صحيفة المثقف

هـناكَ .. هـنا

يحيى السماويإنني الان سَجيني

وأنا سوطي وجلاّدي وسجني


 

الـضـحـى كُـحـلٌ لـعـيـنـيـكِ هـنـاكَ الانَ حـيـثُ الـخِـدرُ

والأنـهـارُ والـبـسـتـانُ والـبـيـدرُ  ..

والـلـيـلُ هـنـا

*

حـيـثُ لا يـطـرقُ بـابـي غـيـرُ صـمـتٍ حـجـريٍّ

والـشـبـابـيـكُ عـيـونٌ أطـبـقـتْ أجـفـانَـهـا

فـالـصـبـحُ أعـمـى

فـي بـلادٍ هَــزُلَ الأهـلـونَ فـيـهـا بـعـدما كـانـوا سِــمـانـاً

وغـريـبُ الـدارِ مـن بـعـدِ هُــزالٍ سَــمُـنـا

*

وأنـا بـيـنـهـمـا طـفـلٌ أُنـاجـي الـلـهَ (*)

أنْ يـخـلـعَ عـنـي بُـردةَ الـشـوكِ

وأنْ يُـلـبِـسَـنـي مـن روضِـكِ الـضـوئـيِّ

ثـوبـاً سَــوسَــنـا

*

لـيـعـودَ الـعـاشِـقُ الـمـغـروسُ فـي حـجـرتـهِ الانَ كـمـا كـانَ   :

الـفـتـى الـصـبَّ الـذي أبـلـى بـلاءً

حَـسَـنـا

*

فـي ســريـرِ الـلـذةِ  الـبـيـضـاءِ بـيـن الـنـجـمِ والـشـمـسِ

حـصـانـاً  سـومـريـّـاً

كـلـمـا  يـصـهــلُ تُـرخِـيـنَ  لـهُ مـنـكِ  ومـنـهُ الــرَّسَـــنـا

*

فـيـنـال الـوَطَـرَ  الـمُـعـجـزةَ / الأمـنـيـةَ /

الـحُـلـمَ الـذي

مـا كـان يـومـاً مُـمْـكِـنـا

*

قـبـلَ تـمـسـيـدِكِ جُـثـمـانـي فـأحْـيَـيـتِ

غـريـبـاً  دُفِــنــا

*

فـي بـراري غـربـةٍ وحـشـيـةٍ

يـحـمِـلُ فـي صُـرَّتِـهِ بـيـن الـمـنـافـي

وطـنـا  (**)

*

يـسـألُ الأشـواكَ أعـنـابـاً

ويـسـتـجـدي مـن الـرمـلِ لِـظـلٍّ فـنَـنـا

*

عِـشـقُـنـا مُـعـجـزةٌ

أعـجَـزَتِ  الـمِـديـةَ والـخـنـجـرَ

والـسـيـفَ الـذي يـحـلـمُ أنْ يـهـدرَ مـن غـيـظٍ وحـقـدٍ

دمَـنـا

*

أظـلامٌ مـارقٌ يـمـكِـنُ أنْ يُـطـفـئَ أقـمـاراً

وأنْ يـذبـحَ عـصـفـورَ الـسـنـا؟

*

مـا لـنـا والـشـاربـيـنَ الـضَّـغَـنـا؟

*

لـهـمُ الـيـاقـوتُ والـفـضَّـةُ والـديـبـاجُ  ..

والـحـبُّ لـنـا

*

ولـهـم " لاتٌ " و " عُـزّى " وكـهـوفُ الـلـيـلِ  ..

والـيـنـبـوعُ والـبـسـتـانُ والـبـيـدرُ  والـلـهُ

لـنـا

*

والـمـواخـيـرُ لـهـم والـقـصـرُ والـحـانـةُ  ..

والـخـيـمـةُ والـكـوحُ لـنـا

*

ولـنـا فـقـرٌ ثـريٌّ

أيـنَ مـن نـعـمـتِـهِ تِـبـرُ الـغِـنـى

***

***

واهِـمـاً كـنـتُ

أرومُ الـمـشـيَ فـوق الـنـهـر والـبـحـرِ

وأنْ أُرسـي بـصـحـراءِ خـيـالـي سُـــفُـــنـا

*

فـأنـا

مـاكـنـتُ فـي الأمـسِ أنـا

*

لـم أكـنْ أعـرفُ أنَّ الـلـهَ

أضـحـى فـي بـلادي

وثَـنـا

*

والـدراويـشَ أقـامـوا كـعـبـةً  أخـرى

يُـقــيـمـون لـهـا الـذكـرَ

ويـهـدون  الأضـاحـي مُـدُنـا

*

إنـنـي الان سَـجـيـنـي

وأنـا سـوطـي وجـلاّدي وسـجـنـي

حـرّريـنـي مـن قـيـودي

إنـنـي الـضـائـعُ

هـل فـتَّـشـتِ عـنـي فـيـكِ؟

كـونـي سَـكَـنـاً لـيْ واسـكـنـيـنـي وطـنـا

*

واصـعـدي بـيْ لــسـمـاواتـكِ

قـد ضـاقـتْ بـيَ الأرضُ

فـمـا عـدتُ بـهـا  مُـفـتـتِـنـا

*

وانـسـجـي لـيْ مـن تـسـابـيـحِـكِ

إنْ حـانَ رحـيـلـي

كَـفـنـا

*

لـيـس مـن هُـدهـدِ بـشـرى

فـلـتـكـونـي هـدهـدَ الـوعـدِ  الـذي يـأتـي

بـأنـبـاءِ الـمـنـى

*

عـن وجـوهٍ تـرتـدي يُـسـراً وأمْـنـاً

بـعـد عُـسـرٍ وضـنـى

*

وحـقـولٍ عـشــبُـهـا يُـغـوي الـيـنـابـيـعَ

ويُـغـري بـالـهـطـولِ الـمُـزُنـا

*

وولاةٍ

أمـرُهُـمْ مـن أمـرنـا

*

يـعـبـدونَ الـلـهَ لا الـكـرسـيَّ

أبـنـاءِ فـراتٍ ونـخـيـلٍ وبـيـوتِ الـطـيـنِ

لا بـاعـةِ وعـدٍ فـي حـوانـيـتِ مُـرائـيـنَ

يـبـيـعـونَ عـلـى الـعـاقِـرِ طـفـلاً  فـي الـفـراديـس

وأثـوابَ حـريـرٍ لـعـراةٍ

وقـصـوراً لـلـذيـن افـتـرشـوا أرصـفـةَ الـذلِّ

وأزواجـاً مـن الـحـورِ وغـلـمـانـاً

ولـلـعـطـشـانِ فـي دنـيـاهُ أنـهـاراً  بُـعَـيـدَ الـمـوتِ

تـجـري لَـبَـنـا

***

يحيى السماوي

السماوة 10/7/2020

..................

(*) الضمير في "بينهما" يعود الى "هناك وهنا"

(**) الصرّة: بفتح الصاد ـ تعني الجماعة، وتعني أيضا الصيحة والضجة من الحرب ، وبكسر الصاد تعني شدة البرد .. وبضم الصاد: تعني الشيء الذي يُجمع فيه المتاع أو الملابس وما شابه ذلك  هو المعنى المقصود في القصيدة .

 

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم