صحيفة المثقف

عناصر المعرفة الانسانية.. هل أدركها المفسرون؟

عبد الجبار العبيديحدد العلماء عناصر المعرفة الانسانية في عناصر محددة، هي: الحق والباطل، الغيب والشهادة، السمع والبصر الفؤاد، القلب، العقل والفكر، البشر والانسان. وهي العناصر الاساسية المكونة للحياة الانسانية على الأرض، والتي جاء ذكرها في الكتب المقدسة أختصارا وتفصيلا. وسنحاول في هذا الموضوع ان نعطي وجهة نظرنا فيها لعلنا نوفق في الشرح والتفصيل للوقوف على الهنات التي أغفلها فقهاء التفسير جهلاً بها، وشرحهم لها وفق متطلبات عصرورهم المعرفية. وبما أن المعرفة تدخل ضمن نظرية التطور الزمني لذا سوف نحاورها لعلنا نسعف ما تجاهلوه الفقهاء ليس قصدا ولكن جهلاً بها..

ولنبدأ بكلمة الحق:

يعرف الحق بأنه الوجود الموضوعي المادي خارج الوعي الانساني، وقد عبر عنه القرآن الكريم بقوله: (وقالت يا أبتِ هذا تأويُل رُؤيايَ من قبل قد جعلها ربي حقاً يوسف 100). والقرآن عبر عن الحق بمصطلحين هما (الله) وهو الوجود الموضوعي خارج الفكر الانساني وليس من نتاجه بقوله: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعونه من دونه الباطل وان الله هو العلي الكبير، الحج62). وهو كذلك ليس وجوده مثل وجود الأشياء الاخرى بقوله: (ليس كمثله شيْ، الشورى 11). وهذا ما تصوره العقل العربي قبل الاسلام حين قالوا: ان الاصنام تقربنا زلفى الى الله الحق. أما الوجود الآلهي فقد عبر عنه القرآن، بالصفات التالية:

- لا تنطبق عليه قوانين الجدل للانسان والكون (ليس كمثله شيء).

- ينفرد بالأحادية في الكيف والكم (قل هو الله أحد).

- خالً من التناقضات، لأن وجوده الأحادي لا يحتوي على التناقضات في ذاته، وبالتالي فهو منزه عن الفساد والتغير(الهلاك) - لقوله: (كل ُ شيء هالك الا وجهُهُ).

- لا تنطبق عليه معادلة الزمان، لان الزمان والمكان بمفهومه الحالي هو من صفات المادة الثنائية المتغيرة لقوله: (هو الأول - والأخر والظاهر والباطن، الحديد 3).

وأذا استعرضنا الكتاب فلا نرى أسماء الله الحسنى معطوفة على بعضها الا في هذه الاية للدلالة على عدم أنطباق معادلة الزمان على الله. لذا فان الفكر الالحادي من وجهة نظر القرآن هو من نتاج الفكر الانساني وهو موقف مثالي بحت.

أما المصطلح الثاني للحق، فهي كلمات الله والتي هي عين الموجودات المخلوقة: (قوله الحق، الانعام73). ويقول: (ويحق ُالله الحق بكلماته ولو كره المجرمون، يونس82). والآيات القرآنية تطرح قولا ان الوجود المادي الكوني خارج الوعي الانساني هو حقيقة وليست وهماً كما يعتقد بعض اصحاب الديانات الاخرى.. و كما في قوله: (وما خلقنا السموات والارض وما بينهما الا بالحق وان الساعة لآتية فأصفح الصفح الجميل، الحجر 85). وبذلك تكون السماوات والارض وما بينهما هي مخلوقات موضوعية مادية.. لها وجود خارج الوعي الانساني، وهذا ما اثبتته الأكتشافات الفضائية اليوم – نشرة مؤسسة ناسا الدولية- لاستعماله كلمة الحق مجرورة بالباء (بالحق) اي أنها مخلوقة بكلماته.

أما حين أستعمل كلمة الحق في أم الكتاب كقوله: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق، الانعام 151)، تأكيدية لا زمة التطبيق.. وقوله: (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، الحج40) هنا استعمل القرآن كلمة الحق لتحقيق مفهومين أساسيين هما: الصدق والعدالة، لأنهما لايدخلان في أبواب الوهم، لأن العدالة لا تتحقق الا اذا جاءت منسجمة لامتعارضة مع قوانين الوجود، وكذلك الصدق لا يدخل في قوانين الوهملأنه حدي.. لذا قال تعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا، الاسراء 81). ولم يقل جاء الصواب وذهب الخطأ. فالحق بالمنطق القرآني المقدس تقريري آلزامي لا يحق لأاحد من الناس أختراقه بحجة التبرير الزماني او المكاني، لأن آيات الحق كلها آيات حدية ألزامية التطبيق. ومن يتعدى عليها فقد خرج عن الحق الشرعي للوجود الانساني وحسبه عند الله كبيرا. ويتكلف الحاكم الشرعي بتطبيق هذا الأمر الملزم نصاً وروحاً. ولا ندري كيف يخترقه الحاكم اليوم. بحجة مقتضيات السياسة..

أما الباطل:

فقد أستعمل القرآن المصطلح للدلالة على الوهم والتصور الوهمي، كما في عبادة العرب للأصنام، حين اعتبرها موقفأ باطلا لا خطئأ مقصودا لذا قال: (ويمحُ الله الباطل ويحق الحق بكلماته..، الشورى 24). كذلك استعمله بمفهوم الحلال والحرام في السلوك الانساني لقوله: (ان كثيرا من الاحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل، التوبة 34)، هنا استعملت كلمة الباطل لأستخدامها من قبل الاحبار والرهبان بتصورات وهمية كأنهم وسطاء الله في الارض وماهم بوسطاء لجهلهم بالرسالة. لذا قال عنهم أنهم باطلون، وهو تصور قرآني رائع لا مثيل له.

من هذا يتبين لنا ان الوجود الموضوعي المادي خارج الوعي هو وجود حقيقي لا وهمي تصوري، وقد سبق وجود الانسان ككائناً حياً عاقلاً، لذا فالمعرفة هي معرفة الوجود على ما هو عليه، ويبدو ان لاشيء حسب التصور الرباني موجودا بغير الوجود المادي لكنه مدرك وغير مدرك. فالفراغ بين الارض والسماء مادي لكنه غير مدرك كالروح والملائكة، وهذه هي التي نسميها بالقدرة الربانية الخارقة.. لذا فقبول الباطل مرفوضا في كل الشرائع الدينية والأنسانية.

الشهادة والغيب لغةً:

هوًتستر الشيء عن العيون والقياس عليه. والشهادة هو حضور وعلم، والمُشهد محضر الناس. من هنا يتبين لنا ان الغيب والشهادة هما مفهومان ماديان بحت كما ورد في الكتاب، فالغيب لا يعني بالمفهوم القرآني ما يعرف بما وراء الطبيعة كما في الفلسفة الانسانية، وأنما هوحصول حدث ما أثناءغياب الشخص المعني. ويعبر القرآن عن هذا التأكيد حول مادار بين يوسف وأمرأة العزيز بقوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنهُ، يوسف52). ان القصص القرآنية كلها غيب بالنسبة للنبي(ص) رغم كونها أحداث مادية وانسانية حدثت عبر عن ذلك الزمن،  بقوله تعالى: (فلنقص عليهم بعلم وما كنا غائبين، الاعراف 7). ولكي يؤكد باليقين انها أشياء واحداث مادية قال تعالى: (ان الله عالم غيب السموات والارض أنه عليم بذات الصدور، فاطر38، ولقوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً الا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسني السوء ان أنا الا نذير وبشير لقومً يؤمنون، الاعراف 188.)، فالرسول (ص) هنا لايعلم الغيب وتنطبق هذا الاقوال المادية كلها على الاحداث التي نقلها القرآن للنبي رغم غيابها عنه. كقصة الطوفان ومريم وغيرها.

وبقيت نقطة لابد من ذكرها وهي ما تخص(مفاتيح الغيب) التي وردت في الكتاب، وهي مجموعة من القوانين أذا عرفها الانسان اصبح كامل المعرفة كما في قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحد، الجن 26). ولم يسمح الله بها الا للانبياء او الرسل ليمزهم عن الاخرين في قيادة المعرفة لكنها دون المطلقية، لان المطلقية لله وحده. كقوله تعالى: (الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا، الجن27). ومفاتيح الغيب وردت في القرآن وهي خمسة لا يعلمها الا هو لقوله تعالى: (ان الله عندهُ علمُ الساعةِ وينزل الغيثَ ويعلمُ ما في الارحامِ وما تدري نفسُ ما تكسبُ غداً وما تدري نفسُ بأي أرضٍ تموت ان الله عليم خبير، لقمان 34). ان المكتشفات الحديثة التي توصلت الى معرفة مافي الارحام والتنبوآت الجوية بالمطر والاعاصير ماهي الا نتيجة حتمية لاعطاء الانسان بعض المعارف الدنيوية التي تمكنه من تفعيل الادراك والتعلم باساليب مختلفة توصل لعلم جديد مكتشف كما في علوم الاجنة والتنبؤات الجوية بأرادته، لقوله تعالى: (وعلم الانسان مالم يعلم). لذا فالشهادة في الآية 4 من سورة النور بحق الزنا ملزمة ولا يحق لأحد أختراقها بعاطفة ابداً.

اما الشهادة الحضورية فتعني مفهوم الحضور والعلم بالمفهوم القرآني وليس الحضور بالمفهوم الانساني لذا قال الحق: (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، هود 103). وهنا يوم مشهود تعني الحضور المباشر للناس في هذا اليوم، ويقصد يوم القيامة لا المعرفة النظرية فقط. مقاصد كثيرة جات بالقرآن لم يذكرها المفسرون لجهلهم بها.. الا يحق لنا القول اليوم برفض التفسير الحالي واستبداله بفقه جديد خدمة لأمة تسير وفق خط التوقف والأنهيار الحضاري.

السمع والبصر والفؤاد

لقد جاءت الالفاظ الثلاثة (السمع والبصر والفؤاد) مجتمعة في عدة أماكن في الكتاب كقوله تعالى: (ولا تقفُ ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا، الأسراء 36). نلاحظ في الآية الكريمة كيف ربط بين السمع والبصر والفؤاد، فالسمع وظيفة الاذن، والبصر وظيفة العين، نستنتج ان وظيفة الفؤاد وظيفة لعضو وليس عضواً، فالفؤاد هو الأدراك الناتج عن طريق الحواس مباشرة وعلى رأس هذه الحواس السمع والبصرة لأن التفكير الانساني بدأ بهما. لذا عندما رمت أم موسى ولدها في اليم بيدها ورأت ذلك بأم عينيها أصبح فؤادها اي الاحساس عندها فارغا لقوله تعالى(وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً)، القصص10). لكن الاحساس عندها جعلها تكون في موقف الامتعاض والنفرة منه، لذا قال تعالى: (ان كادت لتبدي به، القصص10) اي تُدافع عن عمل لا يرضاها. لذا نرى ان بداية الوحي للرسول هي بداية فؤادية ليثبت ما سمع وما أبصر من جبريل لقوله: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا، الفرقان 32).

هنا ذكر الفرقان في مجال التنزيل وهو البلاغ المبين، ولوجاء دفعة واحدة من الله لوقع الرسول(ص) في الشك بين الوهم والحقيقة، لذا فأن البداية كانت بداية احساس القناعة والثقة بالذي جاء اليه(ص) من الله وما هو الا صوتاً وصورة ثبت فيها القناعة. وهنا نفهم شروط الشهادة التي اراد الله لها التثبيت بكونها فؤادية بصوت وصورة لتلافي التزوير، وهذا الذي يطرحه القرآن كان نظرية جديدة لم يألفها عالم الانسان في حينه. والملاحظ ان الآية 78 في سورة النحل تؤكد ان الانسان يولد بلا معلومات وان الحواس الثلاثة هي بداي المعلومات كقوله تعالى: (الله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والبصر والأفئدة لعلكم تشكرون). وهنا كانت بداية التفكير الانساني وعزله عن عالم الحيوان، لان الفؤاد هو بداية المرحلة الاولى للتفكير، من هنا جاء التكريم لبني آدم بالفكر ووليس بشيء أخر ثم توالت عليه عمليات التكريم بقوله: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ام هل تستوي الظلمات والنور)، وقوله: (وكرمنا بني آدم..)..

فهل يحق لحاكم او مسئول ان يقتل مفكرا دون ذنب جناه كما هم اليوم.. كلهم لم يفهموا النص ولا تأويله لذا تجاسروا على العلماء والمفكرين..

القلب:

لقد أطلق الكتاب مصطلح القلب وهو عضو يعتبر من أنبل الأعضاء في الجسم، هو المخ فسماه بالقلب، وهو مركز الفكر والارادة، لقوله تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فأنها لا تعمي الابصار ولكنها تعمي القلوب التي في الصدور، الحج46). هنا في هذا الوصف القرآني العظيم لا يعني بالقلب عضلة ضخ الدم، لأنه القاسم المشترك بين الانس والجان، وقد أكد الزمخشري في الكشاف م 3 ص167 ان القلوب هي مراكز العقول.

وآيات الكتاب جاءت لتحوي كلمة القلب بهذا المعنى لقوله تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لأانفضوا من حولك، آل عمران159). هنا ذكر الباري عز وجل ناحيتين مهمتين في الانسان، الأولى الفظاظة في الطبع والثانية بلادة الذهن والغباء، لذا فكان القصد القرآني واضحا بأن الرسول(ص) كان فطناً وذكياً والفطنة والذكاء من صفات النبوة. ويقول تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها، محمد24). والتدبر كما نعرف أنه الصفة الانسانية والقرآن بحاجة الى التدبر، لذا قال الحق: وعلى قلوب أقفالها. وهكذا اشار القرآن الى هذا العضو الانساني المكرم بالعقل والتفكر.

العقل والفكر

كلمة العقل جاءت في اللسان العربي من عقل اي(الربط والشد) وهو نقيض الجهل، والفكر في اللسان العربي يعني (الفك) ويعني التفتح والأنفراج. وهكذا نرى ان الفكر والعقل صفتان متتامتان، فالفكر يفك أي يحلل الاشياء بعضها عن بعض والعقل يكامل ويركب عناصر الاشياء بعضها الى بعض ليصدر حكما ًيتعلق بالوجود المادي الموضوعي أو بالسلوك الاجتماعي الاخلاقي. الذي هو بداية أنسانية الأنسان. لذا فأن..

الفكر والفؤاد والعقل من سمات الانسان وهي نفخة الروح التي ارتبطت بنشأة اللغة في القرآن لتعطي معانٍ متشابه في القول والعمل.

البشر والانسان:

فرق بين البشر والانسان كما وردا في القرآن الكريم. لقد ورد مصطلح البشرفي الكتاب ليعبر عن الوجود الفيزيولوجي لكائن حي له صفة الحياة كبقية المخلوقات الحية، ويبدو ان ظهور هذا الانسان البشري الاول قد تزامن مع ظهور الأنعام لقوله تعالى: (خلقكم من نفسٍ واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الانعام ثمان..... الزمر6). ان الخلق للبشركان تقديرًا قبل التنفيذ، لذا قال تعالى للملائكة: (أني خالق بشرا، فهذا يعني ان البشر لم يظهر بعد لذا أتبعها بقوله: (فأذا سويته ونفخت فيه من روحي قوموا له ساجدين الحجر 29). لذا فان البشر كان منتشراً في الأرض قبل الأنسنة، والتاريخ القديم يخبرنا بأن الانسان الاول كان بشراً متوحشا في الغابات لا يختلف عن الانعام في عيشه وحياته منذ آلاف السنين، وانسان "النايتدرال" مثالاً الذي وجد قبل أكثر من ستة آلاف سنة قبل آدم؟.، ففي هذه الحاله هو الشكل المادي الحيوي الفيزيولوجي الظاهري للانسان، حيث ان الانسان هو كائن بشري مستأنس غير مستوحش(أجتماعي). والايات القرآنية التي ذكر بها هذا البشر المستأنس كما في قوله تعالى: (قالت ربِ أنى يكونُ لي ولدُ ولم يمسسني بشر، آل عمران 47). وهذا الايحاء هو للجنس البشري المختلف عن البشر الاول.

كذلك هنا اختلاف في الايحاء كما في وحي النحل: (وأوحى ربك الى النحل ان أتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر وما يعرشون، 68). والنحل ليس ببشر أو أنسان،، وانما هنا جاء بمثابة الألهام والهداية والارشاد للنحل ان تتخذ من الجبال بيوتاً تأوي اليها، النحل. ومن الشجر لتقتات عليها، لأنها حشرة نافعة للانسان، لذا اراد حمايتها حتى لا يدخل الخلل في بيوتها وحتى تكون منتجة لما يستفيد منه الانسان، وهذا نوع من التكريم للبشر أجمعين. والنحلة مخلوق غير متطور). أما الايحاء للبشر هو غير الايحاء للحيوان، لانه أيحاء مدرك أعطى للبشر الوعي والادراك. وبالوعي والادراك اصبح البشر انسانا حين منحه الله قانون عدم التناقض اي اعطاه بداية المعرفة بين الدال والمدلول فنقله الى عالم التجريد، ومن هنا كانت بداية الأنسنة فأصبح آدم ابو الانسان وليس ابو البشر. من هنا اعطي آدم أداة التفكير واداة الاتصال في اللغة، وقانون عدم التناقض في الفكر ويتجسد قوله تعالى: (اني أعلمُ ما لا تعلمون، البقرة 30). وتابع الانسان بعد ذلك مسيرته الجبارة حتى وصل الى ما هو عليه الآن. فآدم هو ابوالانسنة وليس ابو البشرية، وبين البشر الغير المدرك والبعيد عن ربط الظواهر الطبيعية والانسان المدرك لربط الظواهر الطبيعية فرق كبير.

نحن لا نعيب على الفقهاء ورجال الدين تقصيرهم في التفسير القرآني لانهم وجدوا في زمن المعرفة المحدودة جدا بما أراده الله للناس جميعا من علوم وتقنيات ومعارف وحرية في الرأي والمنطق دون تمييز او تفريق. فهل يدركون اليوم علة الخطأ ويعترفون، وعلينا ان ندرك ان المعرفة الأنسانية في تطور مستمر حسب نظرية الصيرورة الزمنية.. فلا نبقي القديم على قدمة محتجين بالنص دون تآويل.. فالاعتراف هو سيد الموقف لنعيد للاسلام منهجيته وعدله وصدقيته للعالمين.. وليس لصنع دولة.. لأن الدين يصنع استقامة وعدل ولا يصنع دولة؟ أم نبقى نتفرج خوفاً على أنفسنا من سياط الجلادين. هذا ما امرنا الله .. وأمرتنا الاستقامة به أجمعين

 

د. عبد الجبار العبيدي

.................

* أنظر الكتاب والقرآن.. للاستاذ الدكتور محمد شحرور.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم