صحيفة المثقف

ماهية الروح!!

علي سيف الرعينيالروح ولا جسد بلا روح وهي التي تبعث فيه تفاعلاته التي تتولد عنها الحركة، لكنها لا تحكم تصرفاته، ولا تتحكم فيه، فهي لا تأتي بالعقل للجسد، فلكل جسد عقل، ومراحل نمو، فلو فرضنا ان الروح تأتي بالعقل للجسد، لكان الأطفال عقلاء منذ ولادتهم، وهذا لا ينفي ان تكون الروح عاقلة، لأنها تستمر في وضع معين في فترة معينه في الجسد، بوتيرة ثابته تبعث فيه الحياه، ولا يمكن لفعل كهذا بالقياس ان يكون غير عاقل. الروح لها حيز ولها وزن، فلكل حيز وزن، لكن مقدار وزنها مجهول ومقدار حيزها معلوم، فحيزها يقع في كل شيء حي ينمو ويتحرك، اما حجمها فهي ذاتها في الحيز الذي تسكن فيه لا يعرفه احد، ولو قسنا الامر هذا بالبشر سيسهل علينا، فشخص واحد يستطيع ان يتحكم في قطعه اكبر منه يَشغَل هو جزء بسيط من حيزها، كالسيارة مثلاً، او المنزل، ويبقى هو المتحكم في تلك القطعة بشكل شبه كامل، وكذلك الروح فهي تقع في الجسد وتبعث فيه الحركة لكن حيزها في الجسد غير معلوم، او كيفية انتشارها والروح نشيطة بشكل مستمر لا كسل فيها ولا تعب، فالجسد يرتاح في النوم، اما الروح فلا تستقر لنوم، ولو استقرت للنوم، لفنت اجسادنا في نومها، او تلفت، فهي باقية في الجسد تبعث التفاعل، والحياة، التي تجعل ذلك الجسد مستمر، في بناء ذاته، فيقوم ذلك الجسد بعد النوم، ليستعيد نشاطه كاملاً، وقد توازنت فيه كل الهرمونات، وارتخت كل التشنجات . اريد ان ارجع للدين في هذه النقطة التي سأتحدث عنها والسبب في ذلك ان كل المكتوب عن حالة الروح وما يحدث لها خلال نوم الجسد، لم يستطع احد قياسها، أو الوصول إلى نتائج مؤكدة في هذا الجانب، لكننا بالرجوع لمصادر الدين سنجد بعض التفاسير التي تهمنا فأشهر خلق يذكر في كل الأديان السماوية هو خلق الأنسان، والاتفاق بين تلك الأديان، ان سيدنا ادم عليه السلام هو اول كائن بشري بعثت فيه الحياه، وسكنته الروح، قال تعالى {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} الحجر: 29، والدلالة في هذ الآية ان الروح جزء من روح الله عز وجل، وعند انفصالها عن الأصل لم تمت بل بعثت الحياة فيما حلت فيه، والدلالة الأخرى الأهم في نظري، ان الروح يمكنها ان تغادر الجسد بشكل كامل، فيموت الجسد، او تغادره بشكل جزئي، وهذا وارد ايضاً في الدين فالنوم يقع بين الحياة والموت . ومن تلك النقطة التي عاشها جميعنا في النوم، نستطيع ان نستنتج أمور كثيرة، فالروح تتحرك في نومنا، ولها سرعة، في تنقلها، ولها زمن له قياس آخر غير زماننا، وفي النوم تلتقي الروح وتتفاعل مع الجزء الأهم في الانسان وهو العقل، والمشاعر، فتزيد السرعة، ويتضخم الزمن، والمشاعر، للحد الأقصى الذي يمكن أن يصل له تصور بشر، ولنقف هنا لنقرأ بعض الأمور بشكر اكبر، فالأحلام تقع قبل الاستيقاظ بثواني فقط، لكن تلك الثواني تقع فيها احداث كثيرة لا يمكن ان يستوعبها الزمن في حالة اليقظة، ولو كانت الاحلام مرتبطة بالجسد، لعكس واقع زمنه على تلك الاحلام أي ان الساعة في الحلم ستكون ساعة في الواقع، وهذا يخالف كل الدراسات التي جاءت في هذا الصدد . في حالة نوم الجسد، تكون الروح حرة، من قيود الجسد فتتحرك ويطغى زمانها على زمان الجسد، فيستقبله العقل والشعور، وهي الأجزاء الأكثر حساسية، فينفعل الانسان في نومه مع ما يشاهد، ويخزن العقل تلك الذكريات فنتذكرها بعد يقظتنا، لا يهمني الآن الحديث عما نتذكر من الاحلام بل ما يهمني هو قياس ذلك الزمن، فالثواني التي نعيشها في الاحلام هي زمن طويل بالنسبة للواقع، وهذا الزمن هو زمن الروح، التي تعود لزمنها اثناء نومنا، وتنطلق بسرعتها كاملة دون قيود، ويكون الشعور البشري مهتاج في تلك الفترة القصيرة في زمنه، فتتضخم مشاعر الخوف، او اللذة، او المتعة، او الحيرة، لأنها لا تواجه الواقع بما تعرف

 

كتب/علي سيف الرعيني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم