صحيفة المثقف

قصيدةُ الحسين

كريم الاسديسَرينا مِن الزمنِ الأسودِ1

ألى فرقدٍ شعَّ مِنْ فـــــرقدِ

 

الى الفرعِ والأصلِ في نيِّرٍ 

توحَّدَ بالــــــــواحدِ الأوحدِ

 

الى نهجِكَ الثائرِ الأمجدِ 

الى وهجِكَ النائرِ الأحمدِ

  

سريتُ أُكلِّفُ فيكَ الحروف 

فسارَ فؤادي وصارَ يدي

  

وأربَكَني في دُناكَ القصيدُ

فأربَكتُهُ  بالهوى المرعدِ

  

هتفْتُ بِهِ انَّ هــــــذا الحسين   

فأصغى القصيدُ الى مقصدي

  

لأنَّ هوانا  هواةَ الحسينِ 

سرٌّ من الكونِ  لَـــمْ يفندِ

 

على الرغمِ مِنْ غابراتِ الألوف

وكرِّ الزمانِ وفوتِ الغــــــــــدِ

 

كأنَّ النجومَ بعليائِها

تكاتبُنا فيهِ أنْ نقتدي

  

كأنَّ السماءَ بأكوانِها

تضيءُ لنا منهُ كي نهتدي

 

بأسطورةِ الثائرينَ العظامِ 

تاقَ الى المأثرِ الأخلدِ

 

فسطَّرَ في جبهاتِ النجومِ

نجوماً مُسَجَرَةِ الموقدِ

  

أتيتُ أبثُكَ هَمَّ الكرامِ 

وبوحاً لِمُنْعَزِلٍ مُفردِ

  

يذمُّ اليكَ الزمانَ السقيمَ 

وطبعَ أُهيلِ الزمانِ الردي

 

بنوكَ، بنو صحبِكَ الأنقياء

يموتون في فاضحِ المشهدِ

 

تُصوِّرُهمْ عدساتُ الرياء

كأنهمُ مِن تخومِ الجدي

 

وليسوا مِن الأرضِ أرضِ العراق

ومِن وطنِ البدءِ والمبتدي

 

أتتهمْ بليلٍ مسوخُ اللقيطِ

يقولون مِن يَعربٍ وعدي !!

 

تُفجِّرُ أنفسَها في النساء

وفي مهجةِ الطفلِ والمسجدِ

 

أما كانَ يكفي لنا الطائرات

وما زَخَّ كفُّ الكريمِ الندي؟!!

 

بآلافِ أطنان مِن حقدِهِ

نزولاً لنزوةِ مُسْتَحْقِدِ ؟!

 

أما كان يكفي الحصارُ المريرُ

يحزُّ بنا حزَّ مستفردِ ؟!

 

أما كان يكفي غبارُ الحروب

يُسَرْطِنُ ثَدياً ويبقى ثدي؟! 2

 

فأينَ الشهامةُ في يعربٍ

وأينَ الأخوةُ في المحتدِ

 

أتيتُكَ يأبنَ الأميرِ الفقيرِ 

فقيراً أميراً  بلا سيِّدِ

  

ودونيَ جَمْعٌ من الأمراء

مشى مشيةَ العبدِ للمعبدِ

 

وما كانَ معبودُهُ  مُطْلَقاً 

ولكنَّهُ وثنٌ  لِدَدِ 3

 

أتيتُكَ يأبن الشجاعِ النبيلِ

ويأبنَ الفتى الفارسِ الأمردِ4

 

وقدْ حلَّ ضيفَ الضميرِ الفؤادُ

وعفَّتْ عن المغرياتِ يدي

 

وألجَمْتُ نزوةَ عشقِ الجَمال

اذا لَم أكُن في الهوى سيدي

  

سلامي عليكَ أبا الثائرين

ويا شعلةَ الرفضِ لَمْ تُخْمَدِ

 

سلامي عليكَ تشِلُّ الجيوش  

بسبعين ليثاً ولمْ تزددِ 5

 

جيوشٌ تسدُ عليكَ الطريق 

فصرتَ الطريقَ الى الأبعدِ

  

جيوشٌ لِمنعِكَ من موردٍ  

فتُضحي الينابيعَ في الموردِ

 

جيوشٌ تهيلُ عليكَ النبال 

فتَغدو النبالَ على المُعتدي

 

سلامي عليك على الذائدين

صحابِكَ، همْ أبسلُ الذوَّدِ 

 

 

 

فسبعونَ جيشاً لسبعينهم

 

فدوكَ وأنتَ الذي تَفتدي

 

أحاطوا الدروعَ بِلحمِ القلوبِ 

وأسمُكَ وَشْمٌ  على الأفئدِ

 

أبي يا أبي يا أبا الرافضين 

خضوعاً الى الذلِّ والمنكدِ

 

واِنْ كانَ مُلكُكَ  كلَّ الفرات 

ومِنْ أرضِ أورَ الى مَشهدِ

 

وما كانَ غدرُ اللئامِ جديدأ

عليكَ ولا  الصعبُ بالأجددِ

 

وبالأمسِ طالتْ أباك الأِمام

كفوفُ الخديعةِ في المسجدِ 6

 

وبالأمس باتَ بدون فطور

لينجدَ سؤلةَ  مستنجدِ

   

سيوصي بنيهِ برحمى الأسيرِ

وأن كان من سُمِّهِ  يرتدي

 

سلامٌ على قائدِ الناصرين

( حبيبٍ ) تحدى ولَمْ يقعدِ 7

 

ثمانون حولاً له قد مضتْ

ومازال أصلبَ مِنْ جَلْمَدِ

 

عتياً، فتياً مشى للوغى

ليحظى مدى الدهرِ بالسؤددِ

 

ولَم يسمعِ الصوتَ صوتَ الحسين

ليعفيه من مسلكٍ مُسْهِدِ

 

سلامٌ على تاجِ رأسِ الأخاء

( أبي الفضلِ ) انشودةِ المُنشدِ 8

 

يبعثرُ أقزامَهمْ غاضباً

كسيلِ البراكين لَمْ يبردِ

 

سلامٌ على ( الحرِّ ) رمزِ الضميرِ

أتمَّ تميماً الى المَنشدِ 9

 

كفوراً بما منحَ الظالمون

وفياً لحرٍّ به مُرْبِدِ

 

فأربدَ يَبكي أمام الحسين

وصالَ ليُبكي الخسيسَ الردي

 

سلامٌ على صوتِكم حاضراً

قديماً، حديثاً، بدنيا الغدِ

 

سلامُ على حاملِّي اللواء

بلبنان قد دافعوا بالمدي

 

وقد صبَّ جمعٌ من الطائرات

سيولاً لمحتقنٍ مُزبدِ

 

فما برحوا يسقطون القناع

لنمرٍ بلا مخلبٍ أدردِ

 

سلامٌ على الحشدِ حشدِ العراق

على النخلِ والسدرِ والمولدِ

 

على الفجرِ والشعرِ والأنبياء

على النهرِ والنورِ والمرقدِ

 

على حاضنِ العظماءِ الكبار

نفوساً  بأنجمِهِ السُجَّدِ

 

تُقَبِّلُ منه الترابَ الزكي

وتسندُ رأساً الى المسندِ

 

سلامي على يَمَنِ الصابرين

على الطفلِ في اليمنِ الأسعدِ

 

يقاومُ بؤساً  يعزُّ النظير

له في أسى العالَمِ الأنكدِ 10

 

يحاصرُهُ عمُّهُ اليعربي

ليهلكَ في لحظةِ المولدِ

 

سلامي على كلِّ شهمٍ نبيل

تحدى الخطوبَ ولمْ يلبدِ

 

من الشرقِ حتى أقاصي الغروب

من القطبِ للقطبِ الأبردِ

 

وتعساً لِمَن قال للمجرمين

سلاماً وصافحَ اِثمَ اليدِ

 

قديمي حديثي اذا الحقُّ قال

ومالَ جديدي الى متلدي

 

ستبقى تجددُ ثوبَ الزمان

وتبلي الجديدين في الجددِ

 

فلا راحلٌ راحلٌ للدوامِ

ولا المستحيلُ بمستبعدِ

 

سأبقى أغني فيكَ الحشود

وأتلو الحشودَ الى محشدي

 

سأبقى أقيمُ لكَ المهرجانَ

وأدعو النجومَ الى مربدي

***

 

شعر: كريم الأسدي ـ برلين

...........................

الهوامش:

1ـ  الحسين مثلما نفهمه ـ ونأمل ان يفهمه الآخرون ـ  رمزٌ للحرية والكرامة والعدالة، وملتقىً للأحرار وأصحاب الضمائر الناشدين عالَماً أفضل والمكافحين لأجل حياة أكرم  وقانون أعدل .. كتبتُ مطلع هذه القصيدة والأبيات الأولى منها في يوم العاشر من محرم المصادف يوم الأول من تشرين الأول  2017، في برلين ثم بدأتُ أضيف ابياتاً اليها في الأيام التالية كلما أحسست ان الشعر يطاوعني حتى اكتملت عندي في يوم العاشر من تشرين الثاني 2017.

2 ـ أشارة الى غبار اليورانيوم المنضَّب الذي أستخدمته قوات الأِحتلال في الحرب ضد العراق والذي أدى الى آلاف الحالات من الأِصابة بسرطان الثدي بين النساء العراقيات وخاصة في الجنوب العراقي نجم عن بعضها الموت وعن بعضها بتر الثدي.

3 ـ كلمة دَد في العربية تعني لوقتٍ أو لحينٍ أي أنها تعبير عمّا هو عابر ومحدود البقاء وتعني أيضاً اللهو واللعب ..هنا ودون مبالغة أقصد المعنيين معاً، ولاسيما ان اللهو واللعب عابران . وفي عبادة الوثن، أي وثن، لعب ولهو وبُعدٌ عن الخلود، وكثيراً ما يرتبط الأمر بمصلحة شخصية نفعية مؤقتة، محدودة وزائلة .

 4 ـ الفتى الأمرد هو الفتى اليافع الذي لم تنبت لحيته بعد، في أِشارة الى علي بن أبي طالب ـ ع ـ الذي كان ينازل ويبارز أعتى وأبسل فرسان قريش الذين يتحدون المسلمين وهو فتى لم يبلغ بعد سن البلوغ.

5 ـ عدد المقاتلين مع الحسين من أقرباء و صحب الذين واجهوا جيش الدولة الأموية كان لا يتعدى السبعين مقاتلاً حسبما تشير المصادر التاريخية.

6 ـ الأِشارة هنا الى مقتل الأمام علي مطعوناً بنصلٍ مسموم لعبد الرحمن بن ملجم وكان الأمام الصائم حينها في مسجد الكوفة.

7 ـ الاِشارة هنا الى الشيخ حبيب بن مظاهر الأسدي الصديق الحميم للأِمام علي والذي تطوَّع للذود عن الحسين حيث نصَّبه الحسين قائداً للأنصار بعد ان عرض عليه أعفاءه من مهمة القتال لكبر سنه حيث كان يقترب من الثمانين بيد ان حبيب رفض وأصر على القتال الى جنب الحسين.

8 ـ المقصود هنا هو أبو الفضل العبّاس بن علي بن أبي طالب أخ الحسين، وهو فارس بارع في القتال أنضم الى صفوف أخيه في واقعة الطف وقاتل ببطولة مثلما تروي المصادر.

9 ـ الحرّ هو الحرُّ بن يزيد الرياحي من تميم كان من قادة جيش يزيد الكبار في واقعة الطف لكنَّه عدل عن القتال الى جنب يزيد في اللحظة الأخيرة وقدم باكياً للحسين ليعرض عليه تطوعه للقتال الى جنبه عارفاً بموته الوشيك، واستشهد في واقعة الطف مع الحسين وأنصار الحسين جميعاً.

10 ـ قديماً كانت بلاد اليمن تُسمى باليمن السعيد، وعبارة العالَم الأنكد اِشارة الى عالمنا المعاصر الذي نعتقد انه يمر بأكثر أوقاته نكداً، للأسف، في هذا الزمان.

 

  

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم