صحيفة المثقف

صراع الوجود والعدم والحقائق المطلقه

قاسم محمد الياسريالعقل قاعدة المعرفه وشاهدها وأداتها وساحتها وهوعلة الوجود والعدم في وعي الكينونه وبين اسوار الزمن الأحلام تحكي رغباتها المنسيه المكبوته فالاوعي يستعبد أحداث الماضي والأنا لم تنجزأحلامها في الزمن اللاحق فالماضي يحلم بالمستقبل ويبحث عن مصيره ومستقبله ونهايته لأن اللاوعي لا يعرف الزمن.. أسئلة عديده تطرح نفسها بين الأنا والآخر.. فمن الحالم ومن المحلوم به الأنا أم الأنا الآخر؟؟ ومالفرق بين الحالم والعالم؟ماذا لو يستمرالحلم ولم يتوقف؟ أسئلة تمنح حالتنا بعدا وجوديا أي أن الحلم واقع حال وهو مستوى آخرمن الحياة والوجود.. فالصراع بين الوجود والعدم كما بين دورة الحياة والموت فالأحلام مجنحه والطقوس مضاده وصراعات النفس بين النفي والاثبات كما بين الحاضر والغائب ورغبات التفوق تتسابق وتتداخل بكلمات ونصوص مفتوحه تفرزها مكنونات ورغبات النفس الحالمه بالحياة في صراع الإنسان مع الوجود ففي هذا الزمن سقط الإنسان وتخلى عن القاعده الأخلاقيه وإعتبرالوجود قيدا يؤلمه يسعى للتحررمنه وشرا يريد التخلص منه فاعتبرالمطلق دكتاتور طاغيه يتحكم فيه وكما نرى هذا الإنسان يسعى للإنعتاق من عبوديته للمطلق وها هو يحاول الإنتصار على وجوده بوسائله الخاصه التي تناقض المطلق فضاع الإنسان في بحر الفوضى التي خلقها وأنشأها هو وهكذا ضاعت أخلاقه وسلك في عالم مادته وإستخلص منه قوانينه المعارضه والمعاكسه لقوانين الحقيقه الأزليه المطلقه فرفض عالم الحقيقه المطلقه ألا وهو العالم الأخلاقي وعالم المثل فإبتعد وانطوى بسلوكه مع عالم مادته وقوانينها الوضعيه التي يراها من خلال ذاته المريضه ولا يحس الا بأحاسيسه الساديه ونفسيته المضطربه فركب وصاغ وحول عالم اليوم وفق مايريد هو بصفاته وسلوكه واعتبرنفسه سيدا لهذا الكون.. وتمرد على معطيات الوجود الحقه.. وها نحن بعض البشر نلجأ لأقلامنا لندون أحلامنا وآلامنا بخواطروكلمات إستهلاكيه في صراع حلمنا المستدام مع هذا الزمن الجبار.. فتتأرجح الكلمات بين الفكر واللسان وتتصارع مكبوتات النفس فنشتاق الى الشيئ المحذوف من حياتنا ونكتم الحنين بغفوة على إرجوحة الزمن.. وفي حياتنا محطات أسئله عالقه لانجد لها جوابا مريحا أهمها لايرهقنا في البحث عن جواب لها وإنما يرهقنا البحث عن صيغه مناسبه لطرحها.. فالجروح ثقيله وحقيبة القلب ماتت والجسد أعلن حداد الروح وسقف الحلم ينهار وأشجار الترقب لا تعطي شيئا من الثمار.. فكم هي يد هذا الزمن جباره لا تعرف إلا القسوة وأنا وأنت لا نعرف غيرالإستسلام كسمكة تستعرض عضلاتها كل يوم وأخيرا تستسلم لتسبح في مقلات الزمن.. زمن ضائع زمن مسروق من ذاكرة العمرالمتعبه والمثقله بهموم الرحيل والوداع مع عمود فراق يصلب عليه قلب ميت.. وبعضنا مهما بلغ من معرفة وعلم تجد فيه نقطة ضعف تعصبية أوعقده تهزمه ولم يستطع العلم والتنويرمحوها من برمجته فتهزم تعقله ويبقى بوهمه.. لأن بعضنا مصابين بداء حب الظهورينتابهم سلوك التفاخرمع تضخيم الذات بالانا وتسيد الثلاثي القاتل (أنا -لي -عندي)وحديث باسلوب مليئ بالترفع.. لقد علمتنا الحياة التي تطوى صفحاتها يوم بعد يوم بحلوها ومرها قبح الإنسان وطائرالحزن إستوطن في ليل كلماتنا التي تحلم بعودة الضوء لها.. فأيامنا تمضي وجميعنا نترقب الغد القادم ونرى صرح الحياة ينهار وأوراق شجرة العمرتتساقط الواحده بعد الاخرى وغداً كما اليوم إن لم يكن أسوأ.. ففي هذا الزمان العينان لاتغادر بكائها ولا تنقطع صناعة الأكفان ولا تنتهي جرائم الانسان وصدمات النفس لا يزنها الميزان.. فعندما يعقد قران الحقد والأنانية بتزكية ومباركة النفس الشريره سينجبان الأخلاق الحقيره وتتمزق ثياب الإخوه ونفقد الوفاء والمصداقيه.. فمن يواسي العينان في دمعها غير اليد التي أقسمت أن تجفف الوجنتين لتوقف فيضان الأحزان الطافيه في شلالات الدموع.. نحن محكومون بقلق دائم نخشى المجهول ولانملك معلومة تجعلنا نأخذ أي قرار لذا سنبقى عالقين بدائرة التردد والحيرة والقلق الوجودي.. نحن في مسرح الدنيا نضحك ولم يفهم الآخرين أن الحياة أبكتنا وبين ضحكتنا ودمعوعنا الخفية هناك رغبة تموت إن ولدت من غريزة حبنا للحياة.. فالألم لايموت والشقاء يترك ندب في الروح وتجاعيد البشره لاتخفيها الإبتسامة التي تخرج مجبرة من الفم لا من القلب.. فالإنسان الذي ينخرط مدفوعًا بالأمل والرغبة في وجود لا يفهمه ولا يستطيع أن يمتلك المعاني فيه إمتلاكا كاملًا يكتشف النقص والألم الكامن في النفس فيعادي كل ما يبدو مثاليا وكاملا ويعري في شخصيته الدوافع الخفية حتى لحظات التعاطف الإنساني مع الضعفاء قد تبدو لحظات كهذه خيرا مطلقا لكنه يكشف تحتها طبقات من التعقيد مثل الفضول للتعامل مع أشكال الحياة الأخرى أو المتعة بسلوكيات سادية في مشاهدة معاناة البشرالمعذبين أو الرغبة في الإحساس بالقوة أو بالتعالي الأخلاقي.. ومن هنا نكتشف قدرة الإنسان على تبريرخطيئتة بتلاعب وخداع سواء خداع نفسه أوالآخرين في شتى أشكال العلاقات البشرية.. فالإنسان كائنا ميتافيزيقيا دوافعه تعبرعن اللاشعورواللاوعي في العقل الباطن في لحظات ميوله الإنتحاريه حين ييأس من إيجاد معنى للحياة أوحين يعجز الدين عن العمل كمسكن فيعجز الفرد عن الإيمان بالله والنعيم الأبدي فيتجه الأفراد نحو الانتحاروالقتل كخلاص أخيرفالايمان بالله والخلود أمرظروري للحفاظ على وجود وحياة الإنسان على هذه الأرض التي تحمل مافيها من قبح ومعاناة وألم.. فرحم الله من عرف قدرنفسه واحترم منهجه والتزم حدوده وأبرز قدرته كقدوه بحكمة وإن لم يستح من الله فليفعل مايشاء فسنن الكون لن ترحمه..

 

د. قاسم محمد الياسري

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم