صحيفة المثقف

كشف الكلالده للمستور يضع النقاط على الحروف في الحياة البرلمانية الأردنية!!

بكر السباتينفماذا بعد!

كشف الكلالده، رئيس هيئة الانتخابات في الأردن، "رأي اليوم" النقاب عن تعيين جنرالٍ سابقٍ في المنظومة الأمنية نحو ثمانين نائبًا في البرلمان عام 2007..

وكان رئيس الهيئة الدكتور خالد الكلالدة شديد الانفعال إزاء الأسئلة التي كان يتلفاها خلال ندوة إلكترونية حول خلفيته السابقة كمعارض سياسي وتحوّله إلى وزير في الحكومة عن عملية تلاعب بالانتخابات الخلافية التي جرت عام 2007 وعن المدير الأمني الذي ساهم في تعيين النواب الثمانين.

وهذا يذكرنا بالفوضى المقصودة التي أصابت انتخابات عام2007 بدوافع مجهولة تبين وفق اتهامات المعارضة أنها جاءت مدفوعة من قبل الأجهزة الأمنية لسحب أكبر قدر ممكن من الأصوات المحسوبة على المعارضة التي كانت تنتقد سياسة الحكومة في إدارة شؤون البلاد حيث كان يستشري الفساد وممارسة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وفق استحقاقات وادي عربه المرفوضة شعبياً.. وعلى رأس تلك الجهات حزب "جبهة العمل الإسلامي" المنبثف عن جماعة الأخوان المسلمين.. حينها شكك المراقب العام لهذه الجماعة في الأردن سالم الفلاحات بنتيجة الانتخابات البرلمانية مؤكداً بأنها كانت مزورة.. وقيل يومها بأن طوابير من الجنود دخلوا قاعات الانتخابات بلباسهم المدني وفي جعبتهم أسماء بعينها طلب منهم انتخابها وأنم الأجهزة الأمنية غضت الطرف عن شراء الأصوات بواسطة المال السياسي، وهي اتهامات اعتبرتها الحكومة تضليلاً إعلامياً تقوده المعارضة ضد الحكومة.. والمعروف أن حزب جبهة العمل الإسلامي حزب أردني معارض، وهو أكبر الأحزاب الأردنية وأكثرها قوة وتأثيراً وعدداً من حيث الأعضاء كما أورد مركز العربية للدراسات. وينظر إليه على أنه الجناح السياسي لجماعة لإخوان المسلمين التي حكمت محكمة التمييز العليا بحظرها مؤخراً في الأردن، واللافت أن الحزب كان قد حصل على ستة مقاعد في البرلمان الأردني في الانتخابات النيابية التي تمت في سنة 2007 بعد عملية انتخابية شابها جدل واسع بسبب عملية شراء الأصوات، بينما حصل علي سبعة عشر مقعداً في الدورة البرلمانية التي سبقتها؛ ما أثار الشك في الدورة البرلمانية التي أماط الكلالدة عنها اللثام. ويُعد حزب جبهة العمل الإسلامي الذي استهدف آنذاك أحد الأركان الأساسية في المعارضة الأردنية المنضوية تحت ما يسمى بـلجنة التنسيق العليا للمعارضة الأردنية.

وتقول الإحصائيات بأن مليونين ونصف مليون أردني ذهبوا إلى الصناديق التي قيل بأنها أعدت للتزوير مسبقاً (خلافاً للموقف الرسمي، ) للإدلاء بأصواتهم في تلك الدورة الانتخابية؛ لاختيار 110 نائباً جديداً خاضها 965 مرشحا. ومما يجدر الإشارة له أن هذه الدورة شهدت وللمرة الثانية على التوالي إدخال مفهوم الكوتا النسائية، وبلغ عدد المرشحين للانتخابات 965 مرشحاً موزعين على عموم المدن الأردنية.

ومن سياق ما قاله الكلالده لجمهوره الإلكتروني بأنّ الجنرال المُشار إليه محكومٌ الآن بالسجن لخمسة عشر عامًا، هذا يشير بالتحديد إلى اللواء محمد الذهبي الذي أشرف أمنياً على انتخابات عام 2007 بحكم ترأسه لجهاز المخابرات .. وكان قد تولّى إدارة جهاز المخابرات العامّة في الماضي الذي عمل فيه الكلالده نفسه، وأُحيل على التقاعد ثم سُجِن لـخمسة عشر عامًا على خلفية إحدى قضايا الفساد الشهيرة.

وكانت المحكمة قد أدانت الذهبي -الذي تولى منصبه بالفترة من 2005 إلى 2008- بتهم الاختلاس وغسل الأموال واستثمار الوظيفة العامة- في محاكمة مثيرة شهدت الكشف عن تفاصيل لافتة في واحدة من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام الأردني.

وفاجأ الكلالدة بحديثه يوم أمس علنًا عن تلك المعلومة جميع الأوساط البيروقراطية والأمنية والسياسية خصوصًا أنها تعود بالمسألة الانتخابية أكثر من 13 عامًا إلى الوراء في معلومة من الصعب إثباتها لكنّها تُساهم في تشويه سمعة الانتخابات العامّة في الماضي وكان سياسيون قد نقلوا عن الذهبي قبل سجنه في إحدى الجلسات بأنّه ساهم في تعيين ثمانين عضوًا في البرلمان كان من المفروض أن يتمّ انتخابهم وفق شروط الديمقراطية لكن فوزهم فاجأ الجميع وعرض النتائج إلى عاصفة من الأسئلة التشكيكية التي لم تعثر على أجوبة شافية حتى الآن.

واعتبر برلمانيون وسياسيون كبار حديث الكلالدة “هفوة كبيرة” في سجله السياسي.. بينما اعتبرها مراقبون نوعاً من البوح أو الاعتراف الذي جاء في وقته ليضع النقاط على الحروف، وليسلط الضوء على كواليس المطبخ السياسي الذي يُعِدُّ الطبخة البرلمانية في الأردن.. فالفساد إذا ما وضع سمَّه في دسم الديمقراطية، سيبدو مجيراً للسلطة التنفيذية لأن الفسادَ سيُخرج الشعبَ من دائرةِ المركز والفعل، إلى هامش الديمقراطية، بعد أن يُجرد من دوره التشريعي المنوط بنوابه..

 

بقلم بكر السباتين

16 يوليو 2020

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم