صحيفة المثقف

قصيدةٌ في قارورةٍ تَتَقاذَّفُها الأمواجُ

جمال مصطفى عَـنـادِلُـهُ

 إذا بَـزَغَــتْ رُؤاهُ

تُـغــرِّدُ مـا تَـيَـسّـرَ

مِـن صَـداهُ

 

يَـرى مِـنْـقـارُهـا

اُفُـقـاً صَـمـوتـاً

ولا يَـنْـفَـكُّ عـن نَـقْــرٍ

عَــسـاهُ

 

يُـعَــرّي لَـوزةَ الـمَـعْــنـى

غــرامـاً

فَـلُـبُّ لُـبـابِـهـا الأطـرى

 مُـنـاهُ

 

أيا سـبّـابَـةً لَـمّـا أشارتْ

تَـزايَـغَ

كَـيْ يُـكَـذبَّـهـا اتّـجـاهُ

 

أبْـحـرٌ مِـن سـرابٍ

إنْ تَــدانى

وتَـغـمُـرُهُ إذا ابـتَـعَــدَ

 الـمِـيـاهُ ؟

 

أيا نـايَ الـشُـجـونِ

 أرى سـفـوحـاً

بلا راعٍ   

 وتَـنـحـدرُ

 الـشِـيـاهُ 

 

إلى الـوادي فُــرادى،

 الـوقـتُ عَـصْـرٌ،

زَوالٌ لا مَـحـالَـةَ مُـنْـتَـهـاهُ

 

إلى لـيـلِ الـقـصـيـدةِ

لا يَـراهـا

ويَـحْـسـبُهـا كـزرقـاءٍ تَـراهُ

 

لَـهـا أسَــدانِ

 لـكِـنْ مِـن رُخـامٍ

عـلى (لابـابِهـا)

 كـي يَـحْــرِسـاهُ

 

واُكْـرَتُـهُ

كَـقـبْـضـةِ سِـنْـدبـادٍ

يَـدقُّ لَـجـاجـةً:

إني أنـا هُـو

 

ألا يا

أُكْـرَةَ اللا بـابِ

فَـتْـحـاً

ولَـو

أنَّ الـدخـولَ إلـى ... مَـتـاهُ

 

ومـا مِـن اُكْـرَةٍ حـتـى

ولَـيـسَـتْ

بـقـبْـضةِ سـنـدبـادٍ

بَـلْ خُـطـاهُ

 

طُـبِـعْــنَ عـلـى الـرمـالِ

 وجـاءَ مَـدٌّ

فـمـا مُـحِـيَـتْ

وقـد خـارتْ قُـواهُ

 

قُـوى مَـدٍّ

يُـقْـهْـقِـرُهـا بِـجَـزْرٍ

شـراعٌ

سَـدَّدَتْ ريـحٌ قَـفـاهُ

 

بـمـاخـرةٍ

إلـى جُـزُرٍ عَــذارى

إلى

مـا لَـمْ يَـطـأْ أحَـدٌ سـواهُ

 

ويا غـابَ الـزمُـرّدِ

عـادَ شـيْـخٌ

إلى غَــدِهِ

فـعـانَـقَـهُ صِـبـاهُ

 

يُـنـادي:

يا زُمُـرُّدَهـا سـلامـاً

وتُـرجِـعُ بَـبَّـغـاواتٌ

نِـداهُ

 

فـآبَ اللا زمـانُ

زمـانَ وصْـلٍ

وثـابَ الـلامَـكـانُ

إلـى ثَـراهُ

 

 بِـ(ذاتِ الأزرقـيـنِ) كَـلازَوَرْدٍ

ــ سـريـرٍ ــ

واللِـحـافَ غَــدَتْ سَــمـاهُ

 

كـأنَّ الـنـومَ مـجْـراهـا

إلـى أنْ

بَـدا صُـبْـحٌ

ومـرْسـاهـا انـتِـبـاهُ

 

رَبـابِـنـةَ الـخـيـالِ

 لَـكُـمْ مـديـحـي

فَـأنـتُـمْ:

قـيـصـرٌ، مَـلِـكٌ، وشـاهُ

 

أبـاطـرةَ الـمُـخـيّـلـةِ

 اجـتـراحـاً

بِـتـاجٍ لـيـسَ يُـخـلَـعُ

فَـلْـتُـبـاهُـوا

 

وأبـدَعُــكُـمْ

بَـعــيـدٌ ظـلَّ يَـنـأى

بـمـا عـنـهُ لَـنـا

نـاجٍ حَـكـاهُ

 

وأجـمـلُـكُـمْ عـلـى الإطـلاقِ

طُـرّاً

غـريـقٌ

لـيـس مِـن أحَـدٍ نَـعـاهُ

 

مُـفـارقـةُ الـسـفـيـنـةِ

وهْـيَ عـطْـشـى

فـقـد يَـبُـستْ بـقُـمْـرَتِـهـا

الـشِـفـاهُ

 

لِـتُـبْـحـرَ

وحـدَهـا في أرخـبـيـلٍ

عـلـيْـهـا

اللـيـلُ نَـاوبَـهُ ضُـحـاهُ

 

تُـلاعـبُهـا الـريـاحُ

مُـسَـخَـرّاتٍ

ويَـحْـفَـظُهـا مِـن الـقَـدَرِ

الإلــهُ

 

هـنـا

في سُـرّةِ الجُـزُرِ الـعَــذارى

يُهَـذِّبُ كُـلُّ نـوتِـيٍّ

 أنـاهُ

 

(هُـنـا كـ ــآبادُ)

عـاصِـمـة ٌ ومَـسْـعـى

وإنَّ دخـولَـهـا حُـلُـمٌ

 وجـاهُ

 

لِـسـبّـاحـيـنَ أفـذاذٍ

كَـسـربٍ

وسـربٌ مِـن دلافـيـنٍ

تَـلاهُ

 

رَبـابِـنَـةٌ

قـراصـنةٌ

وغَــرْقـى

وكـلٌّ سـابِـحٌ في مـا حَـكـاهُ

 

سَـنـادِبـةً

مِـن الأعـمـاقِ جـاؤوا

كـطـيـفٍ

شـهْــرَزاديٌّ هَــواهُ

 

وإنّ

 الـسـنْـدبـادة َ شـهْـرَزادٌ

لَـفـردوسٌ مَـشـاعِـيٌّ

شَــذاهُ

 

كـلامُ الـلـيـلِ مـنـكِ

فـكـيـفَ يُـمْـحـى

إذا كـان الـنهـارُ

قـد ارتَــآهُ

 

كـلامُ اللـيـلِ

سـلـطـانُ الـنـوايـا

ويـأتِـمـرُ الـنهـارُ

مـتـى دَعــاهُ

 

إلـى مـا لا سـبـيـلَ إلـيـهِ

إلاّ

سـبـيـلٌ

لا سـبـيـلَ لَـهُ سِـواهُ:

 

مُـنـاكَـفَـةُ انـزيـاحٍ

 بـاجـتـراحٍ

لِـكـافِ فـي هـنـا (كَ)

ومـا حـواهُ

 

 هـنـاكــ ــآبـادُ

رَبَّـتُـهـا تُـغــنّـي:

كـصـوفيٍّ يـدورُ،

ونـاظِـراهُ

 

أنـا شـمـسٌ

 وعَـبّـادي حـبـيـبـي

فـلا عَـجَـبٌ

إذا ارتـفـعـتْ جِـبـاهُ

 

إلـيهـا

مُـذْ أضـاءَ اللـيـلَ

سَـرْدٌ

بـألْـفٍ

واسـتَـتـبَّ بِـهـا سَــنـاهُ

 

وِصـالٌ

غـيـرُ مَـقـرونٍ بـوقـتٍ

ولِـلأرواحِ كـالأجـسـادِ

بـاهُ

 

هـنـا

 شـامـانُ غـاباتِ اللـيـالي

تَـرى الأرواحَ شـاخـصـةً

 يَـداهُ

 

يُـسـاقـيـنـا بِـأكـوازٍ شـرابـاً

عـجـيـبـاً

 ذاتُ قـاطِــفِـهِ طَـهـاهُ

 

وحـيـنَ

 تَـمَخّـضـتْ تِـيـكَ الحُـمَـيّـا

عــن الجَـبَـلِ الـذي

 غـطَــسَـتْ ذُراهُ

 

وبَـعْــدَ الـكـوزِ والـثـاني

صَحَـوْنـا

عـلى مـا كـانَ

يَـحْجـبُـهُ غِــطـاهُ

 

وبـانتْ طَـيّـةٌ

في طَـيِّ أُخـرى

وجـاءَ الـمـا وراءُ

ومـا وراهُ

 

فـدلْـوُ الـسـنـدبـادِ

 لَـهُ صـعــودٌ

إلى الـمـعــنـى

 وإنْ فُـصِـمَـتْ عُــراهُ

 

ومـوتُ الـسـنْـدبـادِ

كـأيِّ نَـومٍ

سـويـعـاتٌ

ويَـنـهـضُ مِـن كَـراهُ

 

وكـنْـزُ الـسـنـدبـادِ

يُـعـاشُ طـيْـفـاً

وفـي يَـدِهِ الـمُـنـى

والإنـتـبـاهُ

 

ودِيـنُ الـسِـنـدِبـادِ

جـوابُ مـاءٍ

عـلـى حَـرِّ الـسـؤالِ

عـلـى ظَـمـاهُ

 

سَـنـادِبـة ً

كَـأطـفـالِ انـدهـاشٍ

طـفـقْـنـا:

الـسِـنْـدِبـادُ يُـري أَخـاهُ

 

حَـدائـقَ:

 في أقـالـيـمِ الـتَـجَـلّي

حـرائِـقَ:

حَـرُّهـا بَـرْدٌ لَـظـاهُ

 

يُـحَـرّضـنـا

عـلى الـطَـيَـرانِ رِيـشٌ

ويَـجـتـازُ الـمَـدى فـيـنـا

مَـداهُ

 

ضـريـحُ (اللا يَـنـامُ)

يَـنـامُ فـيـهِ

غِـيـابٌ

 فـاغــرٌ للـغـيْـبِ فــاهُ

 

ونَـحـنُ حـمـامُـهُ

مُـذْ كـانَ بُـرْجـاً:

مَهـابِـطَ مِـن هـديـلٍ قُـبّـتـاهُ

 

يُـطَـوّقـنـا إذا مـا ازرقُّ فـجْـرٌ

بِـنُـعـمـى

قـد تَـهـادتْ مِـن عُــلاهُ

 

ويُـسْـكِـتُ جـوعَ حَـوْصَـلَـةٍ

 فُـضـولاً

بِـشَـوْطٍ

مِـن نَـداهُ إلى نَـداهُ

 

وماذا بَـعْــدَ شـوطٍ

 بَـعْــدَ شَـوطٍ

فـردَّ دلـيـلُـنـا:

وا حَـيْـرَتـاهُ

 

حـديـثَ الـبـوصـلاتِ

فـلا تُـصَـدّقْ

وصـدّقْ كُـلَّ مـا يُـحـكـى

عــداهُ

***

جـمـال مصـطـفـى

2018

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم