صحيفة المثقف

الإسلام السياسي بين ثيوقراطية أخونة السلطة وطعن السلم الأهلي

تيسير عبدالجبار الالوسيمقتبس من المقال: “مهام حركات الإسلام السياسي وهي خارج السلطة، تواصل هز الاستقرار وطعن السلم الأهلي والهدف يكمن بفرض نظام ثيوقراطي، يقوم على أسلمة السلطة واجترار الخلافة أو الولاية من زمن غابر ومحاولة إحيائها مجدداً بالسطو على السلطة وأخونتها فهلا تنبهنا“.

حركات الإسلام السياسي تنشطر بين منظومتي اجترار شكلين لطغيان سلطتها تتجسدان في: الولي الفقيه والخليفة. وبهذين النموذجين الماضويين، ترفض تلك الحركات الظلامية أيّ شكل للدولة المعاصرة الحديثة وهويتها وآليات اشتغالها. ومن أجل فرض رؤية اجترار أيّ من ذينك النموذجين لا تقف عند استباحة متغيرات العصر وتقف بوجهها بل تستبيح الدين وتشوهه وتحاول أن تلوي عنق القراءات المعتدلة المتفتحة، لتضعها بقوالب نظام ولاية (الفقيه) أو (أخونة) الخلافة وتسيّد المرشد اللعبة…

لقد عمدت حركات الإسلام السياسي بجناحيها لاستغلال كل المنافذ المتاحة لوصولها إلى كرسي السلطة والسطوة. وهو ما جسّد حقيقتها في ارتكاب كل الموبقات لذاك الهدف ونفى إمكان توهّم أنها (تؤمن) بالديموقراطية ويمكن أن تدخلها وتمارسها.. والحقيقة الواضحة التي كشفتها التجاريب كافة أنها ما أن تصل لغايتها في السطو على السلطة حتى تفرض غربالها المخصوص في إبعاد كل أشكال الاختلاف بل التنوع السياسي والانفراد بالحكم بصورة طغيان دكتاتوري (ديني) جوهره فلسفة النظام الثيوقراطي بكل تفاصيله وتفاصيل مظاهره…

إنّ الإسلام السياسي ليس أكثر خبرة ومهارة في إدارة حملات الديموقراطية والنضال السياسي الحر في إطار التداولية بالنظام الديموقراطي ولكنهم هنا يعتمدون على استغلال مشاعر الإنسان وقيمه الروحية مع تلاعب وتشويه للديني منها ولغيره مستغلين معها فرص التلاعب بالصناديق بل بالعملية الانتخابية برمتها.. وهم يخربون مجمل بنى الدولة الحديثة لإقامة نظامهم الإسلاموي خلافة أم ولاية…

أليست التجاريب الإيرانية والتركية وسنة الأخونة المصرية بنموذج حي للتعارض مع الديموقراطية!؟ أما النموذجين العراقي اليمني فهو بين انقلاب حوثي اعتمد على استدراج إسلاموي مفضوح الخبث وبين سطوة ميليشياوية وعبث بمصائر البسطاء وتغييب للوعي في العراق أودى إلى فظاعات وأهوال فرضت سطوة إسلاموية شبه مطلقة حتى جاءت ثورة أكتوبر 2019 لتعلن آهات الشعب وفواجعه صارخة بسقوط الإسلام السياسي مافيات وميليشياتها…

مصر التي أشير إليها هنا، سرعان ما فضحت الجريمة الإسلاموية ومحاولات (الأخونة) ولقد أدرك الشعب ألاعيب الإسلام السياسي أولا بفضح التلاعب الخطير والجوهري بالانتخابات بصورة كلية شاملة أفضت للسيطرة على السلطات كافة.

فمثلا كانت هناك جهود مركبة مضاعفة لتمزيق القوى الشعبية التنويرية واستهداف للقوى الثورية الديموقراطية وهناك قطع طريق على جهود الثوار أنفسهم وتطلعات الشعب بالبديل الديموقراطي وكل ذلك مما تبرع به قوى الأسلمة الدعية؛ فضلا عن استغلال أوسع قدرات (إسلام سياسي) سلفي أخواني بتوحيد طاقاتهم وبما حظيت من دعم إقليمي تركي إيراني ودولي للظاهرة الأخوانية ومحاولات تقديمها للشعب على أنها نتيجة انتخابية وليست تلاعبا كما هي الحقيقة..

الجانب الآخر أن حكم السنة الوحيدة للأخوان انطوى على تركيز الجهد المتسارع في تشكيل العصابات المسلحة والعمل على تشويه تركيبة الجيش وعقد اتفاقات تمنح الأخونة جرعات وجودية فيما تبيع مصر للمآرب والأطماع الخارجية.. إنها سنة من تراجعات الأوضاع المدنية وخسارة مصر لأعز ثرواتها وفرص التنمية فيها…

إنَّ أبرز جهود الإسلام السياسي ولجت دروب قطع التنوير وفلسفته وإفشاء أوبئة (الأخونة) القائمة على غرس منابر الفتنة والتمزق وسطوة البلطجة في الحياة العامة ما طعن السلم الأهلي بمقتل.. وأول ما هلَّ من تلك السلطة تعريض مسيحيي مصر والنسيج الوطني للطعن والتخريب ..

إن وعي الشعب المصري كان عاليا مميزا بهيا فكانت حشود عشرات ملايين الحسم الشعبي قد نزلت الشوارع في 30 يونيو حزيران بعد إعداد مناسب للقوى استطاع تجاوز الانقسام والتمزق ودحر محاولات تفتيت الوحدة الوطنية، ليأتي الحزم الرادع بقبول الجيش الوطني للتحدي الأكبر هل يقف مع ما تمت تسميته (شرعية السلطة) وهي التي افتضح أمر التلاعب بها بنيويا كليا وجوهريا أم ينحاز للشعب بوصفه حامي السيادة الشعبية لا سيادة عناصر البلطجة واللصوصية الذين تسللوا ليركبوا ظهر الثورة ويقلبوا المجن!!!؟

لقد جاء الثالث من يوليو تموز بموقف وطني سيخلده التاريخ للجيش وانحيازه للشعب وصوت ثورته التي نادت بهزيمة نظام الثيوقراطية ومحاولات (الأخونة).. ولا نسى الدور الموضوعي التضامني للقوى الأممية من شعوب العالم ومنظمات الديموقراطية والتقدم وحركة التنوير التي شكلت يومها اللجنة الأممية للتضامن مع الشعب المصري ورفض الأخونة وهجومهم الإرهابي الضاري ضد الشعب وقواه الحرة…

إن الفكرة التي افتضحت بسنة الأخونة وجرائمها، أكدت أن الإسلام السياسي يوم يستطيع التسلل وسرقة السلطة يحولها لمناصب امتصاص الطاقات والثروات ويفرض نظاماً (ثيوقراطياً) ويلقي الديموقراطية خلف ظهره ليقدم وصفته ببخور قوى التخلف والخرافة والتجهيل وهي التجربة التي ظهرت في طهران ولاية السفيه وأنقرة السلطان الجديد الذي لم يرعوِ عن إرسال عشرات الآلاف إلى السجون ومئات آلاف من المفصولين من أعمالهم مع مصادرة القضاء والإعلام ليجعله أحادي المسار بخدمته على وفق ما يرغب ويتطلع إليه من تمهيد الطريق للفاشية الجديدة تسطو على مقاليد الدولة فتخربها وتحيلها لأدوات بين يدي السلطان والولي السفيه بتوجههما نحو أسلمة  سياسية دعيّة تمارس التقية واللعب بالعقول لتجتر نظاما يعادي شعوب الأرض وحركة السلام والتنوير والتقدم..

وإذا كان الإسلام السياسي في السلطة هو اجترار نظام ثيوقراطي وفرضه فإن الإسلام السياسي خارج السلطة لا يملك أكثر من فعالياته في التخريب وطعن السلم الأهلي وهزّ الاستقرار واي شكل للتعايش السلمي بين مكونات الجتمعات والشعوب والتسبب بالحروب والتمترس بخنادق الاقتتال المدعوم بأسانيد مفتعلة (التدين) وايدي معشلو الحرائق مطلقة بكل اتجاه وصوب..

وهذا ما شاهده المصريون بأمّ العين بمجابهة القى التكفيرية وجرائم عصابات الأخونة الظلامية من تفجيرات واغتيالات وطعن كما ذكرنا للسلم الأهلي.. وهو ذاته ما يدعمه مركز الأخوان الدولي في اسطنبول بدفعه لعشرات آلاف الإرهابيين من المرتزقة المخربين في سوريا ممن استطاع نقلهم إلى مركز إرهابي وبؤرة للتخريب أُتيحت لهم في طرابلس…

إن وجود تلك المجموعات المسلحة مفضوحة الأهداف ليس فيما ارتكبوا من جرائم ترهيب وترويع في طرابلس وبعض المدن حواليها فأهدافهم ليست محدودة بالاختطاف والاغتصاب والنهب والسلب ولا بالتقتيل أفراداً أو بإطار (غزوتهم) الإرهابية المعلن إسلامويتها بل هم يريدون تاسيس قواعد (الإرهاب الإسلاموي) وبؤرة للانتشار باتجاه كل من تونس ومصر والتسلل عبر الحدود إليهما..

أؤكد أن الإسلام السياسي بين فرض ثيوقراطيته إن كان بالسلطة غير آبه بكيف أتى إليها ولا بالآخر أيا كان فهدفه تكريس الثيوقراطية وفاشية الهوية لنظامه يُفرض على البلاد  وهو مجرد شراذم إرهاب وترويع وبلطجة عندما يكون خارج تلك السلطة يمهد للسطو عليها واستكمال جرائمه.. ولا احتمال آخر لوجوده كما برهنت كل تجاريب افسلام السياسي وفكره وما ارتكب ومارس بكل جغرافيا وجوده…

عليه كان حقا لشعوب المنطقة جميعا، موقفها في طرد تيار الإسلام السياسي وإخراجه من أية عملية ديموقراطية تُمارس إن توصلت غليها الشعوب بثوراتها وانتفاضاتها…

إننا بمجابهة مخاطر إقليمية ودولية تجابه عبث الأخونة وإسلامويتها السياسية بطابعها وهويتها الفاشية المعادية للسلم بالمنطقة والعالم.. وإذا كانت قدرات الإسلام السياسي لإيران وتركيا تمارس الابتزاز عبر ارتكاب الجريمة المروعة بحق شعوب المنطقة فإنها تواصل الابتزاز بمناورات تتستر على الغاية المفضوحة للنظامين..

وبكلتا الحالتين فإن الضغط بطالبي اللجوء الذين يهربون من بلدانهم اليوم ليس بسبب الدكتاتورية ودمويتها لوحدها بل لتفشي المجموعات الإرهابية المسلحة واستقوائها بالدعم اللوسجتي المباشر من النظامين، نظام: ملالي إيران وعصمللية أنقرة واسطنبول الأمر الذي يتهدد السلم ليس في المنطقة فقط وإنما يتهدد الأمن والسلم في العالم برمته…

إن بديل الشعب السوري ليس وقوعه بمصيدة الأخونة وإرهابيي داعش والقاعدة وكل الجوقات االإرهابية التركية والإيرانية ولكنه في الديموقراطية القائمة على السلام والتنمية وحماية الحقوق والحريات في نظام مدعوم دوليا لا مسيطر عليه بالاقتسام بين جوقة ولائية وأخرى أخوانية…

ولنتذكر أن نظامي الملالي ووليهم والعثمنة وسلطان خليفتهم ما زالا يسرحان ويمرحان في المنطقة بوساطة أدواتهما من (ميليشيات الإرهاب) الولائية والأخوانية وكلاهما إرهابيتان، تكفيريتان تجاه كل مؤمن بحرية الاعتقاد سليماً يقوم على منطق الدين لله والوطن للجميع…

فهلا تنبهنا على جريمة النظامين وأتباعهما وخديعة تم استغلالها من قبلهما في التسلل بالإرهابيين الممثلين لهما سواء بإسقاط القدسية على بعض عناصرهما أم بفرض بلطجتهما بوساطة ترويع الناس وارتكاب الفظاعات بحقهم وحتى ابتزاز المجتمع الدولي بمختلف ما أتيح لهما من أدوات كما بالاتجار والضغط بطالبي اللجوء…

لنكن على أهبة استعداد في تمكين مصر من استراتيجية حماية الأمن القومي وتعميد مساره ولندعم ثورة أكتوبر العراقية بهدف تطهير الوطن من بقايا الميليشيات الولائية وغير الولائية بكل أجنحة التخريب وافتعال الأهوال ولنتصدى للاختراقين: الإيراني التركي في وجود دولنا واستقلالها وسيادتيها الداخلية والخارجية..

لا مجال لإسلام سياسي بأي شكل وأي جناح اتبع ودار في فلكه، إذ أن الخلاص هو بديموقراطية نقية تقوم على وعينا بمعنى هوية الدولة الوطنية الديموقراطية وجدوى حرية قوى التنوير ووحدتها وجهد تطهير وجودنا من منطق الخرافة والتخلف، وفلسفتهما الظلامية فبتحررنا نبدأ مهمة التنمية والتقدم وبناء صروح الأنسنة والحياة الحرة الكريمة..

فهل وصلت الرسالة أم أن بعضنا مازال يحن على الذئب لمجرد أنه يرتدي فروة الحَمَل!؟ أغلب شعوبنا أدركت وامتلك وعي الكشف عن أعدائها قوى الإرهاب وميليشياتهم وإرهابهم ومافيات العبث واللصوصية والنهب والسلب ومصادرة حتى حيوات الناس بعد إذلالهم واستعبادهم..

ثوروا من أجل الكرامة والحرية ومن أجل الحقوق والحريات بمعنى الأنسنة والتنوير والديموقراطية ولا مكان لعبث استغلال مشاعرنا وعواطفنا روحية ثقافية قيمية فوعينا أعلى وابقى وكما تحرر المصريون بثورتهم وانحياز الجيش للشعب فإن شعوب المنطقة في الطريق لتلك الحرية ولن تقبل أن تأتي طهران وأنقرة لتحتلنا باسم الدين والقدسية وزيف ما وراء تلك الرسالة أم باسم القوة وبلطجتها وأذرعهما الإرهابية وستطرد شعوبنا تلك الزمر والشلل وتدحرهما بمجرد وعي الحقيقة..

 

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم