صحيفة المثقف

مِن قديمِ المكانِ تِلْكَ الليالي

جمال مصطفىلـمْ تَـجـدْهــا

تَـبَـرَعَـمَـتْ فـي غـيـابـِكْ

وردةٌ

تَـرتـوي بـمَـحْـضِ سـَـرابـِكْ

 

أشَـذاهـا الـغَــمـامُ

يَـدنـو ويَـنـأى

أمْ تـلـفّـعْـتَ عـاريـاً

بِـضـبـابِـكْ؟

 

تَـتَـبـاهـى

بـوردةٍ لا تُـسَـمّـى

وتُـسَـمّـي الـظـنـونَ

عـطْـرَ ارتـيـابِـكْ

 

فـي فَـواتِ الأوانِ :

يـا لـيـلُ، يـا لـيْـ ـ ـ ـ

كـصـلاةِ الـكَـمـانِ

وجْـدُ انـسـيـابِـكْ

 

مُـسـتـعـيـنٌ

عـلى ضجـيجٍ عـمـيـمٍ

بالأخـصّ الـرخـيـمِ

مـن زرْيـابـِكْ

 

كُـلُّ مـا رتّـلـوا

ومـا لَـمْ يُـرَتَّـلْ

يَـتـصـادى هـنـاكَ

بَـيْـنَ قِـبـابـكْ

 

الـرجـاءُ الـكَـسـيـحُ

يَـصعــدُ زحْـفــاً

كـدعـاءٍ

عـلى خـطـى لِـبْـلابـِكْ

 

شَـبّهـي لُـطْـفَـكِ الـبعـيـدَ

فـقـالـتْ:

مـثْـلُ بَـرْدِ الـيـقـيـن

عـنـدَ اقـتـرابِـكْ

 

قـشْـرةً بَـعْــدَ قـشـرةٍ

تَـتـعــرّى

والـتَـعـرّي الأخـيـرُ

نـزْعُ لُـبـابـِكْ

 

لَـمْ تَـجـدْهـا

وجـدْتَ ـ ـ هـل كـان بـابـاً

وحـدَهُ شـاخِـصـاً

أمـامَ خـرابـِكْ

 

خـلْـفَـه ُ الـسـورُ

لـو تَـسَـلّـقَ ظِـلٌ

لَـتَـفَـشّى الـنـبـاحُ بـيـن كِـلابـِكْ

 

لَـرأيـتَ الـنجـومَ

يَـسْـبَـحْـنَ ظُـهْـراً

عـاريـاتٍ

في حـضْـرةِ اسْـطـِرْلابـِكْ

 

هـا هـنـا اللا رُجـوعُ

مـثـلُ نـزيـفٍ

قَـدَرِيٍّ

حـتى اكـتِـمـالِ انـسـكـابـِكْ

 

لَـكـأنَّ الـتـاريـخَ

لَـمْـعُ سـيـوفٍ

وكـأنّ الـنــدوبَ

مـا بـي ومـا بـِكْ

 

خُـيَـلاءٌ

عـلى ظهـورِ خـيـولٍ

وشـقـاءٌ بالـسـوط

تَـحْـتَ الـسـنـابِـكْ

 

مَـعْـمَـعـانٌ

عـلى مَـعــيـنٍ أخـيـرٍ

وافـتـتـانٌ بِـحـبْـكَـةٍ وبِحـابـِكْ

 

يـا لَـهُ زاجـلاً

ومـا مِـن بَـريـدٍ

طـاعِـنٌ فـي الحَـمـامِ

بُـرجُ ارتِـقـابـِكْ

 

لَـمْ تَـجـدْهــا

وجَـدْتَـهـا

لـمْ تَـجـدْهــا

وردةُ الـسـرِّ،

سِـرُّهـا في ارتـكـابـِكْ

 

قـهْـقَـهـاتُ الأشـبـاحِ

نـسج ُ خـيـوط ٍ

عـنـكـبـوتُ الـمَـجـازِ

بـيـتُ لُـعـابـِكْ

 

لا عـصـافـيـرَ

فـي حـدائـقِ رنْـثـى

لا نـوافـيـرَ

مـرحـبـاً ـ ـ فـي يـبـابِــكْ

 

كَـنْـغــرَ الأُمْـنِـيـات

تَـحـنـو عـلـيـهـا

وهْـي تَـغـفـو وديـعــةً

في جِـرابِـكْ

 

سِـرّهـا مِـن عُـذوبـةٍ

قـيـلَ عـنـهـا

في جِـنـاسِ الـغـرام

أُنثى عَـذابِـكْ

 

شـامـةٌ

كاسـتِـعـارةٍ مِـن شُـمـوسٍ

شـطْـحـةُ اللـيـلِ

فـي هـزيـعِ انجـذابِـكْ

 

ثُـمَّ عـادتْ أهـلّـةً

إذْ أمـالَـتْ

غـلْـطـةُ الـضـوءِ بَـدرَهـا

عـن صـوابِـكْ

 

لَـوعـتـانِ اثـنـتـانِ

 مِـن جُـلّـنـارٍ

هـانَـتـا كالـعُـجَـيْـبِ

 بَـعْــدَ عُـجـابِـكْ

 

لـوعـتـاكَ اللـتـانِ

لُـمِّـعْــنَ عُـمْـراً

لَـمَـعـانَ الـكـؤوس

قَـبْـلَ شـرابِـكْ

 

بانـزيـاحِ الـكلام

فـي كُـلِّ وادٍ

كـانـديـاحِ المُـدامِ

فـي أعـصـابِـكْ

 

يـدخـلُ اللـيـلُ

في لُـجـيْـنٍ مـقَـفّـى

فـتَـخـرُّ الأقـمـارُ

مِـن مـيـزابِـكْ

 

كـمْ بُـراقٍ مُـجَـنّـحٍ

وبُـراقٍ

مِـن هـيـامـي الـمـنـحـوتِ

قُـدّامَ بـابِـكْ

 

إنَّ صـمـتـي الـثـرثـارَ يَخـجـلُ

كَـوْني

أتَـعَـدّى

عـلـى بـديـعِ اقـتـضـابِـكْ

 

كَـبّـلـيـنـي مُـقَـرْفِـصـاً

فَـسـأرضـى

وانـبـذيـنـي هـنـاكَ

فـي تـرْحـابِـكْ

 

كُـلَّ دعـسـوقـةٍ وأنتَ بـخـيـرٍ

يَـلـعـبُ الـطـفـلُ

حـافـيـاً فـي اخـتِـلابِـكْ

 

الـبـيـاضُ الـبـيـاضُ

كـانَ غــرابــاً

والـغـرابُ الـغــرابُ

عِــزُّ شَـبـابِـكْ

 

أنتَ مِـنهـا

كـأنّـمـا قـابُ قـوسٍ

وصـداهـا

كـأنّـمـا قـوسُ قـابِـكْ

 

لَـمْ تَـجِـدْهـا،

سـمـعْـتَ صـوتـاً يُـغَــنّي:

حـانـةُ الـمـا وراء

بَـعْــدَ حِـسـابِـكْ

 

لـيـسَ قـبْـلَ انـكسـارِ آخـرِ مِـجْـذا

فٍ تَـمـادى مُـغـامِـراً

في عُـبـابـِكْ

 

وتُـحـاذي الـمـرْجـانَ

في كُـلِّ غــوْصٍ

شـاعِـريٍّ

عـلى امـتـدادِ شِـعـابـِكْ

 

لـيـس قـبْـلَ

انـدكـاكِ ذروةِ صـمْـتٍ

واجـتـيـازِ الـغـزالِ

دغْــلَ ذئـابـِكْ

 

إنَّ إثْـمَ الـشِـبـاكِ

غَـزْلٌ وصـيْـدٌ

فَـتَـبَـرّأْ

مُـصَـرِّحـاً: لَـنْ أُشـابِـكْ

 

لـيـس قـبْـلَ

انـزيـاحِ كُـلِّ حِجـابٍ

واحـتِـسـابِ الـجُـنـاحِ

بَـعـضَ ثـوابـِكْ

 

غـجَـريٌّ

مُـغَـجِّـرٌ كُـلَّ مـعـنى

ألْـفُ وشْـمٍ يـلـوحُ

تـحـتَ إهـابِـكْ

 

جُـنَّ إيـقـاعُـهـا؟

إذنْ لا يُـبـالـي

لا يُـطـيـقُ الجـنـونَ

جِـلْـدُ الـدنـابِـكْ (الـدرابِـكْ)

 

مِـن قـديـمِ الـمـكانِ

تـلـك الـلـيـالي

مُـقـمـراتٌ

عـلى جَـنـاحَـيْ غُــرابـِكْ

***

جـمـال مصـطـفى

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم