صحيفة المثقف

الحاكم والذمّة وساسة الشيعة (1): مكاشفة صريحة

قاسم حسين صالحتنويه: الذمّة تعني العهد والكفالة.. واثقلها حين يكون الشخص مسؤولا عن الرعية، وأقبحها حين يكون هذا المسؤول رجل دين امتهن السياسة او جمع بينهما.وبدءا نشير الى ان خطابنا هذا يخصّ ولا يعمّ، فبين قادة الشيعة من صان الذمّة والضمير وظل مخلصا للوطن وأهله رغم مغريات السلطة والثروة. ولا يعنينا هنا الحديث عن كل الجهات المتورطة بالفساد في العراق، فأمرها صار مفضوحا ومعترفا به من الحكومة والمرجعية والكتل السياسية والناس، بل عن مسؤولين شيعة وعدوا جماهيرهم برفع الحيف عنهم وتعويضهم عما اصابهم من مظلومية، فاغتنوا وما وفوا.. وما استجابوا لا لمطالب تظاهرات الجماهير ولا للمرجعية التي بح صوتها، بل استبدوا واستهانوا وخذلوا حتى من انتخبهم.. وبينهم من يكيد، الآن، ويدبّر أمرا بليل ان تحرش الكاظمي بهم!

ساصارحكم بأنكم خنتم الذمّة في اخطر قضيتين:

الأولى: قيم الامام الحسين

بعد الأنتفاضة الشعبانية، كانت زيارة الأمام الحسين مقيدة في زمن النظام السابق، وكثير منهم يلاقي صعوبات ومضايقات من الاجهزة الامنية.وكانو حين يصلون الصحن الشريف يبثون شكواهم من الظلم الواقع عليهم ولكن بحذر وخوف ان يكون بينهم مندسون من الاجهزة الامنية.وبزوال النظام الذي اعتدى على ضرب قباب الحسين بوقاحة مستبد أحمق، فان جماهير الشيعة اعتبرت حريتها المطلقة في زيارة كربلاء هي أهم انجاز يتحقق لها.. ونست كل ما لحق بها من مظالم فزحفت بالملايين في اربعينيته اتي بدأت بثلاثة ملايين زائر عام 2004 ووصلت الى خمسة وعشرين مليون في 2015 بحسب تصريح محافظ كربلاء .

ولهذه الظاهرة تفسيرها السيكولوجي هو ان الطقوس الجمعية يجري فيها تفريغ او تنفيس للمكبوت في حالة تحرر من القهر والانكفاء على الذات ومشاركة بعواطف ايجابية وانتشاء روحي وزهو يتسامى بالروح في احساس غامر من الذوبان في جموع يوحّدهم حضور مهيب في مناسبة استثنائية، صار فيها الحسين رمزا انسانيا تجسّد في تراجيديا فجائعية ليكون المشهد قضية انسانية ازلية بين خصمين، هي في العراق:سلطة فيها حكام فاسدون، وجموع مغلوب على امرها جزعت من البؤس والفقر وموت يومي تتطاير فيه اشلاء الأحبة في فضاءات شوارع كانت تسمى مدينة السلام!

والذي حصل لكم انكم (ساسة الشيعة في السلطة) تنافستم في صرف المليارت على تسيير المواكب الحسينية، ظاهرها تكريم لسيد الشهداء الامام الحسين وجوهرها كسب اكبر عدد من الناخبين.. ودع عنكم ان تلك المليارات ما كانت من جيوبكم لأن معظمكم كنتم فقراء (تاكلون باليوم وجبة وحده.. بتصريح من صار رئيس وزراء)، فان الذي يعنينا هنا ان الحسين ثار لـ(طلب الاصلاح في أمّة جدي)، ولأنه وجد أن الحق ضاع (ألا ترون أن الحق لا يعمل به)، ولأن الفساد قد تفشى وشاعت الرذيله.ومع انه كان بامكانه ان ينجو هو وأهله وأصحابه بمجرد ان ينطق كلمة واحدة (البيعة) فانه ما فعلها لأنه صاحب (ذمّة).. وكان عليكم ان تقتدوا به وتكونوا اصحاب ذمة ايضا.. لكنكم-اعني هذا النفر منكم- خانوها.فهم تخلوا عن العهد وتركوا ملايين الشيعة التي اوصلتهم الى السلطة يعيشون في بيوت الصفيح بينهم من يفتش عن قوت يومه بنبش الزبالة، لتصبحو بعد ان كنتم معدمين تعيشون حياة باذخة وتشترون الفلل والشقق الفارهة في مدن العالم.. وتقتلون المتظاهرين، او تسكتون عن كشف قتلتهم، لأنهم طالبوا بالاصلاح مقتدين بأمامهم الحسين.

واعتراف بخيانتكم لقيم الأمام الحسين من قادتكم.. اليكم نصه: 

ادلى السيد نوري المالكي بشهادة صريحة عبر الفضائيات:(لديّ ملفات للفساد لو كشفتها لانقلب عاليها سافلها).وكان ناطقه الأعلامي قد بررها لي بقوله(لو كشفها يادكتور.. تصير دمايات) وهو تبرير غير مقبول لأن المالكي كان القائد العام للقوات المسلحة ووو.

وله نسأله بوصفه رئيس حزب الدعوة المشارك الرئيس في المواكب الحسينية:بحق الامام الحسين عليك.. هل خفت على الناس ام انك صرت على يقين بانك ان كشفت الفاسدين وابناء المسؤولين من الخصوم، فانهم سيفضحون فاسدين كبار من حزبك؟.اليست هذه هي حقيقة أمرك وحقيقة خلفك الذي تعهد بكشف الفاسدين وما فعل، ودعته المرجعية الى الضرب بيد من حديد وما ضرب؟. وأليست هي بالضد من قيم الحسين و خيانة ذمّة لأبيه الأمام علي.. سلطة الحق؟.فان انكرتم.. اليكم ما كتبه علي(ع) الى عثمان بن حنيف عامله على البصرة وقد بلغه انه دعي الى وليمة قوم من اهلها فمضى اليها جاء فيه :(اما بعد يا ابن حنيف فقد بلغني ان رجلا من فتية اهل البصرة دعاك الى مأدبة فاسرعت اليها تستطاب لك الالوان وتنقل اليك الاجفان "الصحون"، وما ظننت انك تجيب الى طعام قوم عائلهم مجفو " اي مواطنهم فقير".الا وان لكل مأموم اماما يقتدي به ويستضيء بنور علمه. الا وان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمرية "الرداء العتيق"، ومن طعمه بقرصية(رغيف) .الا وانكم لا تقدرون على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد، فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا(ذهبا)، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا اعددت لبالي ثوبا طمرا).

تأملوا انفسكم- اعني هذا النفر الكثير منكم- فانتم والله بالضد تماما من امامكم.. لبستم الذهب، وجلستم على كراسي الأبهة والفخامة المطلية بلون الذهب.وفعلتم هذا وهو القائل (الفقر في الوطن غربة).. وانتم السبب في افقار احد عشر مليون عراقي باعتراف وزير التخطيط (تموز 2020) ونزوح ثلاثة ملايين بكت على حالهم( انجلينا جولي) وما اهتزت شواربكم، لأن الامام الحسين مات في ضمائركم.. وان كنتم ترون فيما نقول افتراءا.. فاسألوا أعينكم، لماذا صارت تصعب عليها الدمعة حين (تبكون) في المآتم بعد أن كانت تتدفق منها سهلة قبل أن تصيروا في السلطة؟!

وانتم ياساسة الشيعة في السلطة، اعني اولئك الذين جزعت منهم المرجعية الموقرة وبح صوتها من مطالبتهم بالاصلاح.. تأكدوا ان استغفالكم لجماهير الشيعة واشغالهم باللطم ما عاد ينفع بعد ان ابتانت لهم خيانتكم (الذّمّة) وصار لديهم يقين، لو ان الامام الحسين خرج الآن عابرا جسر الجمهورية يقود المتظاهرين لخيرتموه بين أمرين:العودة من حيث أتى.. أو القتال!.

*

أ. د. قاسم حسين صالح

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم