد السلوك والممارسات العدوانية لمليشياتها في العراق المضرة بمصالحه الوطنية ومستقبله السلمي؟

وللتذكير ان هذه المليشيات الايرانية فتكت باكثر  من 470 متظاهرا واكثر من 23 الف جريح من المتظاهرين السلميين بجميع انحاء العراق؟ 

تعتبر مراجعة السياسات في عصرنا حجر الزاوية ومن الاولويات في العلاقات الدولية وفق مبدأ المصالح المشتركة، بالضد من سياسة فرض الارادات، في عالم متغير لا يعتمد المكابرة في سياساته يقوم على اساس المصالح المشتركة والتكافؤ، ولا يمكن لايران ان تحل مشاكلها بممارسة ضغوطات على دول ساعدت العراق من خلال ملشياتها لان هذه الملشيات مرفوضة وطنيا واثبتت ان ولاءها لايران وليس للعراق ومصالحه الوطنية ومستقبله .

وهي حالة جديدة تدعو ايران الى مراجعة سياساتها الفاشلة واعادة تقييم علاقاتها مع دول تعتبرها معادية . والابتعاد عن ممارسة الضغوطات من خلال مليشياتها التي فشلت بالدفاع عن نفسها لعدم تكافؤها مع قوات التحالف او الارادة الدولية وفي النتيجة انها لا تخدم العراق ومصالحه وعلاقاته الدولية وتطلعه للسلام والتنمية واعادة بناء واعمار ما دمرته الحروب السابفة. 

 لا يمكن لاي دولة بناء سياساتها على اعتقادات خاطئة في ظل المتغيرات الدولية وسرعتها واستجاباتها الايجابية اتجاه مصالحها وأمنها، وما يعتقده النظام الايراني من ان الشعب العراقي يؤيد سياسته اتجاه الدول التي قدمت شتى المساعدات له العسكرية والتنموية، اعتقاد خاطئ وبعيد عن الصواب، لا يمكن ان يؤدي دورا ايجابيا على صعيد الحد من تدهور الاقتصاد الايراني او التخفيف من الحصار التجاري والصناعي الذي ادى الى افلاس ايران ماليا ووضع اقتصادها على حافة الهاوية .

الاعتراف بالاخطاء على الصعيد الوطني الخطوة الاولى في تصحيح مسار السياسات الخاطئة والتخلص من اثار  الحصار الاقتصادي على مستقبل النظام  وشرعيته الوطنية في ايران، لانه مطالب بتلبية الحاجات الاقتصادية والاستهلاكية والمعيشية للشعب الايراني الذي يرزح تحت ضغط العقوبات لمكابرة نظامه واصراره على سياسات خاطئة ومرفوضة اقليميا ودوليا .

والخطوة الاولى لخروج النظام من الازمات التي تسببت بها سياساته المتطرفة غير محسوبة العواقب العمل على مبادرات ايجابية اتجاه الدول المؤثرة سياسيا واقتصاديا في عالمنا، والامتناع عن السلوك العدواني الذي يؤدي في النتيجة الى المزيد من التدهور على الصعيد الاقتصادي والصناعي والتجاري لايران  ولا يحل المشكلات والازمات التي تسبب بها الحصار الاقتصادي وتداعياته الخطيرة على مستقبل النظام .

اعتقاد نظام ايران ان عدوان مليشياتها على قوات التحالف وقصفها بين حين واخر، يؤدي الى تخفيف الحصار، اعتقاد خاطيء ويؤدي الى المزيد من الازمات والمشاكل .

اضافة الى سلوك مليشياتها العدواني اتجاه التظاهرات والاعتصامات السلمية لفئات واسعة من المجتمع العراقي تطالب بحقوقها الوطنية التي اقرها الدستور، اي الامتناع نهائيا عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول وشعوب المنطقة، لان شعوب هذه الدول قادرة عن الدفاع عن مصالحها ومستقبلها بدون تدخلات فضة ووصاية من دول خارجية كالتي يمارسها النظام الايراني من خلال مليشياته المتخلفة والمرفضة اجتماعيا وثقافيا من قبل فئات واسعة في المجتمع .

والخطوة الصحيحة لتصحيح سياسات النظام الايراني للخروج من عزلته، الاعتراف بفشل سياساته رغم صعوبة ذلك، وتقييم نتائجها على اقتصاده المتدهور الذي يهدد مستقبل النظام واستمراره، والامتناع عن التدخل بالشؤون الداخلية لدول المنطقة وفرض سياساته وارادته من خلال مليشياته وعدوانيتها على خيارات وارادات شعوب ودول المنطقة .

وبعد اسابيع قليلة سيدخل العراق في مفاوضات جديدة لاعادة النظر بالاتفاقية الدولية مع قوات التحالف للتأكيد ان خطر داعش والتنظيمات المتطرفة مازالا يشكلان التهديد الاكبرللعراق ودول المنطقة اواستقرارها السياسي والامني . فهل ستطلب ايران ومليشياتها البائسة من حكومة الكاظمي الغاء اتفاقية التعاون المشترك مع امريكا وقوات التحالف لمكافحة الارهاب؟

انه كذلك بالفعل فقد اطلقت القوات الامنية العراقية يوم امس 2.6.2020 عمليات واسعة غرب العراق تحت اسم "ابطال العراق" لتحرير المناطق الغربية والشمالية من جيوب داعش والتنظيمات الارهابية التي بدأت تنشط مؤخرا وتنفد عمليات اجرامية في العمق العراقي وصلت الى ضواحي بغداد الشمالية مما يعني ان ايران بعرقلتها لجهود مكافحة الارهاب ترتكب خطا جسيما يضاف الى الاخطاء السابقة التي ادت الى تقديم العراق ضحايا باعداد كبيرة من اجل تحرير مناطق غرب وشمال العراق من الارهاب .

 

قيس العذاري

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم