صحيفة المثقف

هل اصبحت قطر جحشا لاردوغان؟

عماد علي (دولة قطر) وهي الاحساس بالنقص التي جعلت هذه الدولة ان تسمي نفسها بدولة قطر وتضيف كلمة دولة الى اسم البلد لكي تقول للناس انها دولة ولم نر اية دولة تضع رسميا مصطلح الدولة امام اسمها، فالدولة تُعرف لمكانتها وامكانياتها ووجودها وموقعها وثقلها ومقوماتها وسلوكها الذي يفرض نفسه ان اية بقعة تُدعى دولة دون التضبث بها وليس لكيان ما يمكن ان يسمى باي مسمّى من جراء موقف قادته. اي انها (فلنسمها نحن الدولة كي ترتاح قادتها ونقول انتم دولة ويجب ان تلتزموا بما على الدولة وما لها) حديثة العهد ولكن الاموال تفعل ما لا يمكن ان يتصوره احد. فانها ليست اقدر وافضل من سلطنة عُمان تاريخيا وجغرافيا ومعرفة، ويلمس الجميع بين الدولتين وشتان ما بينهما دولة وقادة وسمعة تاريخا، فانها انبرت ان تكون في ايادي من يمكن ان يضعها في مكان تظهر وكانها قرقوز الدول ولعبتهم، هل الظروف الموضوعية هي التي جعلتها ان تتصرف كما هي عليه الان ام القادة المغرورين ام المال الزائد عن الحاجة لوفرة الدخل من النفط الذي جاء صدفة في موقعهم وجعلهم يتباهون دون ان تكون لهم العقلية التي من الواجب التعامل به خيرا لهم وللانسانية، فانهم تارة يركزون على الاعلام لبيان وتلميع صورتهم واخرى في الرياضة واليوم يدخلون في الصراعات الموجودة في المنطقة بتواصل شاذ وعلاقات مشبوهة كي يصارعوا السعودية التي يعتبرونها المنافسة لهمقبل اية دولة اخرى في المنطقة( وهذه المنافسة لا يمكن ان تكون صحيحا وفي محله لان الموقع والقدرة والامكانية السعودية اكثر واكبر منهم، وحتى النسمة السكانية والحغرافيا والتاريخ وعمق الدولة ايضا في مستويات مختلفة جدا ولا يمكن مقارنتها).

اما السؤال الذي نريد الاجابة عليه هنا، لماذا وضعت قطر نفسها في لب الصراع الجاري في المنطقة (بعيدا عن حسابات خالف تعرف) ولماذا وضعت امكانياتها المالية في خدمة الطامع الذي يريد اعادة التاريخ العار لبلده الى ماضيه المخزي في المنطقة؟ هل كان الامر من دون ارادتها؟ اي بالقول الصريح انها قطر التي  اصبحت جحا لتركيا في تحقيق ما يطمح اليه اردوغان الذي بدوره يريد ان يعيد  بلاده الى الماضي دون ان يحسب للتغييرات التي تفرض السلوك والتعامل المغاير لما اودعه التاريخ م اىكان عليه دون رجعة.

السياسة القطرية المعتمدة في جوهرها على تنظيم ومنهج وبرامج الاخوان المسلمين الذي يعتبر منافسا ومصارعا للوهابية على اعتبار ان السلطة السعودية تعتمدها في حكمها وتعاملها داخليا وخارجيا معتبرا انها منهجها (وان تغيرت الاحوال بعد مجيء محمد بن سلمان).

فان قطر احست بعزلتها بعدما اخذت اكثرية دول الخليج موقفا صارما ضدها عندما التجا الى مكان مخالف وانحرف عن مواقفها السياسية الماضية، فلم تجد هذه الدويلة! غير الوقوع في حضن اردوغان وان تصبح جحشا له وان علم بان هذا الدكتاتور لا يجيد الركوب ، سبق وان وقع من على ظهر جحشه في بلاده وسقط سقوطا مخزيا.

لو حللنا المعادلة ببساطة واختصار، فان قطر ربما لم تبق امامها الا اختيار الاسوء في مواقفها وسياساتها، ولم تعلم انها سوف يلعنها التاريخ في اقرب فرصة تتغير فيها الاوضاع. لقد كانت السياسة الوهابية والاخوانية في صراع مكشوف ودائم منذ مدة ليست بقليلة الا ان المصالح الضيقة هي التي فرضت نفسها على اتخاذ الطرق الملتوية  بعيدا عن المباديء التي ادعتها قطر من قبل. ولكن القوة المتوفرة ماديا ومعنويا لكل منهما ولمن يحملهما كمنهج وبرنامج لسلطته  مختلفة الاوزان وعليهبعدما اختل التوازن  بين المحورين فلابد ان يبحث كل منهما على مسند يفرض عليه ان يقوي نفسه به ويعيد التوازن، فاختارت قطر اردوغان ووفرت له كل ما لديها وهي الامكانياته المالية فقط ولا تملك سواها كي تقف على ارجلها، ولكنها لم تحتسب لاي شيء في هذا السلول، لا للتاريخ ولا للمستقبل ولا للقيم والشهامة والاخوة التي تعتمدها مجتمعات الخليج وجيرانها الاقربين، بل البراغماتية السياسية التي اعتمدتها قطر في سياساتها الاخيرةهي التي وضعتها في حضن الطامع وهو واقع من موقعه في جحر الازمات الداخلية.

فلم تلق قطر اذنا صاغية من امريكا وقاعدتها الموجودة على ارضها  لم تفد في بيان موقف مساند لها فتوجهت الى النرجسي واعتبرها هو من جانبه فرصة لانه كان في موقف ضعيف نتيجة سياساته الخاطئة داخليا وخارجي ا ولم يكن امامه الا الرضا لا بل كان هو من دعا الى ذلك قبل قطر لينقذ بما يمكن ان يحصل عليه  نفسه قبل قطر، وبه ميزت هذه الخطوة  الابيض عن الاسود، واليوم توضحت اطراف المعادلة وما هي القائم عليها، فابتعدت قطر بشكل مطلق عن الموقف العربي واستوضحت بتلك الحركات ايضا  موقف تلك الدول العربية ازاء اردوغان وطمعه لاعادة مجد الامبراطورية العثمانية بمسميات مضللة وبانت اطراف الصراع بوضوح تام ، وعليه تحركت الاطراف ولازالت تتخذ مواقفها السياسة وفقها .

و السؤال هل يحل هذا التحالف القكري للتركيا او يربط شيئا داخليا او ما يجري في مسار الصراع الموجود في المنطقة انيا او هل ساعد على عدم انهيار قطر وابعد بما حصل اردوغان من جانبه عن احتمال التعقل  والتراجع في النهاية عن اتخاذ مواقف خاطئة  والتقرب عن  الالتزام بالاحتمال الصحيح  لمساعدته في سياساته الداخلية والخارجية ايضا؟ عندما نتلكم هنا دون التطرق الى مواقف المحاور والصراعات للقوى العظمى ونظرتهم لما يجري في هذه البقعة الساخنة، لكي لا نطيل في الامر.

و في الختام لابد ان نذكر بان التاريخ والتجارب اثبتت بان لا يصح اي امر في الحياة العامة والسياسية الا ان يكون صحيحا. فالقطر دويلة صغيرة وان كانت لها امكانيات مالية هائلة فائضة عن حاجتها نتيجة لعدم عدالة توزيع الثروات الارضية في العالم، فانها سوف لن تكون لها فرصة نجاة بعد ان ترى سقوط اردوغان في وحل طمعه النرجسي وما يضع نفسه في الفخ قريبا، وتتضرر قطر اكثر منه نتيجة لما وضعت نفسها تحت امرته وانقذته من الازمات  الداخلية التي استفحلت وكادت ان تودي به، ولكنه لم ينجو منها لحد اليوم، وعليه يجب ان تفكر قطر في الامر جديا وان تعيد النظر في سحب نفسها ولا تستمر في خطواتا التي ليست الا ان فرضت على نفسها ان تكون جحشا لمن اثبت تاريخيا بانه جاحد لاقرب المقربين له، وانه ملطخة اليدين من دماء ابناء الشعب الكوردي ولازال يقترف جرائما يندى لها جبينه وبه ستكون قطر فكرت في نفسها قبل  شريكها،  وسوف يجبر اردوغان في سياسات لا تفيد قطر في المنطقة وان انكر ذلك اليوم. فلابد ان تسحب قطرمن جحوشيتها وتعود الى مواقف لا تضع نفسها في مواقف محرجة في المستقبل القريب.   

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم