صحيفة المثقف

شركات العلاقات العامة العالمية وأهميتها في إستقرار الحكومات

نبيل احمد الاميريحرص عددٌ كبيرٌ من الدول على التعاقد مع شركات العلاقات العامة، تسهيلًا للتواصل بين حكوماتها وصناع القرار داخل الدولي، وذلك من أجل الحفاظ على صورة الدولة، وإدارة سمعتها الدولية من ناحيةٍ ثانية.

إن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه شركات العلاقات العامة هو:

- إدارة المعلومات

- محاولة بناء الصور

من خلال التأثير في الرأي العام المحلي والدولي، وتحريكه، من خلال استهداف العقول والقلوب، وبناء علاقات إيجابية مع الجماهير، وذلك في سبيل تحسين صورة عملائها.

وبعبارةٍ أخرى .. تتعدد أدوار تلك الشركات لتشمل :

- صناعة الصورة

- تشكيل العقول

- تغيير الخطابين السياسي والإعلامي السائدين، على نحوٍ يؤثر في الأحزاب السياسية والمرشحين الرئاسيين، والحكومات، ومؤسسات القطاع العام، المنخرطين جميعهم في التأثير على العملية السياسية أو المخرجات السياسية.

وانطلاقًا من هذا الهدف تسعى تلك الشركات إلى الضغط على دوائر صنع القرار الدولي، على نحوٍ يَحُولُ دون اتخاذ أي قرار أو إقرار أي تشريع لا يتفق ومصالح الدول المتعاقدة معها. ولا يتأتى ذلك دون الدعاية والترويج السياسي والإعلامي لتلك الدول، وتحسين صورتها لدى صناع القرار في المنظمات والاجتماعات الدولية.

وتنبع أهمية تلك الشركات من قدرتها على تغيير قواعد اللعبة، وإدارة الأزمات، وتغيير الأفكار السائدة، وجذب المستثمرين من خلال نشر رواية الدولة عن مختلف الأحداث.

وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف؛ تدير تلك الشركات عددًا من الملفات الشائكة والقضايا رفيعة المستوى، وتعمل على رصد وجمع البيانات عن تلك القضايا، وتحديد الأطراف الفاعلة أصحاب المصالح ذوي التأثير، بهدف عرض وجهات نظر أخرى عن القضية الواحدة.

وتلعب تلك الشركات دورًا بارزًا في "إدارة المعلومات"، و"إدارة الإعلام"، من خلال إيضاح بعض المعلومات الهامة أو بعض الوثائق الضرورية، وذلك للسيطرة على الأجندة الإعلامية. وبهذا المعنى، قد تتحول تلك الشركات إلى ممارسة دور "جماعات الضغط"، من خلال حشد وتعبئة أطياف متباينة من الإعلاميين البارزين والمؤثرين في مختلف وسائل الإعلام، من: مجلات، وراديو، وتلفزيون؛ للسيطرة على تدفق المعلومات في وسائل الإعلام، ومن ثم على الرأي العام. فضلا عن استضافتها كبار الشخصيات الأجنبية، وترتيب زيارتهم، بهدف خلق منابر مباشرة للتواصل مع مختلف مراكز صنع القرار داخل المنظومة الدولية، وكذلك وسائل الإعلام، والمسئولين التنفيذيين، والخبراء. ومن الجدير بالذكر أن تأثير تلك الشركات يمتد ليصل إلى الحكومات الأجنبية.

وتتواصل تلك الشركات مع عددٍ من الشخصيات الدولية البارزة، والقيادات السياسية الدولية، مثل المراكز البحثية والستراتيجية والقانونية، ومنظمات المجتمع المدني غير الهادفة للربح المعنية بالشفافية والنزاهة، وكذا أعضاء البرلمانات في الدول ذات التأثير الواضح في القرار الدولي، وأبرز الشخصيات الدينية من كافة الأديان، والمؤسسات العامة والخاصة.

تتباين شركات العلاقات العامة فيما بينها، وكذلك في طبيعة عملائها، لتشمل الدول والحكومات والشخصيات السياسية والمالية، والعلامات التجارية، وشركات التكنولوجيا، والشركات الصحية، والأفراد رفيعي المستوى من مديري الشركات العمااقة، وغيرها. وكما يتعدد عملاؤها، تتعدد مجالات اهتماماتها لتشمل قضايا :

- السياسات العامة

- التكنولوجيا

- الجمال

- الترفيه

- التجارة والصناعة.. إلخ.

يواجه عمل شركات العلاقات العامة عدد من المعوقات والتحديات، يتمثل أولها في صعوبة تغيير الصور الذهنية التي ظلت عالقة في الأذهان لسنوات طويلة، ذلك أن بناء تلك الصور استغرق بطبيعة الحال أعواماً عدة، من خلال عمليات تراكمية ممتدة. ومن ثم يعتمد نجاح أو فشل تلك الشركات في القيام بالدور المنوط بها على طبيعة المجتمع ومدى انفتاحه وقدرته على تقبل أفكار جديدة، على نحو يرتهن بالمناخ الثقافي والخطاب السياسي السائدين .

ويشير ثانيها إلى التباين في فعالية الاستراتيجيات المستخدمة من قبل تلك الشركات من حالة إلى أخرى، فما يصلح لدولة او حكومة او شخصية او شركة ما قد لا يكون صالحاً بالضرورة لغيرها، فضلا عن تزايد التكلفة المالية للتعاقد مع تلك الشركات، على نحو يقدر بملايين بل ومليارات الدولارات .

ولا يمكن إغفال أن التعاقد مع إحدى شركات العلاقات العامة يحتم على الدول الإبقاء عليه، وأن تلك الصورة رهن بطبيعة وحجم ونشاط الشركة التي يتم التعاقد معها، فعادةً ما يتضاءل تأثير الشركات صغيرة الحجم، قليلة الخبرة، ضئيلة الميزانية، التي قد لا تمتلك الموارد الكافية واللازمة للحملات الدعائية.

وأخيرًا، تتطلب الدعاية والترويج لدولة او حكومة او شخص ما معرفة شركات العلاقات العامة مسبقًا، بمختلف أوضاع الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، على نحو يتجاوز فكرة ترجمة المحتوى المطلوب الترويج له، وصولًا لقولبته في قوالب تلائم الدول المستهدفة، وهو الأمر الذي لا تملك بعض الشركات الوقت أو الخبرة الكافية له.

وختاماً إن الدور السياسي الذي تضطلع به عدد من شركات العلاقات العامة، ليس حكرًا بطبيعة الحال على البُعد المعلوماتي القاصر على إتاحة المعلومات للجمهور المستهدف، وإن تبنته معظم شركات العلاقات العامة عمومًا، ذلك أن الدور السياسي لها ما هو إلا نتاج لعملية منظمة هدفها السعي الهادف والدؤوب للتواصل والتأثير والانخراط مع نخبة أو جمهور مستهدف، تحقيقًا لأهداف الدول السياسية. ولعل اعتماد الدول على تلك الشركات قد يعد ضرورة بحتة دفاعًا عن مصالح الدولة القومية من جانب، ولمواجهة تأثير جماعات الضغط من جانب آخر.

 

رؤية لـ / د. نبيل أحمد الأمير

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم