صحيفة المثقف

لا تخف ..

صحيفة المثقفملحمة المنفى (3)

(1) النثيث ..

أراكِ،

تزمينها في شغفْ..

ووجهك نحو السماء

وهذا الوجود السقيم

يعاند

أن تصطفيه

ومهما تمادى النثيث

ومهما ارتشفْ..

من الجمرتين

وعطر الهيام

على صدرها المستدير ارتجف..

**

وعند الضياء الأخير

تعالت صراخات تلك النوارس

وذاك الرصيف

على حاله قد وقفْ..

مع الواقفين

وعبر نداء السفين

الى رحلة العابرين،

وبالبرد،

وغيم السماء التحفْ..!!

وكان الضباب

يموج كقطنٍ نديفٍ

وفي رحمهِ،

مخاضٌ تَعَسْرَ، ودهرٌ زحفْ..

يجر عواء السنين العجاف

ليعبر طوق السراب

وسرب الضباب

يغازل تلك العيون

وتلك الشفاه،

وهذا الرخام العنيد

تحدى الهوى واغترفْ..

من القمتين الشذى

ومن السهل والمنحنى

هيام تهادى

وصبر تهاوى

وعند طلوع الصباح اعترفْ..

**

يا لهذا النثيث الذي طاول العمر

حتى تحدر واعتكفْ..

في قمتين، وما بينهما

من رخامٍ علاه الشغفْ..!!

***

(2) الصهيل ..

أسمع في نومي

حمحمة وصهيلا..

وحين أفتح عيني

لم أجد خيلا،

تبجل حالنا تبجيلا..

ولكنَ آثارها فوق الأديم

تمور بأقبية القلب جيلاً فجيلا..

فضاءً أراه جميلا

وباءً يقول أنا الأوحد

يجول بكل الفضاءات

حتى غدا مارداً أجردا..

يحوم على العالمين بانيابه

ويفتك بالجمال وقطر الندى..

يا لهذا المصير

وهذا الصديد

وهذا القذى،

يسيح، كأن الحياة غدت

محنة في ضجيج الصدى..

***

(3) لا تخف ..

يومٌ يذهب

في طيات الماضي

ولنْ يرجعْ،

ويوم يأتِ

ولا يعرف ما كان يكون

وتظل الأيام تهرول في المنفى

تتراكض كيف يكون،

الكل ضجيج وسكون،

لا احد ينجو

هوذا الإعصار

في دورة مشوار الموت

فلماذا الخوف من الطاغوت..؟

ودنيا الجبروت..؟

ومن هاروت وماروت..؟

ما نفع الأصنام

وتحت ظلال عباءتها

يبتهج اللآهوت..؟

***

(4) طنين الذباب..

في كل الأوقات هناك طنين،

وطنينٌ اسمعه،

ليسَ طنينُ (نحلة بيتهوفن)،

طنين ذباب الجيف المنثورة

في عصر الأقزام،

طنين يتكاثر حيناً في الأرحام

وحيناً، يخمد مذعوراً ..

ثم يلح، ويعود يلح

ولا يترك للعقل صفاءه

ولا للموت نقاءه

ولا يعرف كيف يسود

ولا كيف يقود

يظل يطنطن منبوذا مدحورا ..

***

(5) الفارس ..

اراه كلما ينهبْ،

خلافٌ بينهم ينشبْ

ويبقى الراكب الأشهبْ

يعين الخيل إذ تتعبْ

لكي تعدو،

يظل الشوط مشدودا

فهل يُعقْلْ،

شباب في الفلا يُقْتَلْ

إذا ما امطر الغيمُ

نرى الأرضين لا تحبل..

فلا نفع بمن قال ولا يفعل..

ويمضي في لحون ما لها محفل

ويرسم صرحه الدامي ولا يخجل..

***

د. جودت صالح

20/06/2020

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم