صحيفة المثقف

شطْحةٌ من وحْي ِ أخْرى

مصطفى عليمن وحي قُصيدة زياد السامرّائي

(قلبي كلْبُها)


 

غدّاءَ يلْهثُ خلْفها روّاحـــا

فَرَهينُها لا يستطيعُ بَراحا

 

هُوَ ظِلُّها قَبْلَ الزوالِ وبعْدهُ

طَرَباً تَمايَلَ حوْلها وإنزاحا

 

مُتَياسِراً في الصُبحِ جَنْبَ فَراشَةٍ

لِيصيرَ مَيْمَنةُ الجَناحِ رَواحـــــا

 

عَلِقتْ عصافيرُ الرُؤى بظلالها

أَعَجِبْتَ إِنْ سَكَنَ الرُبى صَدّاحا

 

زرعتْ رُؤاهُ سِدْرةً قْدْسيّةً

ماإنْفَكَّ تحْتَ ظِلالِها فلّاحا

 

فَبِشهْقَةٍ سكرى قد إنفَرَطتْ عُرى

وَتَفايَضَ التنّورُ ثُمّ إنْساحـــــــــا

 

كَشَهيقِ ناعورِ ألفُراتِ إذا بكى

وأحالَ بادِيَةَ الرُؤى أدْواحا

 

فَنَما بِأهدابِ الخيالِ سَفَرْجَلٌ

عَبَرَ المَجازَ وعانقَ التُفّاحا

 

قد صارَ ذبّاحاً لها وَ ذبيحَهـــا

فَسقى الهوى المذْبوحَ والذبّاحا

 

إِذْ صاحَ قلْبي ، فَرْطَ عِشْقٍ، كْلْبُها

مُتَقَلِّداً معنى الوَفاءِ وِشاحـــــــــــا

 

فَتَوَشّـــحَ المَدّاحُ بُرْدَةَ مِدْحَةٍ

سَكِرَ المَديحُ وأسْكرَ المدّاحا

 

فَفُؤادُهُ كلــــــــــــبٌ وَفيٌّ للّتي

كَسَرتْ دِنانَ الروحِ والأقداحا

 

كلبٌ وفيٌّ عاشَ بينَ ضُلوعِهِ

حتى تغجّرَ هائماً سوّاحــــــا

 

لمّـــا تراءتْ في يبابِ خَريفِهِ

شَطَحَ الخريفُ مُبرْعماً قِدّاحا

 

لا تَسْتَهنْ بالشَطْحِ خلْفَ غزالَةٍ

إِنْ كُنْتَ تجْهلُ فإسْئلِ الشَطَّاحا

 

وأسْلكْ طريقَ العارفينَ مُعاقِراً

ما قد أحَلَّ حَبيبهمْ وَ أَباحـــــــا

 

وَأَدِرْ فُؤادكَ عن صغائرِها كَمَنْ

وَقَقفتْ لَهُ بِطَريقِهِ فَأَشاحــــــــــا

 

هِيَ شَطْحةٌ ، فَرْطَ التَواجدِ، باضَها

فَهَلِ إسْتراحَ بِما غَوى وَأَراحــــــا؟

 

بَلْ سَكْرةٌ صوفيّةٌ وَتَجوْهوتْ

عِنَباً كَدمْعِ العاشقينَ مُباحـــا

 

مِنْ عاشِقٍ وَخَطَ الغرامُ فُؤادَهُ

سكْرانَ مازَجَ لوعَةً وَمِزاحا

 

ياوائِدَ التأْويلَ من شَطَحاتِنا

أَوَ تَقْتُلُ التَلْميحَ واللّمّاحــــا

 

فالْــوارِداتُ سَحائِبٌ موْقوتَةٌ

حَدَّ التَشَظّي تشتهي المِقداحا

 

وَكُرومُ غيْبٍ دمعُها لا ينْتهي

ما دامَ جمْرُ غرامِنا سفّاحــــا

 

وَمِياهُ سِحْرٍ من بِحارِ غُيوبِهِ

مازالَ وابِلُ غيمِها سَحّاحـــا

 

فالْماوراءُ زَمازِمٌ سِحْريَّةٌ

ألْفيْتُهُ للقاصِدينَ مُتاحــــا

 

بازٌ يُحَلِّقُ ماوراءَ تُخومِها

مُتَأبِّطاً هذا السَديمَ جَناحا

 

فَغَدا المُقَرَّحُ من لَظى خُسْرانِهِ

قيثارةً عَزَفت (صَبا ) و جِراحا

 

تَتْرى الخَواطِرُ من دِنانِ بَوَاطِنٍ

وَعُيونِ خافِيَةٍ بَكَتْ أمْلاحـــــــا

 

وَلَهٌ فَسُكْرٌ ثُمّ كَشْفٌ بعدهُ

يرْتَجُّ طورُ كَليمِهِ ألْواحا

 

كمْ فاضَ (غارٌ) في الجِبالِ بلاغةً

قَهَرتْ مُسيْلَمةَ الخَنا و سَجاحـــــا

 

يامانِحاً شَجَرَ الخيالِ دُموعَهْ

بَقِيَ الخيالُ نَديمَكَ المَنّاحـــا

 

داويْتَ مُتّئِداً ولكـــنْ لم يَزَلْ

جَدَلُ النُهى يَتَسوَّرُ الأرْواحا

 

فَوَساوسُ الخُسْـــــرانَ تلْدغُ قلْبَهُ

وَكَمن يصارعُ في الدُجى أشْباحا

 

لمّا كَوَى قَبَسُ الحَقيقةِ روحَهُ

نَزَعَ العِقالَ تَزهُّداًد وأزاحـــا

 

هل يبْرَحُ المَجْذوبُ حِكْمَتَهُ إذا

أودى الجَوى بِوِقارِهِ و أطاحا

 

نَدَمٌ تَفَتّقَ في ضفافِ فُؤادِهِ

نَسِيَتْ تُرَتِّقُ جُرْفَهُ فَأَقاحا

 

كَدَمامِلِ الأعماقِ يَفْقَئُها الــــذي

جَرَحَ الرُؤى و تَقمَّصَ الجَرّاحا

 

وإذا شُكـــــــوكٌ لامَستْ وجْدانَهُ

نادى اليقينُ على اليقينِ وَ صاحا

 

ياموقِنينَ بصيرتي قَحَطتْ فهلْ

قَبَسٌ لديكم سادتي قد لاحـــــــا

 

صَمَتوا خُشوعاً ثُمّ غابوا في السُرى

وَسَرى بِأسْرابِ القَطــــا نَوَّاحــــــا

 

بَكَتِ السفينةُ دفَّةً مهْجورةً

وَنَعتْ هَديرَ اليَمِّ والمَلّاحا

 

يادالِياً في الماوراءِ دلاءَهُ

مُتَصيِّداً ما يُسْكِرُ المُتّاحا

 

إمْلأ دلائكَ للمُقَرّحِ خمــــرةً

مُزِجَتْ رِضاباً طيِّباً وَقَراحا

 

تَتَشَيَّصُ النخلاتُ في الاعماقِ إِنْ

لَمْ تلْقَ من ماءِ الخيالِ لَقاحــــــــا

 

في الليلِ يحْرُسُ شُرْفةً في روحِها

لم يخْشَ أمطاراً هَمَتْ وَرِياحــــــا

 

وَقُبيْلَ ديكِ الفجْرِ يطرُقُ بابَها

مُتَشوّقاً قد ضيّعَ المفْتاحـــــــا

 

لِيَشُمَّ قهْــــــــوةَ دلَّةٍ بَدَويَّةً

والهالُ ينشُرُ عطْرَهُ فَوّاحا

 

فَيَتيهُ كالطاووسُ ينفشُ ذيْلَــــهُ

وَكَمن تعاطى الروْحَ ثُمّ الراحا

 

لِيُباشِرا مَشْيَ الصباحِ سَويّةً

فَيَرى الضياءَ بِقلْبهِ مِصْباحا

 

وَلَكم رأيْتُهما يسيرانِ معـــاً

قلباً وَشاعِرَهُ الحزينَ صباحا

 

وَهُناكَ عِنْدَ الجسْرِ يرْبطُ قلْبَهُ

مَنْ ذَا سَيُخْرِسُ قلْبَهُ النبّاحا

***

مصطفى علي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم