صحيفة المثقف

الحِمَارِ الحَكيّْمِ والعِرَاقِ العَظِيّْمِ

محمد جواد سنبهكانَ في الغابَةِ حِمَارٌ حَكيّْمْ.

اجْتَمَعَ مَعَ بَعيّْرٍ فَهيّْمْ.

تَحّْتَ ظِلِّ نَخّْلَةٍ يُدَاعِبُها النَّسِيْمْ.

فِي جَلّْسَةٍ سِرِّيَّةٍ كأَنَّها فِي النَّعِيّْمْ.

قَالَ الحِمَارُ لِلبَعيّْرِ:

إِنَّكَ كَبيرُنَا فِي الغَابَةِ وذِيّْ عَقّْلٍ سَليّْمْ.

وَ ذُوْ حِكّْمَةٍ ودِرَايَةٍ وبِكُلِّ الأُمُوْرِ عَلِيّْمْ.

تُمَيّزُ الأُمُورَ مِنّْ بَيّْنِنِا وتَعّْرِفُ السَّليْمُ مِنّْهَا والسَّقيْمْ.

وَ اليَوّْمَ أَبُوحُ لَكَ بِسِّرٍ عَظيّْمْ.

قَالَ البَعِيْرُ:

مَا الأَمّْرُ يَا حَضّْرَةَ الحِمَارِ الحَكيّْمْ.

قَدّْ شَوَّشّْتَ فِكّْرِي وجَعَلّْتَنِي غَيّْرَ كَليّْمْ.

هَلّْ حَدَثَ فِي الغَابَةِ اعتِدَاءٌ مِنْ مُفّْتَرِسٍ لَئِيّْمْ.

قَالَ الحِمَارُ:

كَلَّا ... فالكُلُّ يَنّْعِمُ بخَيّْرٍ عَمِيْمْ.

لكنَّ العِرَاقِيينَ يَمُرُّوْنَ بِظَرّْفٍ قَاسٍ كالجَحيّْمْ.

فالكَهّْرَبَاءُ عِنّْدَهُمّْ رَدِيْئَةٌ وأَمّْرُهَا عَقِيّْمْ.

وَ النَّاسُ يَتَلَظَوّْنَ مِنَ الحَرِّ الأَليّْمْ.

قَالَ البَعِيّْرُ:

وَ مَا عَسَايَ أَنّْ أَفّْعَلَ يَا حِمَارَنا الحَكِيّْمْ؟.

قَالَ الحِمَارُ:

عِنّْدِي فِكّْرَةٌ نَفِذّْهَا ولَكَ مِنَ اللهِ جَلِيّْلِ الأَجّْرِ عَظِيّْمْ.

إِذّْهَبّْ إِلى رَئِيْسِ الجَمّْهُوْرِيَّةِ الحَليّْمْ.

وَ عَرِجّْ عَلَى رَئِيْسِ الوزَرَاءِ الزَّعِيّْمْ.

و اشّْرَحّْ لَهُمَا هُمُوْمَ الشَعّْبِ الهَضِيّْمْ.

وَ أَوَّلُهَا:

مُشّْكِلَةُ الكَهّْرَبَاءِ السَّقِيّْمْ.

وَ ثَانِيْهَا:

مُشّْكِلَةُ البَطَالَةِ فَأَمّْرُهَا جَسِيّْمْ.

وَ ثَالِتُهَا:

قِلَّةُ المَدَارِسِ وانّْهَيارِ التَّعْلِيّْمْ.

وَ المَشَافِي وَضّْعُها هَزيّْلٌ رَمِيّْمْ.

وَ رَابِعُهَا:

طَفَحُ المَجَارِيْ وشِحَّةُ عَذّْبِ المَاءِ أَمّْرٌ أَليّْمْ.

وَ اذّْكُرّْ غَيّْرَهَا مِنْ أُمُوْرٍ تَجّْعَلُ المَرْءَ لَطِيّْمْ.

وَ خَامِسُهَا:

تَفَشّْيْ الفَقّْرِ بَيّْنَ الشَعّْبِ والفَقّْرُ ذَمِيّْمْ.

وَ أُوْصِيّْكَ يَا حَضّْرَةَ البَعِيّْرِ وَصِيَّةْ.

قُلّْ لِفَخَامَةِ الرُّؤَسَاءِ قَوّْلاً يُرْضِيْ الرَّعِيَّةْ.  

عَسَى أَنّْ يُصّْغِيَا اليّْكَ هُمَا، وذَوي العُقُولِ الذَّكيَّةْ.

وَضّْحْ لَهُمَا مُعَانَاةَ الشَعّْبِ ذِي النَّفْسِ الأَبِيّْةْ.

وَ اشّْرَحْ لَهُمْ كُلَّ التَّفَاصِيّْلِ الخَفِيّْةْ.

أَطّْرَقَ البَعِيّْرُ إِطّْرَاقَةً عَمِيّْقَةً قَوِيَّةً شَجِيّْةْ.

وَ قَالَ:

ذِهَابِيْ لِلّْرُؤَسَاءِ لا يُغَيِّرُ شَيّْئَاً مِنَ القَضِيَّةِ.

قَالَ الحِمَارُ:

لِمَ ذَاكْ .... وأَنّْتَ صَاحِبُ الأَرْيَحِيَّةْ ؟.

قَالَ البَعِيّْرُ:

يَا سَيِّدَنَا الحِمَارُ ... الأَمّْرُ مُرْتَبِكٌ إِرْتِبَاكَ الضَحِيَّةْ.

فَالعِرَاقِيّْونَ هُمّْ مِنَ اخْتَارُوا الدِّيْمُقّْرَاطِيّْةْ.

فَأَوّْقَعُوا أَنّْفُسَهُمّْ فِي شَرِّ رَزِيَّةْ.

فَحَكَمَ النَّاسَ النَّطِيْحَةُ والسَّقِيْمَةُ والمُتَرَدِيَةْ.

وَ أَغّْلَبُ النَّاسِ تَسُودُهُمّْ جَاهِلِيَّةْ.

أَحْزَابٌ لا حَيَاءَ لَهُمّْ ولا فِيْهِمّْ خَيّْرُ طَوِيَّةْ.

فَالأَمّْرُ سَوَاءٌ إِذا ذَهَبّْنَا لِلرُؤَسَاءِ أَو لِلبَلَدِيّْةْ.

فَالعِرَاقُ صَارَ غَنيْمَةٌ لَهُمّْ سَمَوّْهَا مُحَاصَصَاتِيّْةْ.

وَ ضَاعَ النَّاسُ وَهُمّْ الأَكثَرِيَةُ والغاَلِبِيّْةْ.

 بَيّْنَ مُرْتَشٍ وسَارِقٍ ومُتَاجِرٍ بالقَضِيّْةْ.

فَحَلَّتّْ بِالنَّاسِ كَارِثَةٌ مُدَمِّرَةٌ جَلِيّْةْ.

فَأَنَا وأَنّْتَ والنَّاسُ فِي ذِيْ البِلادِ سَوِيّْةْ.

 ***

مَقَامَةُ

مُحَمَّدُ جَوَادُ سُنّْبَهْ.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم