صحيفة المثقف

من ينقذ كوردستان من محنتها؟

عماد عليهناك تقييمات ودراسات للوضع الحالي لاقليم كوردستان بشكل خاص، واكثر النتائج المتوفرة لدى المتطلع لما هي عليه كوردستان بشكل عام وما تنتجه المعادلات التي تضم عوامل تربط الاجزاء مع بعضها ومن ثم الحلول المتجزءة لكل منها ومن ثم الطريقة المختلفة للوصول الى الحل في كل جزء، ان امثر المتابعين والمقيمين يؤكدون على ان هذه المرحلة خطرة ووصلت الحال لافراد الشعب بان يصيبوا بخيبة امل لم يلمسها او يراها من قبل اي جيل من الاجيال  الشعب الوردي التي حاولت التحرر وقادت الثورات المتتالية. فاليأس وصل الى قعر قاعدة المجتمع وافراد الشعب اصيبوا بما لم يصب به الشعب حتى ابان النكسة الكبيرة لثورة ايلول والفشل الذي اصيب به القيادة حينئذ وهوت الثورة خلال ليلة وضحاها. على الرغم من انه كان فشلا فوقيا ولم يكن في حينه الياس قد وصل الى القاعدة بل هم من اصروا على ادامة الثورة ولم تسمع القيادة بل انكسرت ارادتهم.

اليوم قد وصلت الحال الى الازمة الخانقة المختلفة الاوجه ولم يبق الحل بايدي من يدير الدفة بل الاخطاء المتراكمة التي ارتكبوها جراء تعاملهم مع  الاحداث في الماضي القريب وما اخلطوا به طموحاتهم الشخصية والحزبية مع استراتيجيات العمل القيادي غير المعلوم لديهم ولم يحسبوا لمستقبل الامة الكوردية ولا يحذروا من كيد الاعداء وبالاخص الدول المحتلة لاراضي كوردستان الكبرى وفي مقدمتهم تركيا وهي العدو اللدود الاول والاكبر للشعب الكوردي ولم يدع وسيلة والا استخدمها لخدع القيادة الكوردية، وبعدما اثبت اقليم كوردستان على ضعه المستقر بعد سقوط الدكتاتورية البعثية  وثبتت بعض من حقوقه في الدستور العراقي الدائم لم يبق امام تركيا امرا سياسيا مباشرا كي تدخل من خلاله لاداء ما ينوي تنفيذه باستراتيجية ماكرة الا واتجهت الى الاقتصاد كي تغل به ايدي القيادة الكوردية ولم تدع منفذا للخلاص النهائي الا وجعله تحت رحمته كي تكون هية الامر الناهي في نهاية الامر.

اليوم اختلط الحابل بالنابل عند السلطة الكوردستانية وهي وقعت في الافخاخ الكثيرة التي نصبتها لها تركيا قبل الاخرين، وفي مقدمة تلك  الحبائل والحيل ما خدعهم باتفاقية مبهمة لمدة خمسين عاما لم يعلم بها احد وهي بعيدة عن الشفافية ولم تحسب فيها مصلحة الشعب، ولم يستفد منها الا النظام التركي وبنى عليها الكثير، والشروط التي فرضتها اردوغان على القادة الكورد السذج جعلتهم تابعين معلقي الارجل بالخيوط الملتفة حول اعناقهم قبل ايايجهم ومن اغلال سياسية مرتبطة بتلك الاتفاقية الاقتصادية غير المتكافئة وما تبيّن فيما بعد بانهم الخاسرون فقط، اضافة الى ما يذهب من الدخل المادي للجعبة التركية من خلال تنفيذ هذه الاتفاقية غير الشرعية وغير المتوازنة بين القوي والصعيف المهزوم فكرا وعقلا وارادة.

وهذا ما جعل القادة الكورد خانعين للنظام التركي ولم يقدروا على التحرك في اتجاه الخلاص من الازمات التي اوقعوا انفسهم فيها، وعندما جاء وقت الحسم ابان عملية الاستفتاء تبينت نية تركيا واردوغان قبل غيره وشف الامر علنا عندما هدد الكورد بانه يخنقهم اقتصاديا وهم لم يردوا عليه بكلمة وابقوا صم بكم لا ينطقون حتى اليوم ولازال يديم من سيطرته عليهم من كافة الجوانب.

الازمات المتلاحقة وفي مقدمتها الاقتصادية الخانقة لحياة الشعب، هي من صنع ايادي القادة الفاسدين والاحزاب العشائرية العائلية الغاشمة التي اوقعت نفسها تحت رحمة من يتحايل عليهم من قبل ووثقوا به دون اي تفكير او تحليل للواقع المرير الموجود على الارضية التي اجبرتهم على الوقوع بين فوهة النمر المفترس في اللحظات الحرجة. والمتضرر الوحيد هو الشعب المسكين المضحي.

الواقع السياسي في تراجع دائم ويومي، المعنويات العامة للشعب في تراخي وفي ادنى مستوى لها منذ عقود مضت،الاقتصاد في ازمة والتضخم مستمر والحالة المعيشية للناس البسطاء في ادنى مستوى لها، وكل شيء في تراجع تربويا وعلميا واجتماعيا.

و السؤال الذي يطرح يوميا هو ماهو الحل ومن هو المنقذ وكيف؟ للاجابة عن هذا يحتاج الى تقييم  الوضع بكل علمية ودقة ومن تحديد اسباب المشاكل يمكن طرح البديل وطريقة تنفيذ الخطط او المنقذ الذي يُعتقد ان يكون بيده الحل الواقعي المجدي .

لا يمكن الاعتماد على هذه القيادة وان كانت هي التي خلقت المشكلة وربما لتدني معرفتها لادارة الكيان او دون اي دراية اوغير متقصد ومن اجل  لمصلحتها الخاصة او الحزبية، فلا يمكن ان تكون هي من يمكنه ان حله هو لانها لا يمكن ان تتنازل عن مصلحتها مهما كانت الضغوطات. وان كانت المشكلة عويصة ولا يمكن ايجاد منفذ للخروج بشكل سلس فيجب ان يعلم الجميع قبل اي شيء فلا يمكن ان يجده هؤلاء باي شكل كان، الا ان العقلاء موجودون ولا يمكن ان نعتقد بان الشعب قد خلا منهم، ولكن من يمكنه ان ينبري اليوم ويقول ها انذا؟ هناك شخصيات علمية عقلانية متزنة بعيدة  عن المعمعة السياسية الاقتصادية التي انتجتها هذه العقول المتدنية التفكير والمستوى والذكاء والموهبة. هؤلاء  المتميزون لازالوا في الهوامش ولا يُعتمد عليهم في ادارة البلد لكونهم غير حزبيين او انهم عرفوا ما نصل اليه منذ بداية ظهور المشاكل والصراعات الدامية بين الاحزاب المتنفذة الفاسدة والقيادات اصحاب النفوذ المطلقة التي تعمل وفق مزاجها ومصاتلحها فقط ودون اي اعتبار لاي موهبة وعقلية وامكانية موجودة عند الشعب الكوردي.

فتاريحنا غني بمن كان له الفضل في التحرر وخروج حتى  الامم الاخرى من محنهم، واننا لا يمكن ان لا نجد لدى النخبة من له القدرة على التخطيط والتنفيذ والخروج من الازمة  الحالية المعقدة واخراج الشعب الكوردي منها كالشعرة من العجين، ولكن هل يسمح هؤلاء المتنفذين الذين هم اسباب ما يحدث وما يجري وما اوقعوا به الشعب في هذا الوحل، فهذا يقع على الشعب ان يختار ما يدع هؤلاء المتسلطين حتى اليوم في الهامش كي يعمل الماهر الذكي .

فنحتاج لفلسفة واقعية وحراك ومخاض شعبي وانبثاق من يمكنه ان يدير بالتي هي الاحسن، ويتوقف هذا على الثقافة العامة وعصارة الفكر الجمعي وتوجهات الشعب وتقييمهم لمن هو القادر على الحل. فالمجتمع يتمتع بالصفات الكثيرة ولديه من القدوة والجهابذة التي يمكن الاستناد على امكانياتهم وتسليمهم راية الخروج من المشاكل وتجاوز العقبات الصعبة التي اوجدتها هذه القيادة والمتحايلين عليهم من اعداء الشعب بعد ان تمكنوا منهم وبعقليتهم واوقعوهم فيما هم فيه وورطوا الشعب الكوردي معهم ايضا.

اننا نحتاج لقائد متعدد المواهب الذكي المتمكن ويتميز بصفات موثوقة بها ولها القدرة على بيان الخطط وكيفية الخروج من المنفذ الذي يمكن ان يجده بين كل تلك التراكمات والترسبات التي تسببت في تجمعها ووقوفها امام التقدم هذه القيادة المافيوية الفاسدة. اننا نحتاج لحراك شعب كبير يمكن ان تنتج في نهاية مطافها انعطافة سياسية وينبثق منها قيادة شعبية واقعية عاقلة يمكن ان يدير الاقليم وينقده من حاله الميؤوسة منها حتى اليوم.

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم