صحيفة المثقف

إلى آدم في المنفى

فتحي مهذبوجوه تخبئ أظافرها في المرآة.

زفرة واحدة تكفي لقتل

الوحش الحجري القابع

في نظرتك الباردة .

**

ضحكة حلوة تكفي

لترميم جناحي حمامة

تربض في كف شحاذ .

**

زهرة واحدة تكفي

لتشرح تغريبة عصفور الدوري

(وطقسه المبهم آن الليل.)

**

ورقة واحدة تكفي

لقراءة أحزان

الجذع المقطوع .

**

طلقة واحدة تكفي

للسفر عبر جزر الغياب

لهتك مساتير الذئب .

**

وردة واحدة تكفي

إطفاء حرائق الشاعر.

**

ديك واحد يكفي

لإيقاظ الصباح المعلق

كالخفاش

على جناح العتمة.

**

عكازة واحدة تكفي

لكنس أشباح الليل

المعششة في كهوف

الجسد.

**

إمرأة جميلة تكفي

لنسيان الموت.

**

ضربة فأس واحدة تكفي

لقطع أذرعة كثيرة

لنهار يتزأبق

على صهوة اللامبالاة.

**

سرير واحد يكفي

لجسدين ينقران

أوراق المستقبل

ويطيران

نحو براري النوم.

**

صديقة عذبة تكفي

لصناعة أسطول من الصواعق..

لتدجين وحش العزلة

وتأسيس دويلات

من الفرح اليومي .

**

صديقة واحدة تكفي

لتنبت من جديد

وبقوة مذهلة

طفولتي المقتولة

بخرادق الهامش.

**

طائر شفاف واحد

يطلع من سرايا عينيك

يكفي ليبعث من جديد

قمرا أبديا

داخل مدارات الروح.

**

جرح واحد يكفي

لإضاءة شرفات الليل.

**

جثة واحدة تكفي

لجرجرة أحلام الطغاة

إلى المقصلة.

**

غزالة واحدة تكفي

لغزو العالم

ومحو البقع الرمادية.

**

قطرة واحدة تكفي

-تهبط من عنق الغيمة-

لتشييع أفراس قوس قزح

إلى حجرة الشاعر.

**

نهر واحد يكفي

لغسل أواني الشمس

الملوثة بشتائم العميان.

**

صديق واحد يكفي

لتشييع جنازتي اليومية

والبكاء طويلا

-أمام عتبات الفقد-

على جثث الصداقة.

**

العالم

لا يسع جناحي شاعر.

**

الليل لا يكفي

لسرد مراثي الحمامة

ونومها العميق

في بئر الجسد.

**

الدهشة تكفي

لبعث الفلاسفة

من مراقدهم.

**

جسد واحد

لا يكفي

لمجرات الشاعر.

***

فتحي مهذب

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم