صحيفة المثقف

قصيدةٌ طارئة

عبير خالد يحيىهي ....

الشموسُ

في آخرِ اللّيل

وحينَ تهدأُ العيون

تبزغُ من جديد

كنتُ هناك

أتفحّصُ وسادتَك

وبقايا من شعراتٍ بلَونِ الشمس

ورائحةِ الزُّهور

أبياتٌ من قصيدةِ الدّهر

انتسَتْ خلفَ زجاجِ الرّحيل

قطراتٌ من سلسبيل

بردٌ يتأرجحُ فوقَ رموشِ المستحيل

يا أيّها المتواري هناك

خلفَ زجاجِ الخوف

طفلٌ يُرهِبُهُ مرأى ثعبان

وتعرّجَ الحبالِ حولَ أعناقِ الطّغاة

في زمنٍ تَعزفُ فيهِ أبواقُ الموتِ فوقَ موائد الطّعام

حلمٌ يبرقُ من خرمِ في رغيفِ خبز

بوّابةٌ للجحيم..

تقرُطُ أحلامَ الأبناء

في مستقبلٍ من صفيح

تُصافحُ الضّياعَ وتشربُ المستحيل

تترنّحُ الثّمالةُ فوقَ أجنحةِ المصير

لتُطوى سجّادةُ الصّلاة...

 

وامتطى طفلُنا اليأسَ سيفَا

ورغيفَ الخبزِ اليابسِ درعًا 

وتَحزّمَ بالتّهجير

وطنٌ ضاعَ بين رُفاتِ الأمل

ومشاهدةِ الآخرة

تلمعُ بعيونِ الياسمين

قالَها شاعرٌ يومًا:

لا تُولدْ يا ولدي, فرحمُ أمِّكَ جدرانٌ من فولاذ

 

توهَّمَ الأجداد....

خدعونا...

سكنوا الدنيا خيامًا بِلا سقوف

وعاثَوا فسادًا في قصورِ الوهم

وصحراءٍ جرداء

تغطّي رصاصًا من فناءٍ

أسوَد....

يحرِق..

أجنحةَ الفراشات

ويطاردُ البراءة...

عروبةٌ مزيّفة

جمرٌ تحتَ الرّماد

وعرىً من طين

وحصانٌ من ورَق

وبعيرٌ من صفيح

يتمطّى فوقَ صُلْبٍ من هشيم

ينفخونَ نفّاخة البسوس

في كلّ مرّة

ذقونٌ من خرائب وعمائمُ من دَجَل

زمنٌ لا يعرفُ المستحيل

انفجرتْ أحلامُهم ....

قطعةً سوداءَ من ظلام

سكاكينَ فوق الرّقاب ...

أنهارًا من دماء

 

وطني...

أبكيكَ ليلًا

عند قارعةِ الفُرات

وعيونُ حبيبي

أهلّةٌ يابانيّة تندبُك

تذكّرني بهروشيما الياسمين

وتشعلُ في قلبي سنا الموتِ من جديد

بعزرائيلَ صغير

متوارٍ بينَ أروقةِ النّفاق

جنديٌّ من الجحيم

أكبرُ من جبلِ عرفات

يحصدُ الزّرعَ

ويؤدّبُ الكبارَ بعصا

الإله....

سفينةُ نوحٍ ستطفو من جديد

فوق بحارِ الخراب

وتختلطُ الأجسادُ بالتّراب

وهاتفٌ يصيح:

اتبَعُوا نوح

اتبَعُوا نوح

ليولَدَ عالمُنا الجديد ....

 ***

د. عبير خالد يحيي

  الاسكندرية  5  تموز 2020

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم