صحيفة المثقف

أحبُّكِ والبقيّةُ لاتأتي

عبد الجبار الجبوريموعدُنا البحر، أيتهُّا الرّيحُ، كلَّ يوم يهاجرُ الليلُ الى سريرإنوثتِها، يحملُ معهُ حقائبَ النسيّان، وَيسرِجُ خيلَ ألأسى، نهارُها يلبسُ عَباءةَ الليل، يخبُّ الرّملَ الى سَما النهدّين، يجْثوعلى رُكبتيّه البّحر، ويُصلّي لها ركعةَ عشقٍ، ويذوب بشفتين كافرتين، لم ينسَ البحرمارواه القمر، حين أمسكَ الليلَ من ياقته، ومضى به الى جُلجّلةِ الكَلامِ، حينها صارالوجعُ قدّيسّاً، وصارتِ النجمةُ أغنيةَ الرّحيل، كانتْ تُفلّي نجمةَ الصباح ، وهي تجلسُ تحت ظلَّ غيمة بعيدة، وكانت حين يأتي الخميس، تجيءُ على صهوةِ الشوّق، وترسلُ إبتسامتَها للقصيدةِ الخجَولة، وتكتبُ على سبورةِ قصيدتي، أحبكِ أيتّها القصيدة المُشتهاة، أحبّكِ وأعرفُ أنّ البقية لاتأتي، وأنا أحبُّ أناقتَها وأناقة أناقتها، وهي تدقّ بكعبِ أخيل أحرفَ قصيدتي، وتعصرُ من حلمتيها حليب القُبلِ، أحبُّكِ يقول لها الليلُ، كنتُ أركضُ خلفَها، لأمسكَ يدَ السرابِ ، وأمشي معهُ، كي نصلَ لها، لكنَّ السرابَ يسبقُني إليها ، ويختفيّان خلف الغيوم المبعثّرة، وأظلُّ أسيروحدي في الفلاة، لاغيمةٌ ولامَطر، وحينَ صافتحها آخر مرة، سقطت من يدي اصابعي، وأحّمر وجهُ قصيدتي، ومات من فرط البُّكا قمري، إرتعش جسْمي كله، وسقطتْ من شجرتي تفاحة الخَجل، تلك آخر مرةٍ، أمسكُ يدها الحريرالى الأبد، وأَضغطُ دونَ وعيّ ، وهي تبتسمُ بخجلٍ، تمنّيتُ أن يطولَ السلامُ الى يوم القيامة، ولكنْ حين إفترقنّا بعد ألف عامٍ ، لم أعدْ أذكرأي عام إلتقيّنا، وأيُّ عامٍ إفترقنّا، ولكنّنَي أيقنّتُ أننّي لنْ أصافحَ وجهّها بعد الآن، أدركتُ حينَها أنّها هاجرتْ فوق غيمةِ الله، ولم تعدْ تلوّح لي بشالهِا الأحَمر، قلتُ لَها، موعدُنا البحّرُ، أيتّها الرّيحُ، فتوقّفتْ عن البُكا قصائدي، وعمّ الظلامُ في حدائقي، ويَبُستْ على الشِّفاه القُبَلُ، الى الأبدْ....

***

عبد الجبار الجبوري

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم