صحيفة المثقف

هل يصبح آيا صوفيا مقصلة لعنق اردوغان؟

عماد عليالمتابع لسياس تركيا ابان سلطة اردوغان بالذات يوميا يطرح على نفسه كثير من الاسئلة حول ما يحدث في المنطقة وما يقدم عليه اردوغان يوميا خارقا لكل القيم والمباديء السياسية والفكرية العامة التي تريد الخير للانسانية؛ فلماذا لم تردع اوربا هذا الشيخ المتهور اردوغان مهما تصرف منذ اعتلاءه العرش واحتكاره زمام الامور في بلده؟

يبدو ان اردوغان قد تمادى كثيرا وكشف عن غيه بشكل واضح وفضيح الان، وبعدما سار وفق ما كان يفكر به متفردا ولم يتلق رد فعل مناسب ازاء ما فعله سابقا، ويعتقد بانه ينجح في استمراره لحين تحقيق اهدافه وطمعه المبني على حسابات ربما سيرى نتائجها معاكسة تمام في لحظتها لما ينوي بعد ان تستقر حال العالم فيما بعد الانتهاء من جائحة كرونا وافرازاتها السياسية الاقتصادية الاجتماعية على العالم وعلى قراراتهم وتعاملهم مع ما يحدث في العالم ومنها منطقة الشرق الاوسط.

راوغ اردوغان في سياساته الخارجية ولعب على الخلافات بين القوى واتبع خطة المد والحزر وانتهز الفرص الكثيرة التي توفرت بعد التغييرات التي حدثت ما بعد ثورات الربيع العربي وبالاخص اتخاذه دورا تمثيليا مكارا لنفسه كقائد اسلامي اخواني معتمدا على مال الخليج وبالاخص القطر والقوة المخفية لتنظيمات الاخوان والفراغات التي نشات في البقع الاستراتيجية الحساسة في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا. اما داخليا لا يمكن ان يُحسد على ماوصل اليه اقتصاده، بل كل بقي في يده هو تهربه من تلك المشاكل الداخلية الكبيرة بافتعال بهلوانيات خارجية محاولا لفت الانظار، ونجح لحدما الى اليوم. على الرغم من النجاح النسبي في افعاله الثعلبية الا انه لم يحتسب لما يمكن ان يصل اليه او ما تفرض عليه نتائج المعادلات السياسية المعقدة وخصوصا ما تتعلق باوربا التي لم تقل كلمتها فيما يتبعه اردوغان بما تضر مصالحها الاستراتيجية لحد الساعة.

اما اليوم وبعد خطوة اردوغان لاحالة كنيسة ايا صوفيا التاريخية وبعدما كانت بمثابة متحف مستقل الى مسجد اسلامي في هذه المرحلة، فنسمع انينا ورد فعل لا زال حذرا من اوربا لما غانر به اردوغان يمهاتراته وسلوكه وبهلوانياته الاخيرة في اسطنبول ولم يردعه ويضع حدا له احد الا اسرائيل بطريقتها المعلومة. ادركت اوربا الان جيدا ان ما يقوم به اردوغان هو مشروع عرقي تعصبي اسلاموي عثماني باهداف انية ومستقبلية ويصر ادروغان ان ينفذه بسلوك دكتاتوري دون ان يحسب لما للاخر الحق في ان يكون له راي في هذه الامور والمشاريع المتجذرة نشاتها تاريخيا. نطقت الصحف الاوربية اخيرا بما احست به من نوايا اردوغان واهدافه وطمعه . ويوضح ما يُنشر هذه الايام في الصحف الاوربية المعتبرة ان السياسات التي يمكن ان تتبعها اوربا ازاء ما يقدم عليه اردوغان ستكون مغايرة بعدما تاكدوا انه عليهم ان يلجموه في مكانه وبحسابات ومعادلات سياسية اقتصادية تحتسب للتعقديات الموجودة حاليا وهذا ما يكشفه هذه المرة ما ينشر هناك بشكل مستمر.

بعدما تمادى اردوغان في غرب كوردستان وشمال سوريا والمناطق السورية الاستراتيجية وفعل فعلتته كثيرا خلسة نحو البحر المتوسط وليبيا وتلاعب بما ليس له الحق به، فانه لا يمكن ان تستكت اوربا بالذات لاردوغان هذه المرة وان تسمح له ان يحقق ما يريد بسهولة. ادركت اوربا اخيرا بان مشروع اردوغان عثماني عرقي دكتاتوري ايديولوجي ديني تضليلي خطر وغير مناسب للعصر وهو يخترق الحرية والديموقراطية وكافة الحقوق ومنها المباديء الاساسية لقيم اوربا وفي مقدمتها حقوق الانسان، ولذلك فانها لابد ان تتحرك بتاني وبقوة خلال المرحلة المقبلة، وتاكدت اوربا ايضا من انها لم تر تركيا حرة ديموقراطية منفذة للمباديء الاساسية التي تؤمن بها هي، لا بل معرقلة وتضع العصي في عجلة الحياة الحرة الكريمة للشعوب الاوربية ايضا قبل المنطقة وتركيا بنفسها بالذات.

علاوة على ما وصلت اليه اوربا من الناحية السياسية والمباديء العامة للثقافة التقدمية وما يخالف تطلعاتها لها وللمنطقة والعالم اجمع، فان اردوغان وفي تماديه على منابع الثروات التي ليس له الحق في التمادي والتطاول عليه في البقع الحساسة خارج حدود دولته السياسية وخاصة النفط والغاز وما يمكن ان يدفع اردوغان الى ان يضر به اوربا ان تمكن ان ينجح في استغلال تلك المنابع لتنفيذ مشروعه الخطر، فاوربا اليوم تحسب اكثر وانهت في حساباتها نهائيا احتمال ان تستوعب اردوغان او تركيا في منظمة اوربا الموحدة وانهى اردوغان بسياساته الرعناء حتى التفكير في التعاون معه مستقبلا فيما يخص مصلحة بلده، وعليه ان تحركت اوربا بشكل صحيح وان لم تتفرد دول منها نتيجة مصالحها الضيقة وهذا بعيد جدا، فانه من المتوقع ان يُردع اردوغان ويُعاد الى رشده بشكل سلمي اولا والا فان الامر خطر على اوربا ولا يمكن تلافيه او تجنب الامر لان افرازاته تقع عليهم وتضر بمصالحهم قبل الاخرين، والاهم ان اردوغان اصبح هو المشكلة اليوم لاوربا وانه السبب الرئيسي لعدم استقرار المنطقة وهذا ما يؤثر على استراتيجية اوربا، وعليه يجب وقفه، وهذا ما يدعنا ان نحسب ان تقليم اردوغان ممكن ومحتمل في المستقبل القريب.

لقد وصلنا الى ما توقعناه من قبل ويدركه اي متابع ولا يحتاج لعقلية عبقرية يحتسب بدقة وبمعادلات وهو ان نهاية كل متهور هي سقوطه هو قبل الاخر الذي يضر به، بما ان اردوغان يعيش اليوم مستندا على مغامراته وتعدياته الداخلية والخارجية على حساب الاخرين ووصل الى حد ان يستحق ان يُقال له الدكتاتور، فان نهايته ان لم يكن داخليا على ايدي شعبه فانه خرق كل القوانين بما يمكن ان يعطي نقطة ضعف كبيرة خلال مسيرته الجديدة وما يلف بما يعقده من الحبل الشيطاني حول عنقه وستطون النطرقة من على راسه اخيرا كجميع الدكتاتوريين وما نعلم عنهم تاريخيا ومنهم من وقع في وقت قريب ايضا.

وان حسبناه سياسيا ووفق البراغماتية والحسابات، فان تحويل اياصوفيا الى مسجد وصلّى فيه اردوغان الجمعة صلاة سياسيا بمكر فسوف يكون لصالح الكورد قبل غيرهم في نهاية الامر،ما يقع من النتائج على تهوره وهو بمثابة احتلال الدكتاتوري العراقي صدام حسين للكويت في عام 1990، وهو السبيل لاحقاق الحق لمن له الحقي عليه والكورد قبل غيرهم ورفع الظلم والغدر التاريخي عليهم لهذا السبب اي ايا صوفيا لانهاء اردوغان بمثابة كويت لانهاء صدام، وليس لما يؤمن به العالم من رفع الضيم عن الشعوب المغدورة والكورد منهم.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم