صحيفة المثقف

جدلية حياة الإنسان بين التقدم والتخلف

بدر الدين شيخ رشيدمقاربات بسيطة بين رؤي الفرق الإسلامية

الحياة دائما  صراع بين إتجاهين إتجاه تقدمي وأخر رجعي. وهذان الاتجاهان بدءا منذ ان بدء الإنسان حياته على هذا الكوكب الارضي . وهو صراع داير في فلك اسباب ونوامسي السنن الكونية، لا يحابي إحدا دون الآخر فمن اخذ اسباب التقدم يرقي ويصنع الحضارات ومن  تخلي عنها تخلف عن الركب  وعاش  في مؤخرات الأمم.

هذا، وفي اطار ابجديات قواعد الفكر الاسلامي في حياة الانسان من حيث التقدم والتأخر من خلال رؤى الفرق الاسلامية ،هناك حركات  تقدمية  واخري  رجعية، بناء علي  استجابة الإنسان معطيات سنن الكون الالهية.

فالعتزلة والشيعة الامامية هما حركات تقدمية، بينما الأشاعرة والحنابلة تعتبران حركات رجعية. إذ أن كل من قدم العقل علي النص عند التعارض بينهما فهو تقدمي واالعكس رجعي. علما بأن هناك اختلاف بسيط بين الامامية والمعتزلة حول دور العقل بين الاطلاق والتقييد.

إن مفهوم  التقدمي والرجعي يظهر من خلال تفسير حركة التطور بعد رحيل النبي صلى الله عليه وسلم الي الرفيق الأعلي.

الإمامية ومن نحى نحوهم يرون بأن حركة التطور بعد النبي صلى الله عله  وسلم قابلة للتطور نحو الصعود الي الأحسن. وذلك  بتوظيف وظائف الإمامية، لأن الإمامة إمتداد للنبوة وذلك لاستكمال وظائف الرسالة النبوية بعد إنقطاع الوحي بموت النبي صلى الله علي وسلم.

ومن وظايف النبي صلى الله عليه وسلمي كما ذكر في القرآن الكريم تتمثل قوله تعالي:

"هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانون من قبل لفي ضلال مبين"

وكقوله تعالي: "وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم"

وقوله تعالي: "لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"

وقوله:"  وإنك لعلي خلق عظيم"

وقوله:" لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق "

وهناك عشرات من الأيات الي تبين وظائف النبي صلى الله عليه وسلم في  شأن الرسالة.

كما اشير بوظائف الرسالة المحمدية بإيجار قوله صلى الله عليه وسلم:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"

ومن هنا يقدم العالم نحو الصعود الي الاحسن لا الي التدني نحو الأسوء.

هذا، بخلاف حركات الرجعية المتمثلة بالأشاعرة والحنابلة بناء على تفسيرهم حول عجلة حياة الإنسان بعد النبي صلى الله عليه وسلم من أنها تتحرك  وتسير نحو الأسفل  والأسوء.

وهناك أثر يستدلون بها" ما من زمان إلا والذي بعده أشر".

وإنطلاقا من هذا التفسير يرون بأ العالم دائما ينحدر نحو الأسوء.

لكن إذا نظرنا هذا التفسير نجد أن منشؤه ومرجعه كان فكرة أنشأت الدولة الأموية من خلال زرع فكرة الجبر والإرجاء المثبطة على قدرة الإنسان في تطوير الحياة. عكس الإختيار للإنسان بأفعاله وأنه حر.

وكان الشيخ محمد الغزالي من علماء المعاصرين الذين فندوا فكرة" أن كل زمان متأخر أسوء ممن قبله" مستدلا بأثر أخرى"  مثل أمتي مثل المطر  لا يدرى أولها خير أم أخرها"

وهناك منعطفان خطيران أثرت علي عدم تأسيس الفكر الإسلامي الحر التقدمي في العالم الإسلامي حتى استغل هذا  الفراغ أخيرا الحركات العلمانية والإشتراكية في القرن العشرين في كافة أقطار العالم الإسلامي.

المنعطف الأول: كان محاربة الأمويين والعباسيين أهل  بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كانوا أقرب الناس الي فهم روح الإسلام .

المنعطف الثاني: كان ترك الإمام الأشعري فكر الإعتزال الذي تبني بها نحو أربعين سنة  وتبنيه علي مذهب أحمد بن حنبل كما صرح بذلك في مؤلفاته.

علاوة علي ذلك إقصاء ومحارية مذهب الإعتزال الذي  تبني به الخليفة العباسية المأمون في أرساء قواعده وتطبيقه وجعله مذهب الدولة في مجلات الحياة الفكرة وغيرها.

 

د. بدر  الدين شيخ رشيح إبراهيم.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم