صحيفة المثقف

لن يَخْتلط الماء بالزيت ..

نبيل احمد الاميررغم أن تعاليم ديننا الحنيف تُوجب علينا التفاؤل، حيث الحديث الشريف: (المؤمنون متفائلون)، ورغم ان الشعب بحاجة لمن يأخذ بيده ويضعه حيث التفائل، ورغم ان السياسيين في ظاهرهم دائماً متفائلون ويُكذّبوا على بعضهم البعض وعلينا، ورغم انّي أتمنى صادقاً من كل قلبي أن أكون مخطئاً هذه المرّة .. لكني أسألكم، هل يختلط الماء بالزيت عند الخلط؟.

أرى اليوم أن الوضع السياسي العراقي أصبح بأقطابه وزعماء الصدفة فيه من جهة .. والشعب المُنتفض الغاضب من جهة أخرى، قد أصبحوا مثل الماء والزيت، لايمكن لهما أن تتجانس مكوناتهم مهما حاولنا وحاولنا، لأن القاعدة الكيمياوية لكل من المركبين تتنافر مع الأخرى .

لقد خرجت إمكانية السيطرة على الوضع من يد كل الاطراف، بسبب التدخل الخارجي، والمال السياسي، والخوف من المجهول، والأجندة الإقليمية التي ترتبط بخارطة الشرق الأوسط الجديد، وإنعدام الثقة، ومفاهيم الإستعمار الحديث الذي يغزوا الشعوب من داخل مكوناتها، ومصلحة الكيان الصهيوني وتأثيره على القرار الدولي، كلها مجتمعة جعلت الحلول بالعراق مستحيلة، حيث إستفحل الخبيث بالجسد العراقي .

ففي عالم الطب يكون آخر العلاج هو البتر، للتخلّص من إنتشار المرض الخبيث، ونحن اليوم مُطالبون ببتر كل من ركب الموجة لنفسه وجماعته، لنُبقي باقي جسد العراق سليماً معافى قبل أن يتغلغل فيه المرض الخبيث .

سيُحاول البعض ان يلبس لباس الحكمة والورع والوطنية والنزاهة، ليمتطي صهوة الاستمرار في إستنزاف خيرات البلد، لكني أظن انه سيجد هذا اللباس قد ضاق عليه وأصبح خانقاً، لان الشعب ضاق ذرعاً بكل الموجودين، وأصبح لايتنفس بوجود هؤلاء في حياته .

وسيبقى الحل (كما نرى)، بيد الشعب العراقي الذي عليه واجب التغيير، وإلّا سيبقى الأمر على ماهو عليه، ويبقى البلد بيد الفرق المتخندقة  بالطائفية والقومية والحزبية، ويبقى اولاد الخايبة من الابرياء والفقراء ينزفون دمهم ضريبةً لبقاء قادة الصدفة في مواقعهم، وتبقى الدولة شبه دولة، ويبقى من فيها أشباه رجال يتسابقون بالمنكرات وسرقة ماتبقّى من خير العراق .. ونبقى نتأمل زائر الفجر الجديد، ليُطلّ علينا في صبح يوم جديد لنستمع منه البيان رقم واحد .

 

بقلم / د. نبيل أحمد الامير

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم