صحيفة المثقف

مالك بن نبي.. ضحية التراثي الماضوي

حمزة بلحاج صالحكيف يصنم ويزيف التراثي منجزات الكبار المعرفية بردها الى مرجعيته النفسية-الثقافية –الاجتماعية الساكنة المغلقة...

 فالتقليدي حبيس مرجعيته يرد مثلا مقولة مالك بن نبي إلى مرجعيته فلا يفهم مالك بن نبي بعقل مالك بن نبي ولكن بعقله التراثي الذي لا يبقي من مالك بن نبي إلا إسمه..

تناول مالك بن نبي مثلا لا حصرا القيم الجمالية فها هو التراثي يردها إلى نسقه فتراها تتقلص وتضمحل حتى لا يبقى منها بعد ان ابتلعتها مقولات الحلال والحرام والأعراف الفاسدة إلا اسم صاحبها...

 نلاحظ هذا أيضا في مغالطات فهم معنى "الفعالية" وما هي عند مالك بن نبي وفي مغالطات فهم "العقل" في ثقافتنا ووظيفيته...

  فالتراثي التقليدي والإسلامي عندما لا يؤمن بالعقل إلا شعارا وسطحا وتضمحل ثقافته المتعلقة بالعقل

فهو  يفهم العقل  على منوال العقل المادي يتخذه مثالا للقياس فوق النقد...

أو على منوال العقل اللاهوتي والإسلامي سواء منه العقل الفقهي أو القياسي أو الأصولي أو العرفاني أو البياني فلكل نظام فرعي من هذه النظم نحو تقسيم الجابري ناظما هو " العقل"... "

إن التراثي لا يتمكن من فهم جدوى وأثر القيم الجمالية والنقدية والكتابة في موضوعات الجمال والروح والمحبة والعاطفة والخيال والبوح والأنس...

لا يفهم أيضا جدوى الفلسفة في بناء العقل التحليلي والنقدي بل دورها في مفاصل حيوية للحياة التعليم والتعليمية وطرائق التدريس ومنظومة الحقوق والقانون والايطيقا والبيوايطيقا واخلاق الطب ...

تبدو له هذه المعارف والثقافات والأفكارو الاداب ترفا فكريا لا مكان له في مشروع النهضة والتغيير

ولا مكان له في أولويات العمل في الواقع...

لهذا تجد التراثي التقليدي والإسلامي ينتقص من قيمة الفلسفة والجمال والعقلانيات والإنسانيات ويعتبرها تيها وضلالا ومضيعة للوقت وخطاب صالونات ومخابر جامعات تقلد الغرب...

لذلك تجد التراثي التقليدي متخشبا متزمتا منطوي على ذاته لا يواجهها ولا يصدمها ولا يفككها ولا يحللها ..

يكفي أن تكتب في الجمال حتى يتعجب ويعتبره انتقاصا من مكانتك وقيمتك وقلة ورع ومن خوارم المروءة بلغة الفقهاء القدامى بل انحراف ودعوة للفسوق ...

فكره تبسيطي يسميه عملي وتعبدي وحضاري ويعتبره من سمات الفعالية والفاعلية ...

كما ان معارضة الماضوي التراثي التقليدي للتفلسف جلية عند الكثير وخفية مستترة عند  البعض ينخرط في وصفات وتنميطات فكرية وقوالب جاهزة يقيس عليها ويصنف من خلالها الجيد والرديء والتقي والفاسق..

يقرأ لمالك بن نبي ولا يكتشفه من خلال سعة انفتاحه الكبير اللامتناهي على المنجز الإنساني والفلسفي والثقافي والحضاري...

يقرأ مالك بن نبي صاحب العقل التحليلي بعقل لا تحليلي وبعقل تصنيفي وذرري ...

كذلك يفعل مع كل المنجزات المعرفية القديم منها والحديث والجيد والرديء والإنساني والإسلامي ...

ترى كيف يكون فهمه لمالك بن نبي سليما معافى غير سقيم...

بل يقيس كل مسطور على مسطور مالك بن نبي فإن وجده يطابق ويماثل خطابا ولغة نصا فهمه الماضوي العاطل لمالك بن نبي أو غيره قال هذا فكر عملي نهضوي حضاري يرسخ الفعالية والفاعلية...

وهذا عين الدوغمائية أو الوثوقية والإنغلاق والتعصب والسطحية بل عين الجهل بمالك بن نبي وفكر مالك بن نبي وهو لا يعدو تصنيما جاهلا او تتفيها قاصرا لمنجز مالك بن نبي...

لنواجه ذاتنا بعمق ونتحرر من القولبات الجاهزة التي تحرمنا من تطوير وتنويع وإثراء ذواتنا وتسجننا في قوالب للقياس العقيم ز تسجننا وتكبلنا...

بل تستنزف الإنسان وتكرس الأمية الثقافية والطفولة العقلية والذررية نفسها التي أشار إليها مالك بن نبي في كتاباته...

أكتب هذا النص وأنا أستمع لمعزوفة "باخت" على التلفزيون لصينية تعزفها ببراعة كبيرة ولا أشعر باضطراب وتعارض مع ديني...

ما أضيق روح التراثي المغلق وما أرحب التراث لو تعاطى معه منفتح العقل وافر الأطلاع معتدل المزاج والطبع ...

بل ما أثرى عطاء الإنسانية وأبهاه إن عقلي وروحي تعانق المطلق ما استطعت محبة لله ...

وتعانق كل جميل من منجزات الانسان ومنح هذا العقل وهذه النفس حرفا يتدفق وموسيقى تنساب وطبيعة من خلق الله تبعث على التأمل في خلقه ولوحة تشكيلية تهز الكيان العميق فيك ...الخ ...

وما مزامير داوود والجبال أوبت معه الا وجه من روائع الجمال والحسن والتعبد الصافي لخالق الاكوان رب العالمين...

فالله لا يمارس على البشر ما يمارسه الحاكم العسكري والدركي المستبد على الرعية...

مباشرة بعد كلامي هذا لو قرأه التراثي لمارس الوصاية وحراسة المعبد وتوجس وقال هل نلغي الضابط الشرعي ماذا يريد بنا هذا المتحدث لعله مدسوس ينشر المروق...

فمن يمارس الجمال ذوقا وتنظيرا يجب أن يسكنه وازع الأخلاق من غير هلوسة فقهية ووساوس ورقابة وتوجس وبوليس مسلط على وجدانه وعقله يقمع تدفق وتفتق ملكاته الجمالية... 

الحسن فقه وذوق والقبح انحراف عن الفقه السليم والذوق...

 

حمزة بلحاج صالح

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم