صحيفة المثقف

مؤسسة ام مؤسسات دينية؟

مؤسسة كلمة تطلق على كيان اداري وهيكلية خاصة لكادر متخصص بعمل معين وفق نظام اداري معترف به من قبل السلطة الحاكمة في البلد، وله قوانينه التي يعمل بها مع خضوعها لقوانين البلد التي تعمل به .

ولكن عندما تتخصص المؤسسة بالعلوم الدينية التي لها السلطة العليا المقدسة والتي لا تخضع لاي حاكم ان لم يكن وفق شروط معينة لكل دين اومذهب حسب معتقداته، والحديث مخصص عن الشيعة الامامية لذا سيكون اكثر وضوحا وصراحة في التوقف عند محطات ادت الى تساؤلات وثغرات نفذ من خلالها المتطفلون وقانونا لا يعتبرون متطفلين .

مسالة المؤسسة الدينية على ارض الواقع وفق الانظمة العالمية لا تعتبر قانونية ولان القائمين عليها فقهاء بدرجات علمية مختلفة يكتسبون شهادتهم باقرار من اساتذتهم فكيف اذا كانت الحكومات لا تتعامل مع الاساتذة، والقوة التي يمتلكها الفقيه هي روحية نابعة من قدسية الدين لدى المسلم، وكل مسلم يسعى لان يجعل اعماله شرعية وتختلف رؤيته وتقليده حسب قناعته، ففي الوقت الذي يتمتع المرجع السيد السيستاني بمكانة مرموقة بين كل الاوساط هنالك من لا يقلده وهنا من يتجنى في بعض الاحيان على احكامه ولايوجد قانون يردع هكذا تصرف، بل من السهولة ان يرتدي اي شخص الزي الديني ويدعي تمثيله للمرجعية ودائما الحقوق الشرعية هي محل جدل بين المسلمين، ولان حاكم الشرع له صلاحيات حق التصرف في كثير من الاشكالات والابتلاءات والموارد المالية يصبح ايضا هو محل جدل في صلاحية من جعله حاكم الشرع، نحن نؤمن بالامام الغائب ونؤمن بظهوره ونؤمن بوجوب العمل بالاحكام الشرعية الشرعية لتجنب الحرام والقيام بالواجبات ونحن كمقلدين للسيد السيستاني نرى ان سماحته خير من يمثل راي الامام الغائب ولكن هذا لا يمكن ان يلزم به الاخر، في العقل القانوني لهم الحق في ذلك .

نرى حوزات هنا وهناك وباسماء الائمة والعلماء، تبعيته لمن؟ ومناهجها الدراسية من وضعها؟ وتمويلها من اين جاء؟ والتمويل له التاثير على الاتجاه، والنتيجة هل شهادتها معترف بها قانونيا؟ هذه الامور شتت الراي الجمعي الامامي، ومن جانب اخر هنالك محاذير على الفقيه اذا ما فكر بان يكون هو الحاكم السياسي والشرعي فيدخل في جدلية اخرى فالعقول المعاصرة ترفض رجل الدين واصحاب راي صلاحية الامام الغائب ايضا يرفضون من يتصدى للحكم بكل مجالاته، بينما حددت صلاحية الفقيه بالامور الحسبية، وهذه الامور مهما تكن فهي متداخلة مع القانون ولا يستطيع اي فقيه ان يفرضها على من يجب الالتزام بها الا اذا كان من مقلديه وملتزم دينيا اما ان يلزم بها الكل فهذا امر لايمكن تحقيقه، مسالة اموال الايتام والقاصرين ومجهولية المالك والاحوال الشخصية لايمكن للفقيه ان يلزم بها المواطن الا اذا اتفق القانون الوضعي مع التشريع السماوي، بل الكثير من اشكالات الارث يعجز القانون عن حلها بشكل عادل على عكس الفقيه الجامع للشرائط فانه يعطي الحكم الشرعي السليم ولكن هل من يجب عليه الالتزام يلتزم ؟ هنا المفارقات والمتاهات التي تجعل الفقه والفقيه في دوامة توجيه الامة .

مسالة خضوع المؤسسة او الفقهاء للسلطة الحاكمة مسالة غير صحيحة لان السلطة الحاكمة تعمل في كثير من المجالات وفق المفردات السياسية التي تفرض عليها حتى العمل بالباطل بينما هذا الامر لا يمكن اطلاقا ان يقدم عليه الفقيه، ولان المؤسسة الدينية (جدلا) لايمكنها اطلاقا محاسبة من يدعي الاجتهاد او يتزيا بالزي الديني مع ضعف الثقافة الدينية  في المجتمع اما لبساطته او لاحتفاظه بصورة تهويلية عن المعمم فتمرر من خلال هؤلاء الدخلاء الكثير من الفتن وبالتالي تهتز ثقة المسلم بالفقيه وتكون السوط الذي يلوح به من لا يؤمن بالخطاب الديني .

هذا اشكال عويص فاذا ما تدخلت الحكومة لدعم فقيه معتدل مجتهد مشهود له بالاعلمية والحكمة في القرار سيكون محل انتقاد وبسهولة من الاخرين بمجرد ان الحكومة تدعمه وليس لوجود اشكال او خلل في علميته وهذه المفارقة صعبة الحل، نعم يحاول الفقيه ان يصحح مسار بعض القرارات الحكومية بحكم ما يستطيع ان يفعله مستخدما من يقلده والا الزامهم بحكم شرعي فقط فالحكومة غير الشرعية لا تلتفت اطلاقا لاعتراض الفقيه، الى اليوم الفقيه يشكل على الاموال الماخوذة من الحكومة والبنوك الحكومية وذلك للاشكال في تحصيلها اصلا، وهنا يلجا المسلم الى اخذ الاذن من الحاكم الشرعي بحق التصرف بما يمنح من اموال حكومية، وهذه وغيرها تبقى الباب مفتوحا على مصراعيه في انماء هذه الجدلية بين المؤسسة الحكومية والمؤسسة الدينية ... للحديث بقية

 

سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم